عبدالنبي مصلوحي
يبدو أن بعض المسؤولين في بعض الإدارات الترابية، وجدوا في خطاب ” دولة الحق والقانون”، نغمة جديدة، يكيفونها على هواهم مع سلوك السلطة، متى شاؤوا ومع من شاؤوا، كشكل من أشكال التمرد الناعم على المفهوم الجديد للسلطة، يوظفونها بمكر سلس في التلذذ ببعث رسائل تنبعث منها روائح تهريب المشاكل والمسؤوليات خارج مربعات نفوذهم.
مناسبة هذا الكلام، منح إحدى المقاطعات، وتحديدا المقاطعة الثانية بحي الرياض في مدينة بوزنيقة شرطيا شهادة تشهد أنه يسكن في منزل غادره منذ ستة أشهر، في وقت يعرف جميع الأعوان في هذه المقاطعة، كما في كل المدينة أن الشرطي المذكور لم يعد يسكن منذ ثاني غشت 2014 بهذا المنزل، وأنه نقل متاعه وأسرته إلى مسكن آخر بحي آخر و على ذمته سنتين من الكراء، لأن هذا الشرطي بسبب ما كتبت الصحافة الوطنية وما تداولته المواقع الاجتماعية حول فتوحاته العنترية و ما قام به وعائلته من أعمال تخريبية في حق ملك الغير، جعلت منه صاحب أثقل ملف بالمديرية العامة للأمن الوطني و بالمحكمة، و أشهر من أي شخص في المدينة…
ولما تناهى الخبر إلى صاحب المنزل، استفسر بعض أعوان السلطة بالمقاطعة المذكورة، التي هي بالمناسبة يُخيل فيها للزائر لأول مرة أن من يحكم فيها هم زمرة من بعض الأعوان، فأكدوا له الأمر..استفسر المسؤول الأول عن هذه المقاطعة الذي هو السيد القائد عن السند القانوني الذي منحت بموجبه مقاطعته الشرطي المذكور شهادة سكنى على عنوان منزله، وطلب منه بطريقة لم تخل من اللياقة والاحترام إيجاد مخرج أو حل يبطل تلك الشهادة، لأن الشخص عمليا لا يسكن…رد عليه أن الأمر يتعلق بخطأ إداري، ولأننا في دولة الحق والقانون، يمكنك اللجوء إلى المحكمة الإدارية…فهل دولة الحق والقانون تسمح للسيد القائد المحترم بعدم إرجاع أي شخص طلب وثيقة بيد فارغة، حتى ولو لم تكن من حقه أو ستُلحق الأذى بشخص آخر.. لأن هناك وجهة إسمها المحكمة الإدارية يمكن الطعن بها في القرارات الخاطئة؟..
أي فهم هذا لدولة الحق والقانون..وأية سلطة هاته التي لا تتبين ولا تتحرى ولا تضع في الحسبان أن توقيعا على شهادة من هذا القبيل يوجد فيه الكثير من التجني والاعتداء على حقوق الإنسان، قبل أي حديث عن دولة الحق والقانون؟ خاصة وأن هناك تصريح في المحكمة قبل أسابيع فقط، بقيمة “سيد الأدلة” لهذا الشرطي الذي حظي بهذا الكرم من هذه المقاطعة، وهو موثق، يعترف فيه أنه لم يعد يسكن في هذا المحل منذ الثاني من شهر غشت الماضي…؟
حقيقية لم أكن أعلم وربما لست وحدي، أن هذه المقاطعة تخدم المواطن بكل هذه الحكامة الجيدة والسرعة في الإنجاز، إلى حد أنها لا تطلب من طالب شهادة السكنى أدنى إثبات من قبيل موافقة رب الملك، أو وصل كراء، أو حتى وصل حديث للماء أو الكهرباء..فقط يجب أن يتقدم بالطلب ومعه بطاقة وطنية تحمل نفس العنوان، حتى وإن كانت مستخلصة قبل سنوات، حين كان فعلا يسكن بالعنوان المطلوب…
غير أن الجميل في الأمر هو قضية دولة الحق والقانون.. المحكمة الإدارية..الآن أصبح من حق المواطن …و..و..و…إذا اشتغل جميع رجال السلطة انطلاقا من هذا المنطق، فمصطفى الرميد مدعو من الآن إلى التفكير في تعزيز وزيادة الموارد البشرية بالمحكمة الإدارية، لأن الشعب كله سيجد نفسه يوما ما مجبرا على الطعن في شواهد وقرارات تحمل توقيعات مسؤولين اكتشفوا أن المحكمة الإدارية يمكن أن تكون ملحقة لإداراتهم لتصويب الزلات والأخطاء، بعضهم يريد الطعن في شهادة سكنى مثل هذه الحالة، وآخر يريد الطعن في شهادة وفاته استخلصها أحدهم ليرثه حيا…..
غير أن الحقيقة التي على السيد القائد أن يعرفها، هي أن مقاطعته متواطئة في هذه القضية بالذات مع الشرطي، وهو بتعويمه للموضوع و محاولة إخراجه من حجمه الحقيقي، كان يدافع عن هذا التواطؤ، قد يكون عن غير قصد، ولكنه كان يدافع فعلا عن التواطؤ…فحذار، إن التواطؤ مع التواطؤ في دولة الحق والقانون ..يشبه السياقة دون حزام سلامة في “فيراج” وعر.