تاونات: جماعة جبابرة
السكان يلجأون لفك العزلة عن أنفسهم بإمكانيات بدائية
المنعطف 24 خاص
ليست هي المرة الأولى التي ينهض فيها السكان لفك العزلة عن أنفسهم، فهناك أمثلة عديدة على هذا السلوك الحضاري المتميز، لكن في جماعة “جبابرة” قد يختلف الأمر قليلا ربما أو كثيرا، فالسكان هناك يعتمدون بالأساس في معيشتهم على الفلاحة وتربية الدجاج والأبقار، وبعضهم كغيرهم من سكان البادية المحرومة من كل شيء، هاجروا للمدن، لأجل مواصلة العيش، ولأن الهجرة لا سبب لها إلا أمرين: عدم وجود طرق + التنمية.
وبالنسبة ل “جبابرة” منذ الاستقلال لم تستفد هذه المنطقة كغيرها من الكثير من مناطق البادية المغربية من أي شيء، خاصة تلك “البادية” التي كانت قبل 1977 محسوبة على عمالة إقليم فاس، ثم اقتطعوها من (فاس) وأنجزوا لها بناية أطلقوا عليها اسم “عمالة إقليم تاونات” لتبقى بادية جبالة والحياينة وشراكة وغيرها من القبائل معزولة عن الحضارة، لأنهم أرادوا أن تبقى “فاس” نظيفة من هذه المخلوقات البدوية، وليكون لهم “إقليم” خاص بهم، حتى لا يستفيدوا من أي ميزانية تخص فاس ونواحيها.
وفي كل ربوع هذا الإقليم لا تعثر على شيء يدعى “تنمية”.
منذ سنة 1980، تم فتح مسلك طرقي (وليس طريق) يربط بين دواوير: جبابرة العليا التابعة لجماعة جبابرة، ودواري: برارين ورضاونة التابعين لجماعة “أورتزاغ” وانتظر السكان حتى سنة 2004، ليتم ترميل هذه الطريق، ومنذ حينئذ، وهم ينتظرون إصلاح هذه الطريق وتقويتها على أقل تقدير، وقد نظم السكان احتجاجات سنتي 2016، و2018، دون أن يسمع لهم المسؤولون ركزا، وحينما يئسوا وتأكدوا أن الدولة بكل مؤسساتها، لا تعيرهم أي اهتمام، قرروا بيع الدجاج والبيض، وشمر شبابهم وشيبهم عن سواعدهم فخرجوا لبناء الطريق بسواعدهم فقط، في غياب تام للدولة والمنتخبون، وفيما يحسب دوار جبابرة العليل على جماعة جبابرة، فإن دواري: برارين ورضاونة محسوبين على جماعة أورتزاغ
لكن ما ساعد هؤلاء الناس الذين باعوا “البيض والدجاج” لشراء الأسمنت والرملة وجمع الحجارة لترميم الطريق، هو تضامن أبناء المنطقة الذين يشتغلون في وظائف متعددة، لكن ما يستوجب التوقف حقيقة، هو ذاك “المعلم الأستاذ” الذي كان يدرس هناك في التسعينيات، وحين علم أن السكان نهضوا لإصلاح الطريق بعث لهم بمساهمته المادية، بالرغم من أنه انتقل لمنطقة أخرى أفضل، لكن هذا المعلم لم ينسى كرم الناس هناك ولا فارقته طيبوبتهم فقرر بدوره المساهمة، وهو ما يؤكد أصله ومعدنه النقي، وقد تلقى السكان مساهمته المادية، مهما كانت قيمتها بفرح زاد من تشجيعهم على بذل المزيد من الجهد والعمل.
أما جماعة جبابرة كمؤسسة، فقد وعدت السكان بمدهم ببعض الأسمنت و”الرملة والكرافيط” كما وعدتهم بتمكينهم من آلة “النيبلوز” لشق الطريق ودكها، وإن كانت هذه المساهمة البسيطة متأخرة فهي تؤكد أن رئيس هذه الجماعة قرر أن يخرج من “سرب” المسؤولين المتخاذلين ومد أبناء جماعته ببعض العون والمساعدة. وهو عمل يحسب له ولفريقه بالجماعة.
مسافة هذه الطريق لا تتعدى 6 ستة كيلومترات، وقد وقعت بها حوادث سير مميتة ومؤلمة في الآونة الأخيرة، وتم الشروع في بنائها بطريقة بدائية من طرف السكان يوم الأحد 22 اكتوبر الجاري (2025)، وتوقفت الأشغال مؤقتا وقد تستأنف يوم الثلاثاء 28 اكتوبر الجاري.
سكان جبابرة حقيقة يستحقون أن يكونوا قدوة لبقية الدواوير والمناطق المهمشة بإقليم (اسمه تاونات) ليحذون حذوهم في فك العزلة عن أنفسهم، أما الدولة فلا وجود لها هناك إلا في مجالات إحصاء أنفاس الناس والتضييق عليهم ومحاولة كتم أنفاسهم.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.
المنعطف 24 خاص
ليست هي المرة الأولى التي ينهض فيها السكان لفك العزلة عن أنفسهم، فهناك أمثلة عديدة على هذا السلوك الحضاري المتميز، لكن في جماعة “جبابرة” قد يختلف الأمر قليلا ربما أو كثيرا، فالسكان هناك يعتمدون بالأساس في معيشتهم على الفلاحة وتربية الدجاج والأبقار، وبعضهم كغيرهم من سكان البادية المحرومة من كل شيء، هاجروا للمدن، لأجل مواصلة العيش، ولأن الهجرة لا سبب لها إلا أمرين: عدم وجود طرق + التنمية.
وبالنسبة ل “جبابرة” منذ الاستقلال لم تستفد هذه المنطقة كغيرها من الكثير من مناطق البادية المغربية من أي شيء، خاصة تلك “البادية” التي كانت قبل 1977 محسوبة على عمالة إقليم فاس، ثم اقتطعوها من (فاس) وأنجزوا لها بناية أطلقوا عليها اسم “عمالة إقليم تاونات” لتبقى بادية جبالة والحياينة وشراكة وغيرها من القبائل معزولة عن الحضارة، لأنهم أرادوا أن تبقى “فاس” نظيفة من هذه المخلوقات البدوية، وليكون لهم “إقليم” خاص بهم، حتى لا يستفيدوا من أي ميزانية تخص فاس ونواحيها.
وفي كل ربوع هذا الإقليم لا تعثر على شيء يدعى “تنمية”.
منذ سنة 1980، تم فتح مسلك طرقي (وليس طريق) يربط بين دواوير: جبابرة العليا التابعة لجماعة جبابرة، ودواري: برارين ورضاونة التابعين لجماعة “أورتزاغ” وانتظر السكان حتى سنة 2004، ليتم ترميل هذه الطريق، ومنذ حينئذ، وهم ينتظرون إصلاح هذه الطريق وتقويتها على أقل تقدير، وقد نظم السكان احتجاجات سنتي 2016، و2018، دون أن يسمع لهم المسؤولون ركزا، وحينما يئسوا وتأكدوا أن الدولة بكل مؤسساتها، لا تعيرهم أي اهتمام، قرروا بيع الدجاج والبيض، وشمر شبابهم وشيبهم عن سواعدهم فخرجوا لبناء الطريق بسواعدهم فقط، في غياب تام للدولة والمنتخبون، وفيما يحسب دوار جبابرة العليل على جماعة جبابرة، فإن دواري: برارين ورضاونة محسوبين على جماعة أورتزاغ
لكن ما ساعد هؤلاء الناس الذين باعوا “البيض والدجاج” لشراء الأسمنت والرملة وجمع الحجارة لترميم الطريق، هو تضامن أبناء المنطقة الذين يشتغلون في وظائف متعددة، لكن ما يستوجب التوقف حقيقة، هو ذاك “المعلم الأستاذ” الذي كان يدرس هناك في التسعينيات، وحين علم أن السكان نهضوا لإصلاح الطريق بعث لهم بمساهمته المادية، بالرغم من أنه انتقل لمنطقة أخرى أفضل، لكن هذا المعلم لم ينسى كرم الناس هناك ولا فارقته طيبوبتهم فقرر بدوره المساهمة، وهو ما يؤكد أصله ومعدنه النقي، وقد تلقى السكان مساهمته المادية، مهما كانت قيمتها بفرح زاد من تشجيعهم على بذل المزيد من الجهد والعمل.
أما جماعة جبابرة كمؤسسة، فقد وعدت السكان بمدهم ببعض الأسمنت و”الرملة والكرافيط” كما وعدتهم بتمكينهم من آلة “النيبلوز” لشق الطريق ودكها، وإن كانت هذه المساهمة البسيطة متأخرة فهي تؤكد أن رئيس هذه الجماعة قرر أن يخرج من “سرب” المسؤولين المتخاذلين ومد أبناء جماعته ببعض العون والمساعدة. وهو عمل يحسب له ولفريقه بالجماعة.
مسافة هذه الطريق لا تتعدى 6 ستة كيلومترات، وقد وقعت بها حوادث سير مميتة ومؤلمة في الآونة الأخيرة، وتم الشروع في بنائها بطريقة بدائية من طرف السكان يوم الأحد 22 اكتوبر الجاري (2025)، وتوقفت الأشغال مؤقتا وقد تستأنف يوم الثلاثاء 28 اكتوبر الجاري.
سكان جبابرة حقيقة يستحقون أن يكونوا قدوة لبقية الدواوير والمناطق المهمشة بإقليم (اسمه تاونات) ليحذون حذوهم في فك العزلة عن أنفسهم، أما الدولة فلا وجود لها هناك إلا في مجالات إحصاء أنفاس الناس والتضييق عليهم ومحاولة كتم أنفاسهم.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.
