عامل آسفي يبرع في توزيع أدوار حاملي النعوش، بينما الأحياء ليسو ضمن اهتماماته
متابعة: عبد العزيز الخطابي
في عام 2025، يبدو أن الحياة في آسفي قد توقفت عند محطة واحدة: مصلحة الموتى. بينما يسعى معظمنا للحياة، تجد أن الحكومة المحلية تتألق في تنظيم مراسيم الدفن، وكأنها تعتقد أن الأحياء مجرد إضافات غير ضرورية في المشهد. وكأننا في مسلسل درامي تُكتب فيه الحلقات طبقًا لرغبات الموتى، بينما تُرك الأحياء في زوايا النسيان.
السيد عامل إقليم آسفي، هنا يمتلك موهبة خاصة في إدارة شؤون الموتى، وكأنه مخرج فني لمسرحية مستدامة حيث يتقن توزيع الأدوار بين حاملي النعوش. لكن، ماذا عن الأحياء الذين يحتاجون إلى العناية والدعم؟ عذرًا، يبدو أن هذا ليس ضمن قائمة المهام. من رعاية المصابين إلى معالجة المشكلات الصحية، تظل هذه الأمور على هامش القائمة، بينما تُعتبر لحظات الوداع هي الحدث الأهم!
وبينما نجول في هذه الدائرة المفرغة، نسأل: من المسؤول عن هذه الكارثة التي تعصف بالمدينة؟ من كان وراء هذه الفوضى، ومن سيتحمل تكاليف الخسائر المادية التي أضعفت أهل آسفي، الذين يُكافحون يوميًا لتأمين لقمة عيشهم؟ يبدو أن الجميع يلعبون برؤوس الأحياء وكأنهم قطع شطرنج، بينما يشتعل الوضع من حولهم.
يُذكرني ذلك بعبارة تلقاها مني والدي في مرحلة الطفولة: “أبكي عليّ وأنا حي، ولا تبكي عليّ وأنا ميت.”يبدو أن الفهم العميق للحياة في هذه المدينة قد ابتعد ليُصبح محض حالمة أو كذبة مؤلمة.
في زمن يُفترض أن تكون فيه العناية بالصحة على القائمة الأولى، نجد أن التفكير في الأحياء قد أصبح من الماضي. وكأنهم مجرد مشاهد في مسرحية عن “عنفوان الحياة” التي تُحركها أقدار مجهولة. أما الأموات، لهم أشعة النجومية بلا منازع، يتلقون الاحترام الذي لا يُمنح إلا بعد فوات الأوان.
استمرارية هذه الحالة تطرح سؤالًا مريرًا: هل سنشهد يومًا يحصل فيه الأحياء على تلك الأولوية، أم سنبقى محبوسين في قفص من الموتى، نقدّم لهم التحيات والاحتفاء بينما تُنفق حياتنا تحت أقدام الزمن؟ بين زحمة الخطط والمشروعات لنعي الأموات، تُركت الأحياء يتخبطون في حياة لا تُعيرهم أي اهتمام.
فيا تُرى متى ستتحمل تلك الجهات المسؤولية عن هذه الكارثة؟ متى ستُقر بأن الحياة يجب أن تأتي قبل الموت، وأن الأحياء هم الكنز الحقيقي الذي يستحق الرعاية؟ لننتظر ونرى، فربما يأتي غدًا يحمل بيده مفاجآت قد تعيدنا إلى حيث ننتمي.
