– نحن نعيش أزمة نخب.. خصوصا بعد تمكن التيار الشعبوي من فرض نفسه
– الجميع يتطلع إلى إصلاحات عميقة تُمكن من تجاوز المآزق التي يعيشها المغاربة في مجالات عديدة
يدعو الكاتب المغربي صخر المهيف إلى توسيع الثقافة السياسية في المغرب لتجاوز تأثير المفاهيم التقليدية من قبيل مفهوم القبيلة في نتائج الانتخابات، مشيرا في هذا الحوار المقتضب الذي أجرته معه المنعطف إلى أن القبيلة مثلما هي حاضرة في المجتمع حاضرة أيضا في المجتمع السياسي، ما يجعل منها معيارا حاسما في اختيار المرشحين والتصويت عليهم، بعيدا عن معايير الكفاءة والنزاهة والثقة والقدرة في تدبير الشأن العام، وقال الكاتب المغربي إن الانتخابات الجماعية والجهوية القادمة، تأتي في سياق النتائج التي أفرزها الربيع العربي، وما دخلته البلاد من تحولات وإصلاحات، وهي كذلك، تأتي في سياق انتظارات وتطلعات الشعب إلى إصلاحات عميقة تُمكن من تجاوز المآزق التي يعيشها المغاربة في مجالات عديدة، مثل الصحة، التعليم، السكن…نتابع نص الحوار:
حاوره: عبدالنبي مصلوحي
……..
*ما هي التطلعات أو الرهانات المعقودة على الانتخابات المقبلة؟
**الانتخابات القادمة تدخل في سياق آخر، يتعلق بمنعطف ما يسمى بالربيع العربي ونتائجه التي أفرزت هذه التحولات والإصلاحات التي نعاينها اليوم في المغرب..بطبيعة الحال حجم الانتظارات كبير جدا، إلا أن الإشكال الحقيقي يوجد في النخب، فنحن نعيش أزمة نخب، خصوصا بعد تمكن التيار الشعبوي من فرض نفسه في الساحة السياسية المغربية، وباتالي اعتقد أن الجميع يتطلع إلى إصلاحات عميقة تُمكن من تجاوز المآزق التي يعيشها المغاربة في مجالات عديدة، مثل الصحة، التعليم، السكن…وبكل صدق لا أنتظر إصلاحات بالشكل الذي يجب أن يكون عقب هذه الانتخابات.
*بعد كل هذه الخطوات التي تم قطعها في مجال الانتقال الديمقراطي..إلى أي حد يمكن القول أن المغرب وصل إلى مرحلة باتت فيها الانتخابات تعبر بحق عن إرادة الشعب وعن الخريطة السياسية الحقيقية؟
**أنا لا أتفق على أن المغرب قطع أشواطا معينة في مجال الانتقال الديمقراطي، فهذا الانتقال كما ورد بسؤالكم يظل كما هو متعارف عليه عالميا مشروطا بعدة عوامل، أولا هناك المحيط، فمحيط الدولة يجب أن يكون أولا ديمقراطيا وآمنا، وكل الدول التي فشلت ديمقراطيا كانت محاطة بالديكتاتوريات، نلاحظ مثلا لبنان، ومجموعة من الدول في سبعينيات القرن الماضي، لم تتمكن من تحقيق النجاح في عملية الانتقال الديموقارطي لأن محيطها كان مضطربا ولا يفكر في الديموقراطية…بخلاف دول أمريكا اللاتينية اليوم، حيث لم تعد فيها أنظمة ديكتاتورية عسكرية….لهذا اعتقد أن المغرب بعيد على القول بأنه في إطار انتقال ديمقراطي، وذلك لأسباب تتعلق أساسا بالمحيط العربي الضاغط، كذلك لا يمكن الحديث عن وجود انتقال ديمقراطي في ظل وجود عاملين، وهما سيادة الفقر والأمية..
هذا وأضيف، أنه في آخر المطاف.. الجماهير في الانتخابات بالذات لا تعرف بالتحديد مع من توجد مصالحها، ولهذا فهي لا تعرف لمن يمكن أن تصوت، ومن تساند، ما يجعل اللعب على دغدغة مشاعرها أمرا سهلا على المرشحين عبر العزف على أوتار المشاكل التي تحدثنا عنها…
والقوى اليمينية في البلاد لها إمكانيات ضخمة ومهمة، سواء اليمين الإسلامي أو اليمين الإداري التقليدي، فكل هذه الأحزاب لديها إمكانيات مالية هائلة، بشكل يجعل من صمود قوى الحداثة واليسار والديمقراطية أمامها مهمة معقدة، و لكن هذا لا يعني أن الأمور متوقفة تماما، فهناك خطوات يجب الاعتراف بها على مستوى ما تم إنجازه على المستوى المؤسساتي..ولكن كما قلت، يبقى المحيط العربي أحد أهم الإكراهات التي يمكن أن تلعب دورا كبيرا في تعقيد عملية البناء الديموقراطي في بلادنا لأننا لسنا وحدنا في العالم.
*هناك من يرى أن المناخ السياسي العام في بلادنا لا يشجع الشباب على الانخراط في العمل السياسي…ما رأيكم؟
**طبعا..نحن نلاحظ أن الحكومة السويدية يوجد بين أعضائها وزراء لا تتعدى أعمارهم 28 سنة و36 سنة، هذا في وقت توجد في بلادنا قيادات لا تفارق الكراسي إلا بعدما تموت أو تهرم وتصبح غير قادرة تماما.. هذه هي الأسباب التي تجعل القياديين يتركون كراسيهم في المسؤولية والحكم…للأسف هكذا تتجدد النخب في بلادنا…
فنحن مازلنا مطالبين بالكثير من الأمور التي تسهم في توسيع الثقافة السياسية، حيث مازال مفهوم القبيلة عاملا كبيرا يهيمن في عملية اختيار المرشحين والتصويت عليهم، القبيلة مثلما هي حاضرة في المجتمع المدني، حاضرة كذلك وبقوة في المجتمع السياسي…ولكن هذا لا يعني أن الشباب غير متابع لما يجري في الساحة السياسية، والدليل هو الحملات في مواقع التواصل الاجتماعي و التعبير عن رأيه في أي حراك، ما يمنعنا من القول أن شبابنا ليست له تطلعات أو شيء من هذا القبيل…بالعكس…لهذا أظن أنه إذا أصبحت مصلحة الوطن أو الجماعة هي الغالبة في الانتخابات، فاعتقد أن مشاركته بالتصويت والترشح ستكون مكثفة. ( * ) كاتب مغربي