آيت خباش… حين تترك الساكنة تقاوم المناخ وحدها.
تحولت الساكنة المتحذرة من قبيلة آيت خباش، أحد فروع آيت عطا العريقة، خلال السنوات الأخيرة إلى نموذج فريد في السياحة القروية والصحراوية. نموذج لم تبنه برامج حكومية ولا مخططات مركزية، بل صنعه أبناء القبيلة بجهدهم، بمرونتهم التاريخية، وبقدرتهم على تحويل القسوة إلى فرصة.
في قلب الصحراء، حيث التغيرات المناخية تضرب بقوة، وحيث الماء شحيح، والحرارة قاسية، والحياة ليست سهلة، نجحت آيت خباش في إعادة تدوير تاريخها وعاداتها ومسارات رحلها إلى منتوج سياحي جذاب، يجلب الزوار من أوروبا وأميركا واليابان.
لكن هذا النجاح، بدل أن يكون منعطفًا نحو دعم عمومي مستحق يعزز مناعة السكان، تحول إلى حجة إضافية لتركهم وحدهم. وكأن الدولة تقول لهم ضمنيًا: حسنا، لقد تدبرتم أموركم دوننا، فاستمروا.
هكذا، ومع كل موجة جفاف، وكل عاصفة رملية، وكل ارتفاع مهول في درجات الحرارة، يجد أبناء آيت خبّاش أنفسهم في منعطف ضيق، فمن جهة نجحوا في خلق اقتصاد سياحي بديل، لكنهم ظلوا محرومين من برامج موجهة للتكيف المناخي، ومن استثمارات في الماء، والطرقات، والطاقة، والخدمات الأساسية. وكأن القدرة على الإبداع أصبحت ذريعة لإعفائهم من حقهم في التنمية.
اليوم، حين نتحدث عن التغيرات المناخية، وعن المغرب الذي يفتخر بانخراطه في الجهد الدولي لمكافحة آثارها، تبدو المفارقة صارخة، قبيلة تصنع نموذجًا عالميًا في الصمود، بينما تتأخر الحكومة في مرافقتها.
إن آيت خبّاش ليست حالة سياحية فقط، بل جرس إنذار كذلك، ذلك أن النجاح الذاتي، مهما كان مبهراً، لا يعفي الحكومة من مسؤولية رعاية المناطق الهشة. وأن ترك الناس يواجهون المناخ وحدهم هو المنعطف الأكثر ضيقًا في سياسات التنمية.