عبدالنبي مصلوحي
يبدو أن مطلب عدم التمسك بالكرسي في القارة الافريقية، لم يعد مطلبا للشعوب وحدها، بل غدا مطلبا أمميا، تجاوز رغبات الجماهير المحلية التي تتوق الى التغيير والحرية في اختيار من يحكمها، من أجل الانخراط بشكل حقيقي في حركة التاريخ، تاريخ الديموقراطية والحكم المبني على قيم التشارك وتقاطع المصالح بين الفئات ومكونات المجتمعات.
حدث هذا قبل أيام في إحدى جلسات قمة الاتحاد الافريقي الأخيرة في أديبس ابابا حين دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كيمون الأفارقة الى عدم التمسك بالحكم والتخلي عن مهامهم في نهاية ولايتهم، وقال أنه يشاطر المخاوف الناجمة عن رفض مسؤولين التخلي عم مهامهم، مشيرا الى أنه لا يجب استخدام التغييرات الدستورية من اجل الاستمرار في الحكم.
وفيما يشبه توجيه الكلام الى عبد العزيز بوتفليقة، قال بان كيمون أنه يدعو جميع المسؤولين في افريقيا الى الاستماع الى صوت الشعب، مؤكدا أنه لا يجب أن يسمح المسؤولون لأنفسهم بتجاهل أمنيات وتطلعات الذين يمثلونهم.
كلمة الأمين العام للأمم المتحدة في قمة الاتحاد الافريقي الذي غادره المغرب منذ 1981، حين كان يسمى” منظمة الوحدة الافريقية” رغم أنه كان أحد مؤسسيه لأنه انزاح عن ميثاقه، كانت بليغة، بل غنية بالدلالات والإشارات والرسائل المشفرة والصريحة، ربما كان المستهدف منها بالدرجة الأولى هو النظام الجزائري الذي يسوق عن نفسه القيم والصور المزيفة، فيما الواقع وحقوق الشعب الجزائري في بناء الديمقراطية المبنية على التداول الحقيقي على السلطة، فيصر على مصادرتها بشتى الوسائل، المناورات والتسويفات، وحتى “الزرواطة”، و الأحداث التي ما تزال متواصلة بالجنوب الجزائري ومناطق أخرى تعتبر دليلا على هذا الشرود خارج مربع تطلعات الشعب، فالرجل غير وعدل في الدستور بما يسمح له بولاية رابعة، لا العائق الصحي، ولا العرف الديمقراطي، منعاه من الترشح لحكم الجزائر للمرة الرابعة في انتخابات لم تشهد مشاركة المعارضة، ربما كانت هي الاولى في تاريخ الانتخابات في العالم التي ينتدب فيها مرشح شخصا آخر يقوم مقامه في الحملة الانتخابية ويفوز، منتدب كان يقول للناخبين، يعدكم مرشحكم في حال فوزه بكذا وكذا، عوض أعدكم بكذا وكذا…
إن كلمة المسؤول الأممي كانت غنية بالدروس والعبر، خاصة بالنسبة للنظام الجزائري الذي يسوق عن نفسه أنه يدافع عن حقوق الشعوب، فيما الشعب الجزائري فيحرمه من أبسط المطالب التي هي الاختيار الحر لمن يحكمه، مبعثرا عائدات النفط والغاز على الجماعات المرتزقة، مثل البوليساريو والجمعيات الداعمة لها في كثير من بلدان العالم، في وقت تضع التقارير الدولية والإقليمية الشعب الجزائري في ذيل اللوائح الاقتصادية و الاجتماعية التي تتحدث عن الدخل الفردي ومستوى العيش والبطالة، وحتى البؤس، فآخر تقرير صادر قبل أيام يضع الجزائر في مرتبة لا تشرف دولة تقول عن نفسها أنها بترولية.