24, ديسمبر 2025

محمد رمضان في كأس أمم إفريقيا: عبور غير مُحتمل من فن التمثيل إلى عبقرية الغناء!

عبد العزيز الخطابي

في الوقت الذي يستعد فيه المغرب لاستضافة كأس أمم إفريقيا 2025، يظهر محمد رمضان كأنه نجم ساطع في سماء لا تتعدى حدود الشاشة الصغيرة، مُؤديًا دور البطولة في مسرحية فنية يُفترض أن تكون مُخصصة لفنٍّ يلامس قلوب الجماهير، لكن يبدو أن الأمور خرجت عن نصها.

 

دعونا نكون صادقين: محمد رمضان ليس فنانًا في مجال الغناء. لا، لا تنخدع بمظهره الجذاب أو بالكلمات التي تُكتب عنه في الصحف. إنه ممثل بامتياز، ولكن عندما يتعلق الأمر بالغناء، فإنه أشبه بشخص يحاول العزف على البيانو بينما يحمل عودًا في يده. السؤال الذي يطرح نفسه هو: في أي عالم قرر المنظمون أنه أفضل شخص لأداء الأغنية الرسمية لكأس أمم إفريقيا، بينما لديهم كنز من الفنانين المغاربة يتوسلون حظهم في الزاوية؟

 

أين هو نعمان لحلو، ملك الأغنية المغربية؟ وأين سعد لمجرد، الذي يومًا ما كان يُعتبر النجم الشاب الذي سيُشرق على سماء الفن؟ وأسماء لمنور، التي تعتبر واحدة من أرقى الأصوات في الساحة؟ يبدو أن المفاجآت التي يحملها الحدث هي فقط في اختيار ضيوف غير مناسبين. كلما سمعت اسم محمد رمضان، يُتملكني شعور بالصداقة الغريبة وفضول ما هو سبب غيابه عن الأداء المطلوب.

 

في كل مرة نتحدث فيها عن الاختيار الغريب، يتبادر إلى الذهن سؤالٌ جوهري: لماذا نعتدي على أبنائنا الفنانين ونُحرمهم من فرصة التواجد في الضوء؟ يبدو أن هناك لائحة سرية مُتعلقة بتوجيه الدعوات، حيث يُرسم الاسم الأكثر إثارة للجدل على رأسها، نوع من أنواع “التجديد الفني” الذي يشعر الجميع بأنه خارج سياق المألوف.

 

لنكن أكثر وضوحًا: حتى المصريون أنفسهم لم يعترفوا بمحمد رمضان كفنان غنائي متمكن. كم مرة سمعنا أغانيه تُرفع في حفلات الأفراح المغربية؟ الإجابة: صفر. ومع ذلك، يجب علينا أن نستضيف شخصًا لا يملك تاريخًا يُذكر في المجال، وهذا سُخفٌ قاصر.

 

لكن لا تتفاجأ إذا استمرت هذه الممارسات أو حتى تفاقمت، فكلما زادت الضغوط لتقديم شيء غير معتاد، زادت الضغوط أيضًا على فنانينا وموسيقينا الذين يُحاولون جاهدين صقل مسيرتهم الفنية في بيئة تُفضل الأسماء الأثيرة. لماذا يستغل المنظمون هذه الفرصة ليختاروا فنانًا لا يُعتد بفنه على أنه جزء من تراثنا الثقافي؟ هل هذا هو مفهوم “الشمولية الفنية” في عصر العولمة؟

 

عندما نتحدث عن الاحتفاء بالفن، يجب أن يكون تركيزنا بعيدًا عن الأسماء القابلة للتسويق والأكثر شيوعًا، وينبغي أن نكون على دراية بالفنانين الذين يعكسون بالفعل روح الثقافة المغربية. إن كأس أمم إفريقيا ليست مجرد حدث رياضي يجب أن يُحتفى به، بل هي كذلك فرصة لتسليط الضوء على التنوع الثقافي والفني الذي تفتخر به البلاد.

 

فدعونا نأمل، بل ونتمنى، أن يأتي يومٌ تُعطى فيه الفرصة للفنانين المغاربة الحقيقيين بدلاً من الاستيراد المبتذل للأسماء التي تفرح بالبكلورات الإعلامية وتهمل جوهر الفن. يجب أن نُعيد صياغة المفاهيم حول من يستحق منصة الظهور، ونجعل الأصوات المغربية تتصدر القائمة.

 

فهل سنواصل تهميش فنانينا في سبيل استقبال ضيوف لا يمتلكون علاقة حقيقية بفننا؟ أم سنكون نحن الذين نصنع التغيير، مُدركين أن الفن ليس مجرد تسويق بل ثراء ثقافي يجب الحفاظ عليه والاستثمار فيه؟

 

إلى الآن، كل ما يُخبئه المستقبل هو سؤال من الصعب الإجابة عليه. ولكن، إذا كان محمد رمضان هو ما نرغب في تقديمه، فأنا مُستعد للانتظار بينما أضع سماعات الصوت وأعيد تشغيل أغاني نعمان لحلو لعلها تعيد لي الأمل في غدٍ أفضل.

 

اترك تعليقاً

Exit mobile version