أحمد المرسي
لم يتأخر رد أساتذة اللغة العربية بالثانوية الإعدادية مولاي رشيد بتزنيت التابعة لأكاديمية سوس ماسة، الذين “أقحموا” تلاميذ من بوابة الامتحان الموحد لنيل شهادة السلك الإعدادي لمادة اللغة العربية ساحة الحرب في حلب السورية، على الانتقادات التي طالتهم من طرف رواد وسائل التواصل الاجتماعية وبعض المواقع الإلكترونية، وأصدروا بيانا توضيحيا مقتضبا، يمكن اعتباره عذرا أقبح من زلتهم التي تكتنفها مرامي إديولوجية وسياسية بعيدة عن مهامهم التربوية-التعليمية.
وبحسب البيان التوضيحي الذي حصلنا على نسخة منه، فالنص الذي تم “اختياره وبناؤه من طرف لجنة مكونة من أساتذة المادة” موضوع أسئلة الامتحان، وبشكل غريب، يؤكد (البيان) على أنه “يتماشى” والأهداف العامة لمنهاج اللغة العربية بالسلك الثانوي الإعدادي، ﻷنه سيمكن باعتقادهم من “إكساب” التلاميذ، رصيدا معرفيا يؤهلهم للتواصل مع نماذج ثقافية مختلفة من الفكر العربي والإنساني.
وإن كان ادعاء الأساتذة صحيحا، فالأمر يحيلنا، على أمر أعمق من النص المقتطف في الامتحان الموحد، ويضع مناهج ومقررات التدريس والذين توكل لهم مهمة مراجعة مشاريع الامتحانات الإقليمية موضع تساؤل، على اعتبار النص متشبع حد التخمة بالعنف وببشاعة ما تخلفه الحرب في سوريا، التي اختارها المشرفون كنموذج ل”يتواصل” معها تلميذ في بداية عقده الثاني دون مراعاة للجوانب النفسية والاجتماعية، بدل أقطار أخرى يسود فيها قيم التسامح والحرية وبعيدة عن التطرف والإرهاب.
وباستحضار مضمون النص المقتطف لمقال متطوع ضمن “منظمة الخوذة البيضاء للإغاثة بمجزرة حلب”، نجده إلى جانب، كونه يسرد بمرارة شديدة بشاعة الحرب في سوريا بتفاصيلها الدقيقة، فإنه يفصح عن موقف سياسي وإديولوجي واضح لأصحابها، يوحي على أن روسيا هي المسؤولة الوحيدة عن ما يحدث، بشكل يذكرنا باتهامات عبد الإله بنكيران المكلف بتشكيل الحكومة لروسيا بتدمير سوريا، وما خلفته من أزمة ديبلوماسية وضعت المغرب في موقف “محرج” مع الدب الروسي.
على هذا الأساس، يكون أساتذة اللغة العربية الذين أشرفوا على اختيار نص من مقال صحافي “مليء” بالمتفجرات والصواريخ والبراميل المتفجرة، بدل نص له ذي قيمته أدبية أو علمية وينمي قيم التسامح والسلم، قدموا عذرا أقبح من زلتهم في حق تلاميذ بإدخالهم ساحة الوغى السورية والإيحاء بمواقف إديولوجية تناصر الجماعات الإسلامية الأكثر تطرفا.