بين الفيضانات والحفلات: كيف تعكس البرجوازية عدم الاكتراث بالمآسي؟
المنعطف 24/ متابعة
في عالم تبدو سماؤه متجهمة، حيث تسقط الأمطار وتدمر الفيضانات، نجد أن سلوى أخنوش، زوجة رئيس الحكومة المغربية، قد قررت أن تضيء الأضواء بدلاً من الشموع. في وقت يسعى فيه المغاربة جاهدين للتعامل مع كارثة طبيعية أودت بحياة العشرات، اختارت سلوى أن تستضيف الفنان المصري محمد رمضان لحفل كبير يتغنى فيه بأغانيه الصاخبة في “موروكو مول” بالدار البيضاء. وكأن وجهات النظر السياسية والاجتماعية هي مجرد دمى تُلعب بها في مسرح فخامة.
بينما يُحصى الضحايا المأساويون ويُحتفى بأرواحهم في لحظات من الحزن، تتراقص النخبة تحت أضواء المنصة. سلوى، التي يُفترض بها كممثلة لعائلة حاكمة أن تشعر بمعاناة الشعب، تسير في طريق مُزخرف بألوان الرفاهية. لم لا؟ الصراخ والعويل ليسا مناسبتين بالنسبة لمن يحتفلون بحياتهم المليئة بالرفاه. في هذه اللحظة، يبدو أن حفلات “البرجوازيين” تعكس رؤية مفرطة في التفاؤل، أو ربما قلة الوعي.
يبدو أن النخب السياسية تستنشق هواء الترف بينما يُجاهد المواطنون للنجاة في قراهم المدمرة. المأساة تعني شيئًا مختلفًا وفقًا لمصادر الدخل والامتيازات. فبينما تُحرق الأخلاق وتتلاشى مشاعر إنسانية، تظل سلوى وأصدقاؤها يحتفلون كما لو كانوا في عوالم مختلفة. أو ربما هم فعلاً في كوكب منفصل، حيث لا مكان للأحزان.
من المثير للسخرية أن تحتفل البرجوازية وسط الدمار. هذا يعني أن ما يحدث خارج قوس النصر ليس سوى خلفية لمشاهد حياة الفخامة. يُظهر هذا الانفصال بين النخبة والشعب كيف يمكن للمعاناة أن تصبح جزءًا من السرد اليومي، بينما تتلاشى الأحزان في عولمة المسرح.
الآن، دعونا نتأمل في تلك اللحظة الساحرة عندما تمتلئ أرصفة الدار البيضاء بحشود من المدعوين الذين يأتون للاحتفال، في حين يقف البعض الآخر مغتربًا عن الأحداث التي تضرب البلاد. هل سمعتم بسخرية الحياة؟ إنها تجسد نفسها في هؤلاء الذين يرقصون بينما يتم فقدان الأرواح.
المفارقة هنا هي أن الفقر ليس مجرد عدد أو إحصائيات، بل هو قصة إنسانية تُشعرك بالألم. لكن، للأثرياء، لا تتجاوز هذه المشاهد حدود التسلية. يُظهر نمط الحياة هذه أن وجود الفقر يمكن أن يكون مدعاة للضحك، ولعبة تُلعب في عالم من الذهب والنقود. ما أجمله من سخرية! هنا يجب أن نتساءل: هل فعلاً يتمتع أولئك الذين يعيشون في القصور بالقدرة على الإحساس بمعاناة الآخرين؟
وبينما لم يتلقَ المغاربة التعزية أو الدعم الذي يستحقونه، تأتي حفلات الفخامة لتنوِّع الألوان الزاهية في زمانٍ يُفترض أن يكون رمزًا للحزن. في عالم السلطة، لا تهم الأرواح، بل الأضواء. لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يتمتع الفنانون بفرصة الترفيه عن أنفسهم وإلهاء الجماهير عن الكوارث الحقيقية.
في النهاية، يجسد الحفل في “موروكو مول” قمة الابتذال. بينما يقف أولئك الذين يتحملون الألم غير مسموعين، تُظهر البرجوازية كيف يمكن للعالم أن يُتصور من منظور حفل زفاف، حيث تُحاط السعادة بألوان السخرية. وفي ختام حديثنا، نترك أسئلة ملحة: هل سنبقى نعيش في أفلامٍ من الفرح، بينما يموت الناس من حولنا؟ أم أن البرجوازية ستستفيق يومًا ما لتدرك أن المأساة ليست بعيدة عن الحدائق العامة التي تتراقص فيها؟
وهكذا، يبقى الساخرون في زاوية ينتظرون، وسط رقص الأرواح المفقودة، في مكانٍ لا ينسى أن ينور بألوان الذهب بينما تُغمر القرى بالماء.
