حاوره : عبد اللطيف بوجملة
بمدينة فاس مدينة العلم والمعرفة ترعرع عبد العزيز الخطابي التي نهل منها شتى العلوم بدء من المدرسة الابتدائية والثانوية ثم الجامعية ،ولم يكن يتوقع أن يصبح من كبار علماء التنجيم والفلك ومؤسسا للتنجيم السياسي.
منذ نعومة أظافره لم يستطع عبد العزيز الخطابي أن يمنع نفسه من التفكر في ملكوت وسر روعة السماء وبفطرته السليمة كان الفتى عبد العزيز الخطابي يشعر بأن نجوم وكواكب السماء لم تخلق هكذا عبثا ، وهو يتقدم في العمر وفي المعرفة بدأ يدرك أكثر المفاهيم تعقيداً وبساطةَ في الوقت ذاته، وهي وحدة هذا الكون العظيم وتأثير كل عناصره على كل عناصره باعتبار الكون وحدة متماسكة تؤثر مكوناته وعناصره على بعضها البعض بشكل أو بآخر، وهذا هو جوهر علم التنجيم،الذي أضحى الفلكي المغربي عبد العزيز الخطابي واحد من أبرز علمائه ، بعد سنين طويلة من الدراسة والبحث داخل المغرب وخارجه .
وفي هذا الحوار يتحدث الخطابي عن أسباب مظاهر التراجع التي يشهدها المغرب سواء على المستوى الاجتماعي أو السياسي والرياضي ، ويقترح حلول مستقبلية ونصائح لتجاوز هاته الإخفاقات والرقي إلى الأمام.
– في نظرك هل تعتقد أن المغرب خطى خطوة إيجابية نحو مصاف الدول المتقدمة في العهد الجديد؟
* أعتقد أن المغرب قد نهض بفضل مشاريع ضخمة ،لكن هذه المشاريع الضخمة لم يستفد منها الشعب المغربي بل استفادت منها الدولة. ولا أعتقد بأن المغرب تقدم خطوة إلى الأمام بفضل المشاريع التي تم إطلاقها ،وحتى في مجال السكن لم توفر الدولة للمغاربة سكنا لائقا يحفظ كرامتهم ، حيث ان المواطن المغربي لا يستطيع شراء شقة إلا عن طريق الاقتراض وهذا في حد ذاته سرقة قانونية للمواطن ولا يمكن اعتبار ذلك مساعدة من الدولة إذ أن تسديد أقساط قرض السكن يمتد لأزيد من خمسة وعشرون سنة بينما نجد ان تكلفة بناء الشقة لا يتجاوز 7 ملايين و الشركة تبيعها ب25 مليون وحين يقترض المواطن من البنك تتضاعف السومة بفعل الفوائد البنكية ،فأين هي إذن مساهمة الدولة في توفير السكن اللائق للمواطنين .وهذا في حد ذاته مشكل وليس حل بالنسبة للمجتمع المغربي بقدر ما هو حل للأبناك ،ولهذا لم يتقدم المغرب بخطوة إلى الأمام في الوقت الذي تأخرنا فيه بسنوات كثيرة حيث يجب علينا أن نفكر في مشروع فكري قبل المشاريع الاستثمارية لكي نتقدم إلى الأمام ونكون في مصاف الأمم المتقدمة .
– كدارس للفلسفة و كمؤسس لعلم التنجيم السياسي ، ما هي سبل التقدم والإجراءات التي ينبغي القيام بها من طرف الدولة ؟
* أولا وقبل كل شيء يجب على المسؤولين أن يقوموا بدراسة التاريخ المغربي والسوسيولوجيا المغربية ،ويجب على الدارس أن يقوم بجمع الأرقام الصحيحة منذ نشأة الدولة المغربية إلى يومنا هذا ، ويدرس المراحل التي مرت على المغرب ،سواء ما قبل الاستعمار والمرحلة الاستعمارية ومرحلة ما بعد الاستعمار ، لكي نفهم أين كان الخلل وأين تكمن المشاكل التي وقع فيها المغرب وبالأرقام ، ومن ثم نربط الماضي بالحاضر ثم نخطط للمستقبل لأن هناك جراح كثيرة كانت في الماضي. قد تكون هذه الجراح هي التي أخرتنا كثيرا حيث لم يعالجها المسؤولين بشكل جيد بل رمموها وتركوها تتعفن ،ونحن ندرك أن الجراح حين تتعفن تعطي رائحة كريهة وهي التي نستنشقها حاليا ،لكن لدينا خيوط يمكن أن نرتكز عليها بشكل جيد ،حيث يجب علينا أن نكون أقوياء ومتفهمين أكثر لكي نستفيد من الطاقات التي تضيع في بلادنا ،لست أدري لماذا الدولة تعين أناسا لا دراية لهم بشؤون التسيير ولا وعي لهم ولا ثقافة لهم ،والخطأ أعتقد أنه لا زال قائما إلى يومنا هذا ، حين نعين مسؤولا في عدة مناصب ونقلده مثلا بمسؤولية ثم نعفيه ثم نقلده ،فلماذا نعفي ونقلد ونحن نعلم أنه غير كفؤ ،وهذا في حد ذاته خطأ ما دام أن التكليف بالمناصب تتحكم فيه اعتبارات أخرى غير الأهلية لمزاولة المسؤولية حيث هناك القرابات العائلية والزبونية والرشوة وغيرها من الاعتبارات التي ينبغي القطع معها حتى يكون لدينا مسؤولين وطنيين أكفاء ، وتكون لهم خبرة في الوطنية أولا والمسؤولية ثم المحاسبة وتكون لديه جنسية مغربية ولا يتوفر على جنسية دولة أخرى حتى يكون كامل الوطنية وغير محمي من جهة أخرى ،فأهم شيء على الدولة ان تقوم قبل تعيين الشخص عليها ان تضمن له تكوينا في التنمية البشرية ،كيف يكون مسئولا وكيف يكون وطنيا ، يجب تكوينه قبل التعيين وتدريبه على المسؤولية لمدة ستة أشهر على الأقل لكي يتعلم أول شيئ الأخلاق ثم يتعلم مفهوم الوطنية ثم يتعلم كيفية تدبير الشأن العام.
ومن هذا المنطلق قد نكون وفرنا عدة مشاكل وعدة إقالات من منصب إلى منصب ووفرنا نقودا قد نستفيد منها لقضاء مصالح أخرى.
إضافة إلى واجب الاختيار والتدقيق في تعيين من يتحمل المسؤولية يجب على الدولة، ينبغي الاهتمام بقضية التعليم لأنه محرك التنمية والشرط الأساسي للتقدم والازدهار في كل المجالات بحيث لا تقدم بدون تعليم ولا تعليم بدون تقدم ،ومن هنا ينبغي على الدولة تغيير المنهج التعليمي السائد وعليها الاعتماد على اللغة العربية كي نغير سلوكنا ولغتنا المزدوجة التي أخرتنا، ثم أن يتضمن المنهج التعليمي دراسة الأخلاق من المستوى الابتدائي إلى الإعدادي ثم دراسة اللغة العربية وآدابها والتعريف بأدبائنا ومفكرينا وفلاسفتنا وبالوطنية بمفهومها العميق وليس كشعار ، ثم ندرس من الإعدادي إلى الجامعي الفلسفة حيث يجب علينا أن ندرس الفلسفة بأسلوب جيد وبأفكار جيدة وقبل كل هذا يجب علينا أن نعلم أبناءنا الوطنية ورموز الوطنية ممن ساهموا في تأسيس الدولة المغربية . ومن ثم قد نكون خطونا الخطوة الأولى نحو التقدم.
– في المجال الرياضي أيضا شهد المغرب تراجعا كبيرا بعدما كان يحتل الصدارة على المستوي العربي والإفريقي ، ما مرد ذلك ؟
* أعتقد أن المغرب كان له دور ريادي في الميدان الرياضي وخاصة كرة القدم ،حيث كانت في فترة السبعينيات وزارة الشبيبة والرياضة وكانت الفرق الوطنية في ذلك الوقت أفضل بطولة على الصعيد الإفريقي بل كانت أقوى من البطولة الإسبانية التي يتهافت على متابعتها اليوم جل شباب العالم ، ولم يكن أحد يميز آنذاك بين الوداد والرجاء ومولودية وجدة والجيش الملكي والفتح الرباطي وغيرها من الفرق الوطنية ،اذ كانت كل الفرق متساوية وكان الفريق الوطني يتشكل من لاعبي الفرق الوطنية المحلية بحيث كنا نتوفر على ثاني أحسن حارس مرمى في العالم وهو المرحوم علال الذي كان إلى جانب باقي اللاعبين المحليين الذين كانوا يدافعون عن القميص الوطني ولا تهمهم الماديات عكس ما هو حاليا ، فهؤلاء اللاعبون كانوا وطنين يعرفون حقيقة الوطن والوطنية ،وشاركنا أول مرة في كأس العالم سنة 1970 وكان منتخبنا أول فريق عربي وإفريقي وإسلامي يشارك في كأس العالم وكان جل اللاعبين من الممارسين في البطولة الوطنية وقد شاهدت وأنا صغير أول مباراة في كأس العالم بين المغرب والمنتخب الألماني وكان المنتخب المغربي كالأسود يلعبون بحماس قوي ونضال قوي ليس من أجل المال والشهرة بل من أجل الوطنية والراية المغربية ، وكان اللاعب حمان رحمة الله عليه هو أول من سجل على ألمانيا الهدف ، لكن خسرنا بهدفين لواحد ورغم ذلك لا يهم في أول مشاركة. وفي سنة 1976 حاز المنتخب المغربي على كأس إفريقيا وحين دخلت السياسة في الكرة أصبحت الكرة عبارة عن لا شيء وتراجعت حيث أفسدتها السياسة وأصبح الهدف من الجامعة هو الاستثمار فضاعت الكرة المغربية وضاع المنتخب وأصبحنا عاجزين في كأس إفريقيا وكأس العالم مثلنا مثل المنتخب الجزائري الذي كان منتخبا قويا حقق عدة انتصارات، وكان يلعب في صفوفه لاعب شهير يدعي “بالماس” .
غير أن ما لا يعرفه الشعب المغربي أنه من الصعب علينا نحن العرب والمسلمون الفوز بكأس العالم والفيفا التي هي الجهاز المتحكم في كرة القدم بالعالم لم تترك لنا الفرص للفوز بالكأس نحن العرب والأفارقة، لأن تنظيم كأس العالم بالنسبة لهم هو عبارة عن حرب عالمية كروية كما يقول الروائي الأمريكي ” بول أوستر ” :”البلدان اليوم تخوض حروبها في ملاعب كرة القدم، بجنود يرتدون السروال القصير. والمفترض أن هذه لعبة، وأن التسلية هي هدفها. غير أن الذاكرة الخفية لتناحرات الماضي تخيم على كل مباراة، وكلما سُجّل هدف ترددت أصداء الانتصارات والهزائم القديمة “.
وهنا نحن العرب والمغاربة لم نعرف بعد معنى حرب عالمية كروية ،أولا إذا كنا نريد كأس العالم يجب علينا أن نستعمل كل المعدات الحربية والنفسية والقوة الداخلية وقراءة خصومنا حتى تعرف عدوك لا يمكن أن تكون منتخبا قويا جاهزا للفوز وقد قلت هذا منذ سنين حيث كنت أقول إذا أردنا انتزاع كأس إفريقيا أو كأس العالم علينا أن نعتمد على لاعبي البطولة المحلية والبطولة في حد ذاتها يجب أن نستثمر فيها لأن كرة القدم هي استثمار ،فالكرة ليس مجرد لعبة بل هي فلسفة تعتمد على برامج ومناهج تدريبية. وهو الشيء الذي لم يفهمه بعد القائمون على الشأن الرياضي ببلادنا ولذلك نحن نحصد الهزائم تلو الأخرى ،وخير دليل على ذلك ما عرفه المنتخب المغربي من هزيمة في كأس العالم ما قبل الأخيرة بروسيا ،حيث كنت قد توقعت وصول المنتخب الوطني للأدوار النهائية واشترطت لذلك أن تتوفر عدة ظروف وشروط إضافة إلى المهارات التي يتوفر عليها اللاعبون ،لكن المنتخب خرج من الدور الأول لأن الشروط التي تكلمت عنها لم تكن متوفرة حيث لم تتمكن الجامعة المغربية لكرة القدم من استعمال وسائل ومعدات المعركة الرياضية أمام جهاز الفيفا الذي أراد الخسارة للمغرب .ففي كرة القدم كما أقول دائما لا تكفي مهارات اللعب إنما ينبغي أن تكون هناك أساليب وآليات أخرى تستعمل خارج رقعة الملعب .