يستعرض هذا الحوار مع عضو المكتب السياسي لحزب جبهة القوى الديمقراطية، والفاعلة الجمعوية أمينة شهاب، أوضاع مدينة الدار البيضاء الحضرية ومختلف المجهودات المبذولة للارتقاء بها سواء على مستوى البنيات التحتية الطرقية والنقل أو على مستوى التهيئة الحضرية، وخاصة منذ تعيين الوالي الجديد. واذ تؤكد أمينة شهاب ان قطع دابر فوضى احتلال الملك العمومي قد لاقى استحسان ساكنة البيضاء، فإنها بالمقابل تطالب بالعمل “على ضمان الحياة الكريمة والعمل المنظم لتلك الفئات المتضررة من عمليات الإصلاح الحضرية للنهوض بالرأسمال الاجتماعي وبالدولة الاجتماعية التي يرعاها صاحب الجلالة”. من جهة أخرى يتطرق الحوار إلى إعمال مبدأ المسؤولية والمحاسبة والذي وضع على سكته من خلال جملة من الإجراءات القانونية و القضائية…
حاورها: عبد اللطيف بوجملة
أين بلغ إصلاح البنية التحتية الطرقية والنقل مع مجيء الوالي الجديد؟
يبدو أن تعيين الوالي الجديد محمد مهيدية تم في ظرفية جد حساسة حيث تتهيأ فيها مدينة الدار البيضاء لولوج نادي المدن العالمية ونادي البنيات الطرقية BB سواء من خلال استكمال بنياتها التحتية أو لرفع تحدي تنظيم المونديال، أو من خلال العمل على التسريع في إنجاز هذه المشاريع والتي من شأنها المساعدة على تسهيل حركة السير والجولان لسائقي السيارات ومستعملي الطريق بهذه المدينة، وبالأخص مشروع كازا ترامواي الذي تقدمت أشغال بنيته التحتية بمعدل 35٪ ، في الوقت الذي تبقى فيه نسبة 62٪ من المسافة الممتدة على طول 21 كيلومترا قيد الإنجاز والمتعلقة أساسا بإنشاء منصة للسكك الحديدية تهم أشغال الحفر، وضع الأساس، والشبكات بأسفل المنصة، ومد الخطوط الحديدية، والتبليط ، وتثبيت أعمدة الخطوط الكهربائية ومحطات الركاب ومفترق الطرق، دون الحديث عن دون الحديث عن مشروع الباسواي الذي ثم الانتهاء من أشغاله وانطلاقه في خدمة البيضاويين لربط مختلف أرجاء هذه المدينة.
لقد أضحت المشاريع المبرمجة المرتبطة بالبنية التحتية تعيش على وقع ديناميكية فعالة ،بعدما كانت تعرف بعض التعثرات،حيث أولى لها الوالي الجديد اهتماما خاصا ،وأمر بتسريع وتيرة إتمام الأشغال وفتح الطرقات والمنافذ والأنفاق توخيا لتلافي الاكتظاظ والازدحام الذي تشهده عملية السير والجولان خاصة في أوقات الذروة،ناهيك عن توجيهاته الهادفة إلى التعجيل بتشغيل الحافلات ذات الجودة العالية، الشيء الذي خفف من درجة اختناق السير، وساهم في استفادة سكان مدينة الدارالبيضاء من التنقل بمختلف محطاتها بأريحية، عبروا من خلالها عن شعورهم بالاطمئنان نظرا للنجاعة في إخراج المشاريع المرتقبة إلى حيز التنفيذ.
لاحظنا تسارع عمليات تخليص الملك العمومي من الفوضى، أي تأثير لتلك العمليات؟
شرع الوالي محمد مهيدية في العمل على محاربة احتلال الملك العمومي بأبرز المحاور الطرقية، خاصة تلك المؤدية إلى وسط المدينة، الشيء الذي تفاعل معه البيضاويون بشكل إيجابي، بل شجعوا ما أقدم عليه الوالي لتنظيم وسط المدينة وتطهيره من الاحتلال العشوائي على غرار منطقة باشكو والبرنوصي، حيث كانت الفوضى عارمة، غير انه ينبغي توسيع عملية محاربة الاحتلال العشوائي للملك العمومي لتشمل مناطق أخرى كمنطقة مولاي رشيد التي تعاني بدورها من الانتشار الكبير والعشوائي للعربات المجرورة والدواب وقطع المحاور الطرقية بشكل عشوائي والرصيف من قبل الباعة المتجولين وأرباب المقاهي والمحلات التجارية.
ولا شك أيضا أن تعيين الوالي الجديد جاء في وقت جد حساس بالنسبة لمدينة الدار البيضاء، لأنها أصبحت ذات إشعاع على المستوى العالمي، وأيضا لأننا مقبلون على تنظيم المونديال وعيون العالم كلها تراقبنا، لدينا تواريخ مهمة تتطلب الإصلاح المستعجل ولا ينبغي أن نتجاوزها.
ولأن البؤر السوداء عمرت طويلا، بل باتت علامة بارزة داخل المدينة، فان ما نشهده اليوم من عمل على قدم وساق يستهدف باقي البؤر و لاسيما مشروع درب عمر الذي سيتم تحويل الجمالة.
ونظرا لاستفحال ظاهرة احتلال الملك العمومي غير المشروع خاصة من طرف الباعة المتجولين والعربات المجرورة بالدواب داخل المدار الحضري،وانتشار (الفراشة) بمختلف الطرقات والأزقة وتراميهم على الأرصفة مما يساهم في عرقلة السير على المارة والراجلين ويمس بالأمن والنظام العام وصحة وسلامة البيضاويين،وقد سهرت السلطات المحلية على التصدي له بكل قوة وحزم ونجحت في تحرير الملك العمومي على صعيد جميع عمالات المقاطعات بالدارالبيضاء ،حيث لاقت هذه العملية استحسان كافة سكان هذه المدينة رغم احتجاج بعض المستفيدين سابقاً من الباعة المتجولين والفراسة، للمطالبة بإيجاد بدائل لضمان عيشهم اليومي، و لاشك ان تحقيق هذه المطالب المشروعة، في رأيي، هي الضمانة الأساسية للقطع مع الفوضى، اذ علينا العمل على ضمان الحياة الكريمة و العمل المنظم لتلك الفئات المتضررة من عمليات الإصلاح الحضرية للنهوض بالرأسمال الاجتماعي و بالدولة الاجتماعية التي يرعاها صاحب الجلالة.
ما هو رأيك في ربط المسؤولية بالمحاسبة والذي لطالما تم إهماله بالدار البيضاء؟
اعتقد أن أبرز مثال حي، بالنسبة لربط المسؤولية بالمحاسبة، هو رفض الوالي تعيين رئيسة قسم التعمير والإسكان والممتلكات بمجلس مدينة البيضاء بسبب عدة شكايات تقدم بها منعشون عقاريون ومهندسون نظرا للتماطل الذي عرفته هذه المصلحة. غير أن هذه القاعدة الدستورية ينبغي أن تعمم لتشمل باقي المصالح والملفات سواء المعروضة على القضاء المالي والجالس او تلك التي تنتظر، أسوة بتفعيل التوصيات التي جاءت به تقارير المجلس الأعلى للحسابات في هذا الصدد.
ولان ربط المسؤولية بالمحاسبة يعتبر مبدأ دستوريا ،يرتبط بكل من أنيط به من مهام تسيير أو تدبير الشأن العام ،فقد تابعنا باهتمام تفعيل هذا المبدأ بالدارالبيضاء، اذ عمد الوالي إلى تحسيس المعنيين بضرورة تحمل مسؤولياتهم بكل( جدية ) وفقا للتوجيهات الملكية السامية،تحت طائلة اتخاذ التدابير اللازمة حيال المقصرين في أداء واجباتهم.
من بين التوجيهات التي رصدها الوالي التقصير الواضح في استخلاص ما بذمة الملتزمين من مداخيل لجماعة الدار البيضاء، الشيء الذي حذا بالوالي إلى مطالبة المصالح المعنية التابعة للجماعة إلى تكثيف الجهود من أجل تحسين مداخيلها والرفع من ميزانيها لتمكينها من إنجاز المشاريع التنموية المبرمجة.
وفيما يخص القضايا المتعلقة بالمنازعات الإدارية والقضائية ،فقد أكد محمد امهيدية على ضرورة مواكبة الملفات المعروضة أمام أنظار القضاء،وإيجاد حلول ناجعة وبديلة من خلال الاحتكام إلى الوسائل المتاحة قانونيا في هذا الإطار المتمثلة في التحكيم والسلطة القضائية.
فقط اختم جوابي على سؤالك بالإشارة لبعض مشاكل التهيئة الحضرية، والتي ينبغي بذل مجهود مضاعف لحلها، و هي التي تتعلق بالإنارة و النظافة و تراكم الأزبال و تنسيق رونق واجهات دكاكين كراج علال والشوارع المجاورة.
كيف ترين إلى دور المرأة في نهضة الدار البيضاء الآن؟
في عهد الوالي الجديد أصبحت المرأة تلعب دورا كبيرا في تحقيق التنمية المستدامة والسعي من أجل بيئة نظيفة خالية من الكربون و لا يقل دورها عن دور الرجل في إيجاد حلول التحديات المناخ ودعم الجهود من أجل مستقبل اخضر مستدام، و
ما تقوم به رئيسة جماعة الدار البيضاء دليل على هذه الحيوية، إذ برهنت على أن المرأة قادرة على تسيير وتدبير أكبر مدينة مغربية. و في اعتقادي المتواضع فان انخراط المرأة في تنمية مدينة الدار البيضاء لا يثير أي شك نظرا لعطائها الفعال ومساهمتها الناجعة في تطوير المشاريع والاستئناس بمقترحاتها وأفكارها ورغبتها في تحسين أوضاع المدينة، ولعل النشاط العلمي والمدني والجمعوي الرائد والمشهود به لنساء مدينة الدار البيضاء دليل واضح على انخراطها الواعي و الملتزم بقضايا المدينة الأساسية.