عبد اللطيف بوجملة جملة من القضايا التي وقف عندها تقرير الأمانة العامة لجبهة القوى الديمقراطية الموجه والمصادق عليه في الدورة الخامسة للمجلس الوطني، وعلى قائمتها الربط الاستراتيجي بين قضايا الوحدة الوطنية والبناء الديمقراطي.. ولا يخفى أن تاج هذه القضايا هي معارك الذود على السيادة الوطنية التي تبتدأ وتمر وتنتهي بمعارك البناء الديمقراطي المشرع على التنمية في كل أبعادها البشرية والمجالية والمجتمعية والايكولوجية. جدية وعقلانية ومصداقية المقترح المغربي القاضي بمنح الأقاليم الصحراوية حكما ذاتيا تحت السيادة الوطنية، ترتبط بالأفق الديمقراطي الذي يؤسس له دستور 2011، الذي ينتظر معارك كبرى لاعماله وتفعيله، لا سيما فيما يتعلق بتفعيل دسترة الجهوية بالروح الديمقراطية التي يصونها ويحميها دستور 2011. من شأن وضوح هذا الأفق الديمقراطي أن يزيد تعزيز التماسك الداخلي وأن نزيد من تقوية الجبهة الداخلية من منطلق الوحدة التي تغتني بتعددها وتعترف به، وتصون حقه في المشاركة في الحكم، أي أن يحكم ذاته بذاته، وأن يحكم بمشاركة الأغيار وبجوارهم، عبر مختلف المعادلات السياسية الممكنة من جملتها معادلة “مغربة الصحراء، والترحال بالمغرب في صحرائه، أي الاعتراف بالمغرب الصحراوي، وبخصوصياته الثقافية والاجتماعية وبتدوير نخبه على أساس التمثيلية والكفاءة، الحرية والمسؤولية. من شأن وضوح هذا الأفق، أن يمنح لهذه الجبهة الداخلية، وسائل وعدة المعارك التي تتطلبها المرحلة لا سيما أمام تزايد مناورات الخصوم وتعدد جبهاتها. ولئن كنا قد نجحنا في إبطال مفعول كرة البارود ومن إيقاف دحر “ورقة حقوق الإنسان” عبر احتضان الدورة الثانية للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان بكل انعكاساته وآثره ومآلاته وإقرارته الكونية والمدنية والحضارية، إذ أتبثنا كمغاربة، أن اختيارنا الديمقراطي لا رجعة فيه ولا مساومة عليه ولا مزايدات فيه، فإن المرحلة الراهنة والتي تتسم بتهديدات إرهابية كبرى لا قبل للعالم بها، وعدم الاستقرار الذي يتوسع على المستوى الاقليمي، سواء جنوب المتوسط أو في الشرق الأوسط أو في افريقيا، هي مرحلة أثبتت أن المغرب وبشهادة الأمم المتحدة في شخص أمينها العام، وبشهادة دول أوروبا ومخابراتها، ليس كما تدعي الجزائر وأذنابها، يدعم السلم ولا يهدده، وهو من يقعه عليه العدوان وليس العكس، إذ لم يثبت أن قام المغرب، طيلة حرب العصابات التي مورست عليه، بعمل من أعمال العدوان، بل الدفاع عن النفس، كما تقول المادة 51 من البند السابع. الآن، وبعد أن انتهى مفعول وسحر الحرب المبلسم بمال النفط، الحرب التي بوشرت فيما يتعلق بمناورة ” توسيع مهمة المينورسو لمراقبة الشؤون الداخلية للأقاليم الجنوبية للمملكة” فإن الفرصة سانحة لفضح أوهام الجزائر والبوليساريو بعد إخفاق رهانها على دفع الأمم المتحدة لوضع قضية الصحراء الغربية في البند السابع، ولتطويق الخناق على البوليساريو، علينا أن نربح حرب إقرار تعدد التمثيلية الشرعية “للشعب الصحراوي” إذ يثبت الواقع أن قوة الوحدة التي تتغنى بها البوليساريو هي وهم كبير ولا حاجة لنا بتفكيكها، فهي تتفكك من تلقائها، وعلى ما يدعي كونه الممثل الشرعي الوحيد ” للشعب الصحراوي ” أن يثبت هذا الادعاء! الفرصة سانحة أمامنا أيضا في ظل التقلبات الاقتصادية الجارية بعد اندحار أسعار البترول وعدم قدرة الجزائر على تمويل حروبها ضد الوحدة الترابية للمملكة، إذ بالإضافة إلى بيع الوهم والزيف للشعب الجزائري وللمحتجزين بمخيمات العار، فإن اشتداد الأزمة الاقتصادية على الجزائر سينعكس بطريقة مباشرة على أوضاع المحتجزين الصحراويين بالمخيمات، إذ ستتفاقم معضلات البطالة والتهريب ونهب المساعدات والتطرف، إن لم نقل أن سنة 2015 ستشكل، دون أدنى شك، سنة البؤس والجوع اللذان يتربصان ويتهددان المخيمات. وعلينا أن نستعد إلى كل الاحتمالات الممكنة سواء تعلق الأمر بفضح خيار قمع انتفاضات المخيمات القادمة الذي ستنهجه الجزائر والبوليساريو أو خيار الحرب الذي تلوح به البوليساريو، والذي يتبت أن من يهدد السلم العالمي وحقوق الإنسان هي البوليساريو والجزائر. وفي كل ذلك يعول على كل أنواع الدبلومسيات الشعبية والمدنية والشبابية والبرلمانية وعلى مجهود كل مغربي ومغربية في الفضح الإعلامي للاخفاق الجزائري والذي سيتحول دون أدنى شك، إلى مقصلة ووديان دماء بداخل المخيمات. كما يعول على هذا المجهود في تسويق سبل المغرب لإرساء اختياره الديمقراطي بصحرائه وبباقي مناطقه المختلفة.