احمد العلمي
كشف مرصد العمل البرلماني في بيان له ان حصيلة الدورة الخريفية للبرلمان بمجلسيه يطبعها تراجع عدد من مؤشرات الانفتاح والشفافية البرلمانية، وفق المرجعيات الدولية التي تعكسها مؤشرات الحكامة الجيدة المتعارف عليها دوليا في إطار الاتحاد الدولي للبرلمانات التي ينتمي اليها البرلمان المغربي و والشبكة العالمية لدعم الشفافية البرلمانية التي ينتمي اليها مرصد العمل البرلماني المغربي. وهو تراجع عن روح الدستور كون الاخير ألح على المقاربة التشاركية، حيث ان اليات الانفتاح على المجتمع المدني يطبعها ضعف وتردد وغياب التفاعل عكسته مجموعة من المؤشرات التي تم رصدها.
فعلى على مستوى التواصل الإداري للمؤسسة البرلمانية سجل المرصد عدم تفاعل البرلمان مع مراسلات المجتمع المدني شكلا ومضمونا ، حيث لا يكلف نفسه عناء الإجابة على مراسلات الجمعيات والاستجابة لطلبات المنظمات، خصوصا في ما يتعلق بالولوج الى المؤسسة البرلمانية أو الجانب المتعلق بالحصول على الوثائق المرتبطة بمجموعة من الأنشطة التي تهم الشأن البرلماني . كما سجل المرصد استخفاف رئاسة البرلمان بمراسلة الجمعيات المدنية لحظة إيداعها بمكتب الضبط ، اذ لا يتم تسليمها إشعار بالتوصل وهو إجراء خاص بالمراسلات الموجهة إلى رئاسة البرلمان.
اما على مستوى التعامل مع الصحافة الوطنية أضحت مساحات الانفتاح تتقلص بشكل تدريجي وتجسد ذلك بوضوح خلال مناقشة مشروع قانون المالية ، بعدما اضحى ممنوع على الصحافيين متابعة مناقشة مشروع قانون المالية داخل اللجن المختصة، في سابقة من نوعها مما يساهم في التضييق على الصحافيين من أجل ولوج المؤسسة بشكل عام.
في المقابل، سجل المرصد أن من بين الإجراءات الإيجابية التي اتخذها البرلمان لتعزيز شفافيته وحكامته، كشفه عن لائحة البرلمانيين المتغيبين تطبيقا للقانون إلا أن هذه المبادرة تحولت إلى فضيحة بعد أن تبين أن هناك مستشارين برلمانيين معتقلين في السجن نتيجة إدانتهما قضائيا وأنهما كانا يتلقيان أجريهما، بل وما يزال اسمهما يظهر ضمن لائحة البرلمانيين الغائبين، هذا في الوقت الذي يفترض فيه إسقاط العضوية عنهما احتراما للقانون. ومن مؤشرات الحكامة الجيدة أيضا بدء لجنة مراقبة المالية العمومية في العمل ومصادقتها على برنامجها السنوي الطموح الذي يهم قضايا مالية كبرى وآنية مثل صندوق التجهيز الجماعي وصندوق التضامن الاجتماعي وغيرها.
واشار المرصد في نفس السياق ان الدورة تميزت بالمصادقة، أساسا، على مشروع قانون المالية 2015 . وفي ما يخص الحصيلة الرقابية، يسجل المرصد التراجع الحاصل في تفعيل جلسات مسائلة رئيس الحكومة التي أصبحت تتعرض لتأجيلات مستمرة بشكل يمس بالتوازن بين المجلسين وبتوازن العلاقات بين السلط بشكل عام. عبر تأجيلها في عدة مناسبات من خلال إصدار بلاغات رسمية ولأسباب غير معروفة أو معقولة. وهو تراجع يكاد يكون بنيويا يضعف الطابع البرلماني للمؤسسة البرلمانية كما يضعف مؤسسة رئيس الحكومة ومسلسل التفعيل والتأويل الديمقراطي للدستور بشكل عام. والمثير أن هذا التراجع جاء نتيجة توافق بين رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي البرلمان وكل الفرق البرلمانية بحجة رسمية مفادها أن جلسات المسائلة لا يمكن أن تنعقد بسبب انشغال البرلمان بمناقشة م قانون المالية.