عبدالنبي مصلوحي
من آخر الخرجات السوريالية التي تعودنا على سماعها من خلف الحدود الشرقية، اتهام السلطات الجزائرية مؤخرا المغرب بالتجسس الاقتصادي، وتم تصريف هذه الهلوسة عبر أبواقها الاعلامية، التي اوردت ان مشروعا للطاقة الهجينة قد تم إنشاؤه بالمغرب وفق نفس ما قالت مخططات مشروع حاسي الرمل الجزائري الذي مازال على الكرطون، واتهمت في ذلك موظفين في شركة اسبانية عملت في مشاريع الطاقة النظيفة في الجزائر، قيل بأنهم مكنوا المغرب من المعلومات المتعلقة بالمشروع المذكور.
وزادت الأبواق الجزائرية من سرياليتها عندما أوردت أن المملكة المغربية فتحت مجالات أخرى لمنافسة الجزائر في أي شيء، وكأنها فعلا متفوقة فعلا في شيء حتى ينافسها المغرب فيه، هي بالفعل لها مجالات معينة تحقق فيها التفوق، من قبيل أمراض النفخ في الذات الفارغة والتآمر على وحدة الدول والاصطياد على الدوام في المياه العكرة، ولكن هذه مجالات لا يشرف المغرب أن ينافسها فيها.
المغرب غير محتاج لمنافسة أحد، حتى وإن كانت المنافسة مشروعة بين الدول كما بين الأفراد والشركات، لأنها هي الأصل في تحقيق التقدم و التطور، فلولا السباق والتنافس ما وصل العالم اليوم إلى ما صل إليه في مجال علوم الفضاء وغيرها.
الجزائر إذا كان يبدو لها أنها ناجحة في إقناع شعبها بأنها قوة داخل القارة الإفريقية، وأنها قطب اقتصادي وحتى سياسي بشمال إفريقيا و يصدقها في ذلك كمٌّ لابـأس به من شعبها، فهذا لا يعطيها الحق في الجواب على الإحراج الذي تشعر به مع شعبها حين تتحرك لديه آلة السؤال والمقارنة بين ما تفعله بلاده وبين النجاحات الباهرة التي يحققها المغرب في الآونة الأخيرة بالقارة الإفريقية، باتهام المغرب بأنه مجرد تلميذ كسول و”ينقل” منها.
إن المغرب، وكما يشهد الأفارقة أنفسهم، لا يستنسخ مشاريع أحد كما توهم الجزائر شعبها للتقليل من أهمية فتوحاته الاقتصادية والدبلوماسية داخل القارة، وإنما يبتكرها، وهو جاد بالفعل في أن يصبح أهم قوة تصدر الطاقة النظيفة إلى دول الاتحاد الأوروبي، أبرم لحد الآن مع الدول الإفريقية جنوب الصحراء التي كانت الجزائر تعتبرها إلى حد قريب ضيعة لها بمعية جنوب إفريقيا نحو 500 اتفاقية منذ العام 2000، وكلها حول مشاريع من بنات أفكاره، يعني من ابتكاره ولا قبل للجزائر بها، التي لم تعد تثق فيها الكثير من الدول الإفريقية، لأن سلطاتها لم تعد تتمتع بالمصداقية التي باتت مطلوبة اليوم في العلاقات الدولية، ولا بالقدرة على فك ارتباطاتها مع الجماعات المشبوهة التي تمارس أنشطة منافية للقانون ومهددة للأمن والاستقرار في الدول، مثل جماعة البوليساريو التي تؤمن لها الحماية والغطاء الدبلوماسي فوق ترابها، وهي مجرد عصابة تثبت العديد من التقارير الدولية أنها ضالعة في الكثير من العمليات الإرهابية التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الأخيرة، لهذه الأسباب وغيرها، المغرب لا يمكنه الاقتداء بالجزائر ولا ما تصنعه أو حتى ما تفكر فيه، فهي دولة فاشلة.