أشهرها “الديسكيس” و”الأوسكار” و”السيكليد” و”المولي” و”الدولار” و”الروكان”
حسن عين الحياة
من منا لم يتوقف، ولو قليلا، أمام أحواض أسماك الزينة، لمشاهدة عالم مصغر يكاد يحاكي مشاهد الطبيعة الحقيقية؟ ومن منا لم ينجذب، دون أن يدري، إلى “إكواريوم” ما، في محاولة لفهم أسرار أسماك تتفاعل بمنطق خاص مع أنواع أخرى من غير فصيلتها؟…
هذا الانجذاب للإنسان إلى أسماك الزينة، يحاول كثير من العلماء تفسيره، وفك شيفراته، بالنظر إلى كم الدراسات الهائل الذي أثبت تأثير مشاهدة أحواض السمك على الإنسان، خاصة وأن بعض الدراسات الحديثة خلصت إلى إمكانية العلاج بأحواض الأسماك، لتأثيرها المباشر علىالتقليل من معدل ضربات القلب، والتخفيف من ضغط الدم، والتقليل من توتر العضلات، وتعديل المزاج، وتعزيز الانتباه وغيرها من النتائج التي تعود بالنفع العميم على صحة الإنسان.
وبعيدا عن هذه الدراسات، سنحاول من خلال جولة ميدانية في أحد أشهر أسواق بيع أسماك الزينة في المغرب، حملكم في سفر خاص إلى عالم “الإكواريوم”،والغوص فيه أيضا،في محاولة لملامسة سحره، وفهم أسراره، مع الوقوف عند أنواع أسماكه ومصدرها وكيفية تربيتها… لنتابع.
“سوق العيون” الشهير ببيع أسماك الزينة
ثمة أسواق ومحلات كثيرة في أغلب المدن المغربية لبيع أسماك الزينة وأحواضها ولوازمها، لكن أشهرها وأكبرها على الإطلاق، هو “سوق العيون” في شارع محمد السادس بالدارالبيضاء.
في هذا السوق المحاذي لسوق “القريعة” الشهير، تصطف عديد المحلات المتخصصة في بيع الطيور، بما فيها النادرة، وبعض الحيوانات، كالسلاحف والقنافذ والسناجب والأرانب وفئران الهامستر، فضلا عن الدواجن بمختلف أشكالها، والبط والإوز، ناهيك عن القطط والكلاب بمختلف أنواعها.. وإلى جانب هذه الطيور والحيوانات، تزدهر تجارة أقفاصها ومواد تغذيتها وأدويتها أيضا. لكن ما يميز هذا السوق، هو وجود عديد المحلات الخاصة ببيع أسماك الزينة وأحواضها وإكسسواراتها ومعداتها ولوازمها من أجهزة التنظيف إلى الأخرى الخاصة بالتغذية والتزود بالأوكسجين. ورغم فتح هذا السوق أبوابه طيلة أيام الأسبوع، عدا الجمعة، إلا أن التجارة فيه تزدهر أكثر يوم الأحد، حيث يقبل عليه الزبناء من مختلف المدن المغربية، ضمهم تجار وأصحاب محلات في مدن أخرى، يحجون إليه للتبضع أيضا.
ومن خلال جولة قصيرة في هذا السوق صباح الأحد الماضي، والأحد الذي قبله، يبدو ألا شيء تغير مقارنة بما كان عليه السوق قبل خمس سنوات على الأقل، اللهم ارتفاع طفيف في عدد محلات بيع أسماك الزينة. ولعل ذلك يفسر ازدهار تجارة هذا النوع من الكائنات الحية.
في هذا السوق، يقبل الزبناء من مختلف الأعمار على اقتناء أسماك الزينة.. بعضهم احترف تربيتها منذ سنوات، ووجوده في السوق، يعني شيئا واحدا، هو تغذية شغفه بالجديد في عالم الأسماك، وبعضهم الآخر هواة، قادهم الشغف إلى السوق لاقتناء أحواض بأسماك خاصة للمبتدئين.
ومن خلال المعطيات التي حصلنا عليها من التجار هناك.. تنقسم أسماك الزينة إلى نوعين. الأول يعيش في المياه الباردة، والثاني ينمو في مياه دافئة. وبالتالي يوجه أصحاب المحلات المبتدئين إلى تربية أسماك النوع الأول، بالنظر إلى سهولة الاعتناء بها، عكس النوع الثاني الذي يعيش في المياه الدافئة، حيت تتطلب تربيتها دراية خاصة بكيفية التعامل معها، ومع أحواضها وطريقة تنظيفها والتعديل المتكرر لحرارة مياهها وغير ذلك من المستلزمات المتعلقة بتغذيتها وعلاجها وتهييئ الظروف لتناسلها…
سمكة “البيرانا” الشرسة في سوق العيون
في أحد المحلات، يبدو الاندهاش باديا على الطفلة “ملاك” التي اصطحبها والدها إلى سوق العيون.. كانت مشدوهة إلى حوض لأسماك “البيرانا” الشرسة، وهي تفترس بقايا سمكة أخرى.. وهذه الأسماء الأمازونية المميزة بأسنانها الحادة الأشبه بالمنشار كانت محضورة بالنظر إلى خطورتها، غير أنها موجودة في هذا السوق.
التمست ملاك من والدها اقتناء سمكتين من “البيرانا”، غير أن صاحب المحل، نصحها، بحكم أنها مبتدئة، أن تربي سمكة “الكولد فيش”، وهي سمكة مسالمة بألوان مختلفة، أبرزها البرتقالي، يمكن تربتها في حوض زجاجي دائري دونما الحاجة إلى جهاز الأوكسجين. وبحسب صاحب المحل يتأرجح ثمن “الكولد فيش” بين 15 و30 درهما.
وبعدما اقتنعت “ملاك” بنصيحة صاحب المحل، اقتنى والدها سمكتين من النوع “الذهبي” بـ30 درهما، حيث أخذ صاحب المحل كيسا بلاستيكيا وملأه من ماء الحوض، ثم أخذ شباكا بمحمل اليد، واخرج السمكتين، قبل أن يضعهما في الكيس ويحكم إغلاقه.. وبعدما سلمه إلى الطفلة، قال لها “إذا كنتِ تتوفرين على حوض زجاجي، امليه بماء الصنبور، وتركيه لبضع دقائق.. ثم خدي منه مقدار كأس من الماء وضعيه في الكيس حتى تتأقلم السمكتان مع نوعية الماء الجديد، وبعد دقائق صبي محتوى الكيس في الحوض واستمتعي”.
في هذا المحل عديد الأسماك المنزلية بأشكال وأحجام مختلفة.. فإلى جانب سمكة “البيرانا”، هناك أسماك أخرى تعيش في المياه الدافئة، ولها شغف آخر عند عشاق تربيتها.. إذ تتنوع بين المسالمة والعنيدة والشرسة والمفترسة، وأغلبها مستورد من أمريكا الجنوبية وأمريكا الوسطى والصين وماليزيا والتايلاند وإيطاليا وبعض الدول الإفريقية كملاوي.
“الديسكيس” و”الأوسكار” و”السيكليد” و”المولي” و”الدولار” أفخر أنواع أسماك الزينة
في محل مجاور، تصطف أحواض الأسماك بأشكالها المختلفة في مشهد يخطف الألباب.. بعضها فوق بعض، تضم أنواعا مختلفة من أسماك الزينة المميزة بألوانها الساحرة.. كلها من الصنف الذي يعيش في المياه الدافئة.
في أحد الأحواض، ثمة عشرات الأسماك من نوع “الروكان” الرمادي الذي يعد من أكثر الأسماك مبيعا في السوق، بالنظر إلى سعره الذي يتأرجح بين 20 و30 درهماوشكله المثير الأشبه بالقرش. وهو برغم حمله لهذا الاسم، يعتبر من الأسماك التي تحركها غريزة الخوف، لذلك، تجده دائم الحركة في الحوض.
وفي حديثنا إلى صاحب المحل، قال إن له عشرات الزبناء الأوفياء، ممن يحجون إليه كل يوم أحد، هدفهم الوحيد معرفة جديد عالم أسماك الزينة، أو اقتناء بعض المستلزمات لأحواضهم، كمواد الزينة، من أحجار وأعشاب ومحركات أو منظفات (فيلتر) أو لاقتناء مواد تغذية الأسماك.
وعن أنواع الأسماك التي تزين الأحواض في محله، قال إنها تعيش كلها في المياه الدافئة، وكل نوع يعيش وفق درجة حرارة معينة، “لذلك، ينبغي لم يريد تربية الأسماك أن يحرص على توفر حوضه على “ترموستات” لتعديل درجة حرارة المياه،ومحرار خاص لمراقبتها”، يقول صاحب المحل، ليضيف إن نوعية الأسماك في أحواضه كثيرة، ضمنها “السيكليد الإفريقي” وأصله من دولة ملاوي، وهذا النوع يعيش في مياه دافئة تصل درجة حرارتها من 20 إلى 24 درجة. كما هناك “سكالير” المميز بشكله المثلثي ولونيه الأبيض والأسود مع خطوط فضية عمودية، فضلا عن “الديسكيس” الذي يلقبه التجار بـ”ملك الأسماك”، حيث يتميز بشكله الدائري وألوانه المبهرة،فهو سمك حساس للغاية، مزاجي إلى حد الامتناع عن الأكل برغم شراهته الكبيرة، وهذا النوع هو الأغلى، حيث يصل ثمنه إلى 350 درهم بحسب شكله وحجمه وألوانه.
محمد، أحد عشاق تربية الأسماك، يقربنا أكثر من عالمه الخاص.. فقد جاء إلى السوق خصيصا لاقتناء جهاز أوكسجين وآخر خاص بالتنظيف لأحواضه. ومن خلال مراقتنا له، أخذ يعرفنا إلى أنواع الأسماك التي تعج بها الأحواض في زقاق ضيق خاص بمحلات بيع الأسماك.
وبحسب محمد، يزخر السوق بعديد الأنواع التي تضفي جمالية أكثر على الأحواض، مثل سمك “الأوسكار” الشرس، و”الكارديناليس” الحساس، و”راميريزيكلاكسي” الذي يعيش في حرارة معتدلة تتراوح بين 20 و24 درجة، وهو من أصول أميركا الجنوبية وآسيا أيضا. كما هناك سمكة “المولي” التي تعيش في حرارة بين (24 و27 درجة) وهي مستوردة من أمريكا الوسطى، حيث تتميز بلونها البرتقالي والأبيض والأسود والأبيض المرقط بالأسود، كما تعتبر من الأسماك الولودة القليلة في السوق. ناهيك عن عشرات الأنواع، والتي من أشهرها سمكة “الدولار” الفضية و”الباربي” الصغيرة، وهي سمكة تشبه في شكلها وألوانها النمر، وميزتها أنها تعيش في جماعات، ويمكن أن تتعايش مع الأسماك الشرسة.
وقال أحمد في حديثه لـ”المنعطف” إن سوق العيون شهير ببيع أسماك الزينة، لكن هناك زقاقا بحي الإدريسية المجاور له، (الإدريسية 3 الزنقة2) شهير ببيع المواد الغذائية للأسماك والحيوانات الأخرى، كما توجد به محلات خاصة أيضا ببيع الأسماك بالجملة، وبيع الأحواض ومستلزماتها، وغالبا ما يحج إليه باعة أسماك الزينة من بعض المدن المغربية لاقتناء ما يخص محلاتهم.