عبدالنبي مصلوحي
في سياق قراءته لدلالات المكالمة الهاتفية التي جرت مؤخرا بين جلالة الملك محمد السادس والامين العام للأمم المتحدة، بان كيمون، قال الدكتور عبدالفتاح الفاتحي أن هذه المكالمة اثارت مخاوف جبهة البوليساريو ليس مما تدعي انحراف مسار الأمم المتحدة عن نهج الانفصال، لكن من التقارب الذي يحدث بين المغرب والأمم المتحدة على أساس محددات خيار التسوية لنزاع الصحراء على أساس توجهات قرارات الأمم المتحدة من دون أن تنحرف عن منطوقها.
ولأن إعادة تنشيط التواصل الدبلوماسي بين المغرب والأمم المتحدة بخصوص طبيعة عمل المبعوث الشخصي إلى الصحراء وممثلي بعثة المينورسو إلى الصحراء، قال الخبير المغربي في قضايا الصحراء والمغرب العربي في تصريح للمنعطف، إن ذلك يفيد بأن مساعي تسييس اختلاف المغرب والأمم المتحدة بخصوص مهام روس وبعثة المينورسو قد فشلت دون تحقيق مأمول الخصوم السياسيين للمغرب، الأمر الذي جعلهم، في رأيه، يعتبرون أن الأمم المتحدة خضعت للشروط المغربية.
وقال الفاتحي أن المكالمة الهاتفية بين جلالة الملك وكيمون جاءت لتقطع فترة صمت بين المغرب وهيئة الأمم المتحدة حول طبيعة مهام بعثة المينورسو إلى الصحراء، بين الاستمرار في ظل القرارات الأممية المؤطرة والمنشئة لها وبين خيار توسيع مهامها لتشمل قضايا حقوقية، في وقت تكيل فيه الجزائر وجبهة البوليساريو اتهامات ارتكاب المغرب لانتهاكات حقوقية في الصحراء المغربية.
مشيرا الى أن المغرب، كان قد أبدى صرامة في وجه أي ممارسة تنزاح عن مسار مخطط التسوية الأممية كما هو محدد في القرارات الأممية، ومنها تسييس مهام مسؤولي الأمم المتحدة بإدراج البعد الإنساني في شقه الحقوقي، وهو ما يكفل مستقبلا ترقية نزاع الصحراء من البند السادس إلى البند السابع حيث يتم فرض آلية للحل بناء على قناعة المجتمع الدولي.
وأوضح بذات التصريح أن جبهة البوليساريو والجزائر ظلتا تستفيدان سياسيا من هذا النوع من المخاصمة بين المغرب والأمم المتحدة، والادعاء دبلوماسيا في المنتديات الدولية بأن طلب المغرب تحديد مهام المبعوث الشخصي إلى الصحراء كريستوفر روس وممثلي بعثة المينورسو، يعد تحديا للشرعية الدولية ولقرارات الأمم المتحدة.
وعلى هذا الأساس، يؤكد عبدالفتاح الفاتحي أن إعادة تنشيط التواصل الدبلوماسي بين المغرب والأمم المتحدة حرر المغرب من ضغوط سياسية كبيرة، وفي نفس الوقت شكل مكسبا سياسيا له، حيث أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنه أخذ علما برسالة المغرب، وتعهد بحيادية مسؤولي بعثة المينورسو إلى الصحراء.
و قد خلق هذا الأمر حسب الفاتحي رجة لم تكن متوقعة بالنسبة للجزائر وجبهة البوليساريو، مما جعل الأمين العام للأخيرة محمد عبد العزيز يحذر مما أسماه انحراف الأمم المتحدة، عقب الكشف عن إجراء بان كيمون لمكالمة هاتفية مع جلالة الملك محمد السادس أعطى خلالها ضمانات أكيدة لحيادية مسؤولي الأمم المتحدة.
وقال الدكتور الفاتحي أن هذه المكالمة الهاتفية، وإن لم تكن ضمانة عملية على حيادية مسؤولي الأمم المتحدة وفقا لما تعهد به الأمين العام للأمم المتحدة، فإنها تبقى إيجابية لأنها فتحت قنوات الحوار الدبلوماسي بقوة بين المغرب والهيئة الأممية المشرفة على ملف الصحراء، وتجاوز تداعيات اتهام الخصوم المغرب بمنع المبعوث الشخصي إلى الصحراء كريستوفر روس ورئيسة بعثة المينورسو من القيام بمهامهما.
و أكد أن المغرب يملك تقييما عمليا لطريقة تدبير المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون، سجلنا فيه لا نزاهة ولا حيادية روس، بل وأثار فيه مسألة التقيد بمضمون قرارات مجلس الأمن بخصوص تدبير السيرورة الأممية لمخطط التسوية. حيث سجل المغرب على روس الكثير من الانزاحات، منها سعيه الواضح في توسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، وقد جسد ذلك صراحة في تقارير جولته إلى الصحراء، حتى شكلت أساس لتوصيات وردت في تقرير بان كيمون في التقرير الأخير حول الوضع في الصحراء.
و رأى الخبير المغربي في قضايا الصحراء والمغرب العربي أن بان كيمون وإن التزم بإعطاء ضمانات أكيدة بخصوص حيادية، وموضوعية ونزاهة مسؤولي الأمم المتحدة المكلفين بتيسير المهمة الأممية، فإنه لم يجب كتابة على طلب المغرب بتحديد طبيعة المهام التي يقوم بها مسؤولو الأمم المتحدة إلى الصحراء، مما يبقي الباب مواربا أمام تحاملات جديدة على الموقف التفاوضي المغربي من نزاع الصحراء، وقد تكلفه الكثير في تقرير الأمين العام المقبل أمام مجلس الأمن الدولي.