فاطمة بوبكري
أفرج المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في صيغة نقدية، عن رأيه بشأن مشروع القانون المنظم لمهنة الطب بالسماح لأصحاب رؤوس الأموال من غير الأطباء بالاستثمار في المصحات الخاصة، معتبرا إياه غير منصف اجتماعيا واقتصاديا، ولايندمج في إطار سياسة وطنية مندمجة للصحة من شأنها أن تساهم في تحسين العلاجات سواء فيما يتعلق بالوصول إلى العلاج أو تحقيق التوزيع العادل للعرض الطبي بين مختلف جهات المغربكما انتقد طريقة مراقبة المؤسسات الصحية الخاصة والعمومية، و انعدام دقة نص القانون وبأن المشرع عجز عن تقديم تحديد دقيق لهيئة المراقبة”، مردفا أن الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء التي تعتبر هي الأخرى هيئة للمراقبة لم يتم استشارتها بشكل رسمي أثناء وضع مشروع القانون.
وقد لفت تقرير مجلس نزار بركة إلى أن المشروع الذي خلف الكثير من الشد والجذب بين مؤيد ومعارض ، خلوه من أحكام تلزم المريض وأسرته باحترام القانون الداخلي وإلزامه بدفع مصاريف العلاج مهما كانت نتائجه ، ناهيك عن تركيز القانون على جلب الاستثمارات لقطاع الصحة، متناسيا الأحكام التي تضمن حق المريض في سرية المعطيات الطبية وعدم التمييز والرعاية واستمرارية العلاجات .
ولعل مسألة “الاستقلال” التي ذكرت في مشروع القانون بشكل محتشم وغير واضح حسب ذات التقرير، جعلته ـ أي المجلس ـ يبدي مخاوفه من احتمال مس مشروع القانون باستقلالية الأطباء، كما توقع المجلس أن يصطدم “استقلال” الأطباء في القطاع الخاص بالتعرض لضغوطات مالية الأمر الذي قد يؤدي إلى الانزلاق نحو مخاطر “الانتقاء غير المشروع من بينها اختيار الطبيب للأمراض التي سيعالجها وذلك بسبب تكلفتها”.
وتبعا للملاحظات التي تضمنها تقرير المجلس بشأن مشروع القانون الخاص بالاستثمار في المصحات ، طالب بضرورة تنظيم علاقة الأطباء في المصحات الخاصة مع مالكي هذه المصحات من غير الأطباء، حيث أوصى بأن يتضمن مشروع القانون الجديد على أحكام واضحة تحدد العلاقات التراتبية والوظيفية بين مالك المصحة والمدير والطبي، والمدير الإداري والمالي للمصحة، كمااقترح المجلس أن تخضع جميع العقود المبرمة بين الشركات المستثمرة في المصحات الخاصة وبين المدير الطبي إلى الإذن المسبق من قبل الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء، وأن تشترط في هذه العقود عدم تضمنها لأي بند يتعارض مع أخلاقيات المهنة، كما أنه يتعين على القانون الجديد أن يضمن عدم فرض المستثمرين في المصحات الخاصة وتحت أي ظرف من الظروف، قواعد تدبيرية تتعارض مع أخلاقيات مهنة الطب، ولا أن يفرض هؤلاء المستثمرين على الأطباء أهدافا ربحية “غير معقولة.
وهو الأمر الذي لقي معارضة قوية أيضا من قبل مهنيين في القطاع الخاص، الذين يعارضون القانون لأنه يتجه “نحو خوصصة القطاع بالكامل”، وبالتالي، “فتحه أمام المضاربة والتجارة”، بينما هو قطاع حساس لأنه يتعلق بصحة المواطنين، التي قد تصبح مع إقرار هذا القانون “خاضعا لمنطق السوق والسمسرة”ما من شأنه أن يضر بالطابع الإنساني للمهنة.
وفي حال إقرار مشروع القانون كذلك، فإن الأطباء أكدوا أنهم سيصبحون مستخدمين مع القطاع الخاص، وهو ما سيفتح الباب أمام هذه الشركات “لاستيراد أطباء من الخارج”، لكن الوزير الوردي قال إن مشروع القانون يضع شروطا على استيراد مهنيين من الخارج، وهي الشروط نفسها التي كانت متضمنة في القوانين المعمول بها لحد الآن يؤكد المهنيون.