تنظم جمعية فانوراميك لفنون العرض بمراكش، ندوتها الفكرية الأولى، في موضوع: ” تحولات الكتابة المسرحية من الأدبي إلى المشهدي ” وذلك اليوم الجمعة 27 يناير 2017 بقاعة المحاضرات المركز الثقافي الداوديات مراكش، ابتداء من الساعة الخامسة والنصف مساء. يؤطر الندوة أساتذة باحثين، وممارسين مسرحيين بارزين على الساحة الوطنية والعربية، عن النقد والبحث الأكاديمي الدكتور عبد الواحد ابن ياسر أحد واضعي اللبنات الأولى للدرس المسرحي بالجامعة المغربية، وعن التأليف الكاتب المسرحي والصحافي الدكتور محمد بهجاجي، ويحضر الدكتور عبد المجيد شكير كمخرج لفرقة أبعاد المسرحية، وباحث وأكاديمي له تجارب وازنة، كما تتمثل الكتابة الركحية أيضا في السينوغراف المبدع عبد المجيد الهواس.
يأتي تنظيم الندوة الفكرية الأولى انسجاما مع توجهات الجمعية في مقاربة الفعل المسرحي من خلال لحظات خلقه وإنتاجه، فالمسرح يتميز فن تتفاعل فيه فنون عديدة، لتدخل ضمن عمل درامي تركيبي يقوم على مجموعة من اللحظات الأساس التي تُكون في مجملها اللحظة المسرحية الحاسمة المعروفة بالعرض، وعلى الرغم من أهمية العرض كخطوة مؤسسة للطابع الفرجوي للفن المسرحي، إلا أن النص يبقى نواة و مركزا تنتظم حوله العناصر الركحية الأخرى، فالنص المسرحي يعيش على ايقاع الحركة والكلمة أي الفعل، إنه لحظة زمنية لا يتم استحضارها إلا عندما نتعاطاها جهرا عكس بقية النصوص الأدبية الأخرى، حياة النص المسرحي مرهونة بعناصر فنية تعطيه تكامله، حياة هذا النص لا تُكتب له في مخاض أول يعيشه الكاتب، بل يحتاج توليدا يستجيب لطبيعة الاشتغال الركحي، فيمر بالمخرج الكاتب الثاني، كاتب صفحاته ليست في كتاب بل على الخشبة، ثم السينوغراف الفنان الشامل الذي يُفترض فيه أن يكتب المسرحية بأدوات تقنية لا تخلو من إبداعية وقوة إنجازية، الأمر لا يقف عند حدود كاتب ومخرج وسينوغراف، بل يتعداه إلى متدخلين آخرين، يسعون جميعا إلى سد ثقوب النص المسرحي كما عبرت عن ذلك آن أبرسفيلد بآليات تختلف من متدخل لآخر، يتشكل العرض المسرحي من أنساق فكرية ولغوية ينظمها الاطار الفني، والظاهرة المسرحية لم تعد تتأسس فقط على ثنائية نص/عرض، بل تعدتها إلى الوسائطي، والتشكيلي، والمعماري، وكل ما من شأنه تأتيت فضاء هذا المسرح المسكون بالسحر، والطقس الديني، والعرف الاجتماعي، وغيرها..
تنظيم هذا المحفل العلمي يقوم على وعي عميق بخصوصية الفعل الثقافي وأهميته في خلق وعي جمعي مجتمعي، يراهن على الإنسان، وقيمه الانسانية الكبرى، سبق للجمعية أن خطت في هذا الباب خطوات أولى، خاصة في إنتاج مؤلفات ومنشورات، فبعد إنتاج أعمال مسرحية أربعة هي على التوالي: أثواب الهم_ ما أنا الا بشر _ شهود العزبات_ ملاك، وتنظيم دورتين تكوينيتين في: لكوميدي ديلارت، والقناع، ثم في العرائس وخيال الظل، أقدمت الجمعية على خطوة النشر ببعض من الحذر، والكثير من التفاؤل في تكريس فعل مسرحي رصين وجاد، تفاؤل استمدته من تجاوب الجمهور من جهة، ومساندة فعاليات المدينة وتشجيعها من جهة ثانية. تشكر جمعية فانوراميك لفنون العرض الجمهور المراكشي خاصة، والمغربي عموما على كل الدعم طيلة السنتين المنصرمتين، وتؤكد على استمرارها في انتقاء الأفضل، وتقديم الأجود..