المنعطف- ليلى خزيمة
في محاولة استنجاد أخرى، نظمت الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة ومجموعة من المقاولات المتضررة ندوة صحفية الأسبوع الماضي لشرح المضاعفات الخطيرة التي آلت إليها وضعية الشركات والمقاولات المتضررة.
اشكالية قانونية تعيق مكوث المقاولات في السوق :
وقد أكد رئيس الكونفدرالية عبد الله الفركي في بداية مداخلته على الفراغ القانوني المتعلق باستراتيجية الإدارة النقدية أو كما يسمى CashPooling والذي يلزم الشركات الكبرى المستثمرة أو الممولة للشركات الصغرى بمساندتها في حال كانت السبب في الافلاس: «للأسف في المغرب ليس لدينا القانون الذي يلزم الشركات الكبرى على السداد في هذه الحالة.
وهو مشكل نعيشه منذ ثلاث عقود ومنهم من سجن بسبب هذه الممارسات».
كما تطرق الفركي لمحور عدم تفعيل قانون منح 20% للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة الصادر سنة 2013: «لا زال يفتقر إلى المرسوم التطبيقي.
وفي هذا الصدد، كان لدي اجتماع مع وزيرة المالية من أجل التسريع في إنجاز هذه المراسيم التطبيقية. و الآن مرت سنة على هذا الاجتماع وهي لم تخرج إلى الوجود».
كما أشار المتدخلون إلى عدم التكافؤ الذي يعاني منه القطاع، مشيرين إلى أن 98 منه هم من المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة التي تشغل ما بين 50 إلى 200 عامل: «فلا يعقل، أن 0،6 في المائة هي المهيمنة على القطاع الخاص في المغرب وهي التي تتحدث باسم القطاع الخاص وهي التي تستحوذ على الاستثمارات في المغرب.
نحن مقبلين على قانون المالية 2025،هنالك 48 مليار درهم من الاستثمارات وستكون من نصيب المقاولات الكبرى. نعلم أنهم سيأخذون كل المشاريع وسيعملون بطريقة التعاقد المبطن مع الشركات الصغرى والمتوسطة، وفي الأخير عندما يحصلون على تمويلهم ويستخلصون أموالهم، لن يدفعوا ما عليهم للشركات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة التي عملت على إنجاح المشروع.
حان الوقت لنقول كفى من هذا التعسف الاقتصاد». يعقب عبد الله الفركي.
وعن مجموعة المساطر والإجراءات التي سلكتها الكونفدرالية في هذا الشأن يقول دائما عبد الله الفركي: «بالنسبة للمساطر بدأنا بإجراءات ودية مع أصحاب الشركات وتواصلنا وديا مع الوزراء، ولكن لم تكن هنالك أي استجابة.
فمررنا إلى المرحلة الثانية وهي البلاغ الصحفي وأشرنا فيه إلى معاناة مجموعة من المقاولات من عدم السداد مِنْ مَنْ يجب أن يكون القدوة والمثل في هذا الميدان. وفي المرحلة الثالثة، راسلنا رئيس الحكومة ومجموعة من الوزراء المعنيين ووزير المالية ووزير الصناعة والتجارة ووزير المقاولات الصغرى وراسلنا المجلس الأعلى للحسابات ورئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب ومجموعة من الأحزاب الوطنية ورئيس البرلمان بغرفتيه، لكن للأسف لم نتلق بعد أي تدخل أو استجابة لحل المشكل».
وعن أخلاقيات الميدان والخلل الذي يعاني منه، عبر السيد لحبيب لعلج ممثل فئة من المقاولات المتضررة عن أسفه لما آلت إليه الأمور: «موضوعنا اليوم أصبح موضوعا وطنيا لأن هنالك شريحة عريضة من الشركات التي تشغل 3000 أو 5000 عاملا وتخلق دينامية في ميدان الشغل وإنتاج الضريبة على القيمة المضافة وكذلك في تطوير الحركة الاقتصادية، تجد نفسها مضطرة للإغلاق أو التقليل من نشاطها الطبيعي.
اليوم عدم الأداء للواجبات أدى الى صعوبات مالية مع الضمان الاجتماعي، وإلى صعوبات مالية مع مصلحة الضرائب وصعوبات مع الممولين ومع العمال.
لماذا نسعى إلى إثارة الانتباه اليوم، بكل بساطة لأن أطراف الموضوع لديهم تمثيلية على الصعيد الوطني وعلى الصعيد الاقتصادي».
أما عبد الله الفركي فتطرق لمثال يحاكي الخلل الذي يعاني منه الموضوع: «هناك مثال على شركة لم تتجاوز الخمس سنوات حصلت على مشروع بقيمة 1 مليار درهم وهذه علامة استفهام كبرى لأن هنالك شركات تجاوزت العشر والعشرين سنة ولم تحصل ولو على 1 في المائة من هذا الرقم. يعني هنالك خلل».
السعي نحو ايجاد حلول واقعية :
مقاولات متضررة تسعى لإيجاد حلول للخروج من المأزق ولتفادي الوقوع في وضعية افلاس كما العديد من مثيلاتها كما يقول متدخل من أصحاب المقاولات المتضررة: «عندما عرض علينا مشروع الاشتغال مع من اعتبرناه قدوة لنا، كنا جد فرحين، لكن للأسف عند انتهاء العمل تقاضت الشركة الكبرى استحقاقاتها ولم تدفع لنا ما توجب عليها والذي يعادل كتلة أجور سنة لخمسين عائلة.
نطالب هذه الشركات بالوفاء بوعودهم وإيجاد حلول لتسديد ما عليهم حتى نجد السيولة من أجل الاستمرارية وخلق فرص عمل أخرى من أجل المضي قدما وتحقيق التنمية للبلد».
أما بالنسبة للحلول من أجل انقاذ هذه المقاولات من حالة الإفلاس التي تعيشها وسعيا وراء تفعيل القوانين فيقول السيد لعلج: «نناشد هذه الشركات بأن تنظر إلى الموضوع بنظرة وطنية، نظرة المسؤول ونظرة إنسان لديه هاجس وطني ولا يرضى أن تتشرد عائلات والذي من مهامه الاجتماعية الاساسية الدفاع عن الشركات الصغرى والمتوسطة.
شخصيا لا زال لدي أمل بأن يجد هذا الشخص حلولا لنا لأنه في حالنا هذا إذا لم يجد هو الحلول فنحن كما يقول المثل الفرنسي “نلعن المستقبل” لأنه لن يبقى لنا ثقة في المستقبل وفي الاقتصاد الوطني.
ففترة استرجاع القوى والنفس وضبط الحسابات مرت.
وبالمناسبة، أشكر الطرف الآخر لأنه أقر رسميا بأنه سيسدد الديون وهذا يحسب له لأنه اعترف بالدين وبالسداد.
ما نقول اليوم هو أنه على جميع الأطراف الانتباه لأن هذا الموضوع الذي شملنا نحن وهذه الشركة ربما سيشمل شركات أخرى مختلفة، لهذا وجب على الدولة إيجاد صيغ قانونية وتشريعية للخروج من هذا المأزق وإن كان من منضور تسهيل المهمة للأطراف المتضررة.
كما أناشد كل من له غيرة على الاقتصاد الوطني لإيجاد حل لهذا الموضوع لأن لدينا فرصة للعمل لمغرب 2030 ولا نرغب أن نضيعها.
وأظن أنه اليوم الموضوع أكبر بكثير من الضرر الذي نعاني منه لأن مشاكل من هذا المستوى يمكن أن تنتشر بسرعة كبيرة، واليوم المغرب منفتح على الاستثمارات الخارجية واقتصادنا في أوج نموه لذلك يجب أن يكون هنالك تشريع وحراسة وضبط من الجهات المسؤولة».
المطالبة بالمساءلة :
أما مطالب الكونفدرالية، فقد أدرج عبد الله الفركي بعضها بإيجاز في: «نطالب رئيس الحكومة والحكومة والمجلس الأعلى للحسابات ووزيرة المالية بالتدقيق في هذه المسألة وهذه الآلية التي تسمى “الكاش بولين” لتقنينه كما هو الحال في الدول الأخرى حتى لا تستغل الشركات الكبرى تلك الصغرى والمتوسطة. ثانيا، نعلم أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب هو ممثل القطاع الخاص أمام الحكومة والبرلمان، لكن للأسف لا يدافع عن المقاولات الصغيرة والمتوسطة.
كان من المفروض أن يحضر معنا في هذه الندوة ووجهنا له دعوة رسمية ولم يلبها. لذلك فقد حان الوقت كي تكون لدينا تمثيلية داخل الغرفة الثانية ونكون ممثلين في الهيئات الإدارية المعنية بالأمر مثل الضمان الاجتماعي والمجلس الإداري لمغرب المقاولات الصغرى والمتوسطة وتمويلكم. ثالثا، حان الوقت كي تعطى للكونفدرالية التي تمثل المقاولة الصغرى والمتوسطة المكانة التي تستحقها».
وفي تصريح لجريدة المنعطف خلال هذه الندوة، قال السيد لحبيب لعلج بالنيابة عن بعض المقاولات المتضررة: «اليوم نود أن نبني مغربنا ونقول بان به مؤسسة كبيرة هي التي تجد الحلول. الطرف الآخر صرح أمام المجتمع أن عليه ديون ومستحقات وسيؤديها، المشكل هو كيف سيؤدي وكيف يمكننا أن نتساعد كي نحافظ على الأسر العاملة ونحافظ على مكتسباتنا من ضمان اجتماعي وغيرها لأن الشركة ليست ملكنا بل هي تنتمي إلى مجتمع والمغرب ينفتح على مشاريع وأسواق وآفاق جديدة وكبرى. ما اود أن أقوله هو اننا كلنا عابرون لكن الوطن باق ولا يمكن أن يبنى إلا برجاله».