مياه الوحل تكشف أزمة الإهمال: هل نحن في دولة أم في مستنقع؟
المنعطف 24
في مشهد مأساوي، غرقت العديد من المدن المغربية في أنهار من الوحل، لتظهر وكأنها واحة من الفوضى. المطار، الذي يُفترض أن يكون بوابة العالم، تحول بدوره إلى مجرى مائي، حيث أعاد تعريف مفهوم “السفر عبر المياه”. الكارثة لم تؤدِّ فقط إلى خسائر في الأرواح، بل شملت أيضًا تدمير الممتلكات، مما يضعها على قائمة الأحداث الأليمة التي ستظل عالقة في ذاكرة المغاربة.
وفي خضم هذا الخراب، تبرز علامة استفهام كبيرة حول الإجراءات المتخذة لمواجهة هذه الكارثة. وكما هو معتاد، فإننا نشهد تأخيرات وتباينات في الاستجابة. فهل يُسمح لمؤسساتنا بالعيش في حالة من التخبط حتى تكاد تُغرقنا الأمطار؟ أم أن هناك خطة استراتيجية غامضة تجعل من تأخير الاستجابة سمة مميزة؟
المسؤولون، الذين يعتلون المنابر الإعلامية، يتحدثون عن ضرورة تحمل المسؤولية، لكن يبدو أن المسؤولية تتلاشى تحت وطأة الوحل. فهل من المعقول أن تتعطل حياتنا بسبب سياسات وإجراءات مُتأخرة تكاد تكون أشبه بالأساطير؟
في الوقت الذي تعاني فيه المدن من الانهيار، يبدو أن ردود الفعل الرسمية تُشبه برنامجًا حواريًا لطيفًا، يفتقر إلى أي فعالية. المواطن المغربي يُعاني في صمت، بينما المسؤولون يتبادلون الشكاوى والتبريرات وكأنهم في مسلسل كوميدي.
هذا الوضع يطرح تساؤلات حول جدوى الاستراتيجيات المتبعة. هل سنستمر في انتظار قافلة من الحلول عاجلة بينما تطفو أحلامنا على سطح المياه، أم حان الوقت لإعادة النظر في أولوياتنا وتوظيف الطاقة والموارد بشكل أكثر فعالية؟ تطلعاتنا في تحديث البنية التحتية وإعادة الهيكلة تتبدد في كل عاصفة، مما يجعلنا نتساءل: هل نعيش في دولة حديثة أم أننا لا نزال في عالم مترهّل يفتقر إلى الفعالية؟
ويبقى السؤال الأكبر: متى سيتقدم الاتحاد بخطوات جادة نحو التصدي لهذه الأزمات، لكي لا تُعتبر مشاكل اليوم مجرد نكتة في مسرح الحياة المغربية؟ فيما نحن ننتظر، تظل شوارعنا غارقة في الوحل، وقلوبنا تثقلها الأعباء من دون أي بارقة أمل في التغيير.
إن الوقت قد حان للتغيير، فهل ستُدرك تلك اليد التي تائها في نهر الوحل أن هناك من ينتظرها لتقوم بعملها؟
