عبدالنبي مصلوحي
قال أحدهم قبل يومين، وهو دبلوماسي جزائري في تصريح صحافي بوهران أن ” الجزائر تتوقع هيجانا جديدا للمغرب ..الذي سيبحث عن مسببات جديدة للتحامل علينا وعلى فرنسا أيضا” هذا كل شيء لأن وزير الخارجية الفرنسي عبر عن رضاه عن العلاقات مع بلده، ولأن وزيري خارجية البلدين ترأسا اشغال لجنة اقتصادية مشتركة بوهران، وحضره بضعة مسؤولين لبعض المؤسسات الاقتصادية، هذا الأمر اعتبره الأخ الدبلوماسي الذي الذي لم تذكره المصادر الإعلامية التي أوردت تصريحه حتى بالإسم فتحا مبينا. إنه فعلا الحقد الذي يعمي البصائر التي هي في القلوب، وهو عمى أصعب من عمى الابصار، حيث يتلف العقل ويقلب التوازنات النفسية رأسا على عقب، فما علاقة كذا بكذا…ففرنسا دولة كبرى تربطها علاقات مع الجزائر والمغرب، و مع غيرهما من الدول جنوب المتوسط، ومثلما تربطها مع المغرب اتفاقيات شراكة في مجالات معينة، تربطها مع الجزائر وغيرها كذلك شراكات..ومنطق تضخيم الذات الذي قرأ انطلاقا منه هذا الدبلوماسي الجزائري النكرة هذا الاجتماع الفرنسي الجزائري، أوحى له كذلك بأن فرنسا بجلوسها الى جانب الجزائر في هذا الاجتماع الذي يأتي في سياق سعيها لتحقيق مصالحها الاقتصادية والإستراتيجية، اختارت أخيرا الشريك المناسب بعيدا عن اللعب على الحبلين، في إشارة مبطنة الى المغرب باعتباره الشريك الأول لفرنسا في المنطقة المغاربية.
يبدو أن الاشقاء في الجزائر لا تعجبهم حتى العلاقات الطيبة التي تربطنا مع الدول الكبرى مثل فرنسا، وهذا راجع بالأساس الى مرض آخر، إسمه تضخيم الذات، وإن كانت هذه الذات أصغر من أن ينفخ فيها بهذه الكيفية المبالغ فيها.
إن بعض مسؤولي الجزائر وبعض أبواقها الإعلامية، أصيبوا فعلا بعمى الغيرة التي لا علاج لها، حيث لم يعد لهم في من شغل غير المغرب، فكل شيء بالنسبة لهؤلاء داخل الجزائر، لا يعد إنجازا ما لم يتم إقحام المغرب فيه، متناسين ان هذا الوباء ( وباء الغيرة) يعميهم عن رؤية الكثير من الحقائق الواقعية التي يجب الانتباه اليها داخل بلدهم، مثلما يعمي بصائرهم عن إدراك أبعاد ما تتضمنه الكثير من التقارير الإقليمية والدولية حول مستقبل هذا البلد النفطي.
فالجزائر التي اعتبرها المسؤول اكتشافا عظيما لفرنسا، يمكن أن تشكل صحبتها محورا تدور في فلكه إفريقيا، يضعها آخر تقرير للمنظمة الاستشارية الامريكية Political Instability Task Force في المرتبة 29 ضمن لائحة أربعين دولة مهددة بانقلاب في الحكم، وهو تقرير أعده المحلل السياسي الأمريكي جيفري أولفيلدر الذي توقع قبل سنة وقوع انقلاب عسكري في بوركينافاسو، والمثير في هذا التقرير هو أن ليبيا التي تعيش على وقع التطاحنات توجد في وضعية أحسن بإدراجها في الموقع 36 في قائمة التقرير.
كذلك أن الحالة الاقتصادية التي توجد عليها الجزائر التي يرى الدبلوماسي المذكور أن رضى فرنسا على بلاده سيزعج المغرب، تعتبر حسب تقرير للبنك الافريقي للتنمية الأضعف في شمال افريقيا رغم النفط والغاز.