احمد العلمي
أكد إدريس شحتان ان ما قامت به اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر بشان تقديمها خلال لقائها نهاية الأسبوع الماضي مع وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد تقييما شاملا للوضعية الحالية لقطاع الصحافة والنشر واقتراح الإجراءات الهادفة إلى دعم أسس تنظيمه داخل أجل لا يتجاوز 9 أشهر تبتدئ من تاريخ تعيين أعضائها، ياتي طبقا للمادة 4 من القانون رقم 15.23 المتعلق بإحداث اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، والتي تنص على خلاصات عملها للحكومة بعد مرور 9 أشهر على تنصيبها.
وأضاف رئيس الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين أنه حان وقت إصلاح قطاع الصحافة بشكل جذري كما طالبنا بذلك في الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين، إصلاحا جذريا يتجاوز الإصلاحات الترقيعية التي ظلت مرتبطة بهذا القطاع منذ زمن بعيد، ولا يمكن أن نسفه ما حققته مختلف الأطراف من نقابة ودولة وناشرين ومختلف الفاعلين في المجال، من مكاسب لإعادة هيكلة قطاع الإعلام وتقوية موقعه، لكن بحكم المسؤوليات الثقيلة والمهام الكبرى التي انخرطت فيها البلاد خلال العقدين الأخيرين، معلنا انه لم يعد ممكنا اليوم اللجوء إلى أنصاف الحلول لتقوية موقع الصحافة لتقوم بالدور المنوط بها أخلاقيا ومهنيا اتجاه مجتمعها ووطنها.
وقال شحتان في الصدد ذاته، لا بأس من اعادة التذكير بالمداخل الأساسية التي نراها ضرورية في الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين لإصلاح شأن إعلامنا، وفي مقدمتها أولا التقنين، أكبر قطاع يدافع عن روح القوانين، ولا تنظم القوانين ممارساته في العديد من شؤونه الحيوية، لذلك نعتبر أن مطلب التأطير القانوني لكل ما يتعلق بمهنة الصحافة أولوية حاسمة ومدخلا ضروريا لدمقرطة الإعلام، لا بد من إعادة تطوير قانون الولوج إلى المهنة، بحيث لا تصبح مهنة من لا مهنة له، يمارسها من لم يخط سطرا واحدا أو مقالا في جريدة أو من صدت في وجهه كل الأبواب ولم يجد إلا باب الصحافة يدفعه بعنف ويقتحمه متعسفا على كل القوانين.. كما نحتاج يضيف أن نحدد اليوم من هو الصحافي، ومن يحق له ممارسة مهنة الصحافة، وأن نحدد شروطا صارمة تحمي المهنة من العبث، لأن امتلاء الساحة بغير المهنيين يخلق فوضى كبرى في الصحافة، حيث تنتعش الكثير من الطفيليات وأشكال الفساد في مهنة نبيلة.
وعلل شحتان رأيه انه بالأمس كان لدينا معهد لتكوين الصحافيين أو معهدان وكان لدينا صحافيون مهنيون كثيرون، الآن نمت معاهد كثيرة للتكوين الصحافي لكن قل الصحافيون المهنيون، ما يفرض التدخل العاجل للحد من هذا العبث، وتحديد قوانين صارمة للحد من فوضى الدكاكين التي تخرج أشباه الصحافيين، بحيث أصبح بعضهم يكتري شقة مفروشة لتكوين كل شيء إلا الصحافيين ويوزع دبلومات التخرج بلا حسيب ولا رقيب، والعديد منهم لم يكتب حرفا واحدا في الصحافة أصبح مديرا لمعهد تكوين الصحافيين ، زد على ذلك مهازل بيع الدبلومات بلا حضور ولا امتحانات ولا تكوين.. ولا يمكن أن نتقدم بقطاع الصحافة في غياب قوانين تؤطر عمل هذه المؤسسات التي يجب أن تخضع للمراقبة الصارمة، لأن جزء كبيرا منها تأتي بالكثير من المصائب من بطائق الصحافة إلى ضعف مستوى تكوين الصحافيين الحاملين للدبلومات الصحافية..
كما اعتبر ان البعد الهيكلي في أي إصلاح للحقل الإعلامي، يتمثل أساسا في خلق نموذج إيجابي للمقاولة الصحافية ينص على الحد الأدنى الذي بدونه لا يمكن الاستثمار في الحقل الصحافي ولا خلق بيئة سليمة لاشتغال الصحافيين مع ضمان حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية، ويضيف انه لا يكفي أن يكون لك حاسوب وآلة تسجيل وكاميرا وحجزت لتقول إن لديك مقاولة إعلامية، بحيث يعد هذا من بين أسباب الفوضى والمرض الذي تأتي منه كل المصائب من رشوة وفساد وبيع الذمم والاستهتار بحقوق الصحافيين وضرب كرامتهم وهو ما يمس بمصداقية الصحافة لدى الرأي العام ولدى مختلف الفاعلين.
كما يجب دعم المؤسسات القوية المؤثرة التي تتوفر على المقومات الضرورية للمقاولة الصحافية، لأن ما ينتظرنا من مهام في الداخل كما في الخارج، يقتضي صحافة قوية تقوم بمهامها الإعلامية والوطنية، ومساعدة المقاولات المتوسطة الصغرى الجادة على إعادة هيكلة ذاتها من أجل التحول نحو مقاولات قوية لا تهضم حقوق الصحافيين وتخلق بيئة إعلامية جيدة وظروف عمل مريحة تشجع على الإبداع وتحرر طاقات الصحافيات والصحافيين.
الى ذلك يرى شحتان ان بعد تخليق المهنة، يقتضي تحصين المهنة من الدخلاء والمفسدين، سن ميثاق أخلاقي وتطوير ما تمت مراكمته في هذا الباب، لتجويد مهنة الصحافة، هناك بعد آخر ضروري ويتمثل في أنه إذا كنا لا ننكر مختلف الأجيال التي قدمت الكثير إلى مهنة الصحافة بالمغرب، فإن الوقت حان لتسليم المشعل لجيل جديد من الطاقات الكفـأة، لتبدع وتبرز طاقاتها، اذ صار من المؤكد ان تمنح الفرصة للطاقات الشابة كي تصير على في مناصب المسؤولية في مختلف المؤسسات، بتطوير تجاربه وإغناء الحقل الصحافي برؤى وإبداعات جديدة، فقطاع الصحاقة الوطني في حاجة إلى التغيير كما باقي مناحي الحياة السياسية والاقتصادية وفي باقي المسؤوليات.. وبدون هذه المداخل نرى أن قطاع الصحافة لن ينجح في تجاوز تعثراته ولا في القيام بوظائفه النبيلة على أحسن وجه.