عبدالنبي مصلوحي
بعد أيام قليلة من فضح الاستغلال البشع للبؤس في مخيمات تيندوف من قبل البوليساريو والجزائر، ضربة موجعة ثانية لهذا التحالف الذي جعل من مأساة وفقر الصحراويين في مخيمات تعود الى القرون الوسطى بالجنوب الجزائري مقاولة تجارية. وهذه المرة من قلب عاصمة الاتحاد الاوروبي، حيث وقف أعضاء برلمان الاتحاد بالصوت والصورة على تفاصيل اللعبة التي ما فتئت الجارة الجزائر تمارسها منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي عبر دمية صنعتها لهذا الغرض وسمتها”البوليساريو”، ومنحتها المأوى ومال الشعب الجزائري و الغطاء السياسي واللوجيستكي، واشترت لها بريع النفط والغاز داعمين من الجمعيات وبعض الساسة المرتزقين من الباحثين عن المشترين لأصواتهم في القضايا الخاسرة، مثل هذه القضية بالذات، حصل هذا أول أمس الأربعاء بمناسبة عرض الشريط الوثائقي “البوليساريو..هوية جبهة”، بمبادرة من النائب الأوروبي جيل بارنيو، رئيس مجموعة الصداقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي حيث أتيحت الفرصة لنواب البرلمان الأوروبي وعدد من ممثلي البعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى الاتحاد الأوروبي ومنظمات غير حكومية صحراوية تنشط في أوروبا، للوقوف بطريقة موضوعية وناجعة على الحقائق كما صنعتها الأيادي المناوئة للوحدة الترابية للمغرب، وعلى الظروف التي فبركت فيها الجزائر دمية لتوظيفها في صراع يمثل في بعده السياسي امتدادا للحرب الباردة التي انتهت مع سقوط جدار برلين.
يتضمن الفيلم الذي أخرجه حسن بوهروتي وثائق تكشف ألاعيب من اعتقدوا انهم بتمويههم للتاريخ سيظلون يحجبون تفاصيل الحقائق والأحداث الكامنة وراء خلق النواة الأولى لجبهة البوليساريو، قبل أن تتحول الى جماعة مرتزقة تحركها أيادي جنرالات العسكر الجزائري بهدف التشويش على المسيرة التنموية للمغرب، وبهدف البحث عن موطئ قدم في الجنوب تحد من خلاله من امتداد المغرب في العمق الإفريقي، مثلما تسنى للحضور تحت قبة البرلمان الأوروبي الاستماع الى شهادات، تضمنها الفيلم الوثائقي، لمؤسسين لجبهة البوليساريو، عسكريون وسياسيون التحقوا بأرض الوطن تلبية لنداء”إن الوطن غفور رحيم” الذي أطلقه المغفور له الحسن الثاني، كانت قوية ومؤثرة في فك أبجديات تأسيس الجبهة وأهدافها، شهادات تكشف بحرفية عالية عن زوايا الظل غير المكشوفة في مساحات خلق البوليساريو، ما جعل التزوير في الحقائق والادعاءات الخادعة التي يسوق لها خصوم الوحدة الترابية، تبدو مفضوحة ومكشوفة للعيان في هذا العمل الإبداعي الذي يقرب بصدق تفاصيل ملف النزاع حول الصحراء المغربية من كل متابع وباحث عن المفاصل التي تحرك هذا الملف، وتجعله مستعصيا على الطي النهائي.
كان ضمن الحضور الذي شاهد الشريط، الممثل الخاص السابق للأمين العام للأمم المتحدة الى الصحراء المغربية إيريك يانسن، قال في أول تعليق له في إطار النقاش الذي فتح، أن الشريط توفق كثيرا في تسليط الضوء على هذا النزاع الإقليمي، وقال انه كان دائما على اقتناع بأن السبيل المشرف الوحيد لحل هذه القضية هو الحكم الذاتي، مع تأكيده على فهمه الجيد لملابسات هذا النزاع، دون أن تفوته الإشارة الى التداعيات الأمنية في المنطقة لاستمرار هذا النزاع.
فهلا التقط ساسة الجزائر وعسكرها الرسائل والدروس …؟