• بوشعيب نحاس
شهد رحاب قاعة الجلسات بمحكمة الاستئناف بسطات مساء يوم الثلاثاء 27 يناير الجاري فعاليات الندوة العلمية المنظمة من طرف النقابة الديموقراطية للعدل وودادية موظفي العدل بالدائرة القضائية بسطات تحت شعار: ” أي موقع لهيئة كتابة الضبط – الإدارة القضائية – ضمن مشاريع قوانين إصلاح منظومة العدالة”، وقد حضر هذا اللقاء شخصيات سياسية ونقابية وجمعوية وحقوقيين ومساعدي القضاء وكتاب الضبط بالدائرة القضائية.
…………………….
– ذ . عبد الصادق السعيدي
تمحورت المداخلة الأولى حول ” إصلاح منظومة العدالة السياق والرهانات” والتي تطرق من خلالها الأستاذ عبد الصادق السعيدي الكاتب الوطني للنقابة الديموقراطية للعدل إلى مفهوم الإصلاح بشكل عام، ومدى أهمية إصلاح منظومة العدالة على وجه الخصوص، على اعتبار أن القضاء هو عنوان القوة أو الضعف بحسب الأحوال في مختلف الدول، متسائلا حول معيقات إصلاح منظومة العدالة من خلال أشغال اللجنة العليا، والطريقة المكشوفة التي تم من خلالها إقصاء كتابة الضبط والتي تشكل نسبة 80 % من الموارد البشرية لوزارة العدل والحريات، إلى جانب ما أضحت تزخر به من طاقات واعدة من جهة وأطر عليا مكونة تكوينا جيدا من جهة أخرى، بإمكانها المساهمة في هذا الإصلاح خاصة وأن كتابة الضبط هي العمود الفقري في العملية القضائية بصفة عامة، واكد إن للإصلاح معيقات موضوعية وأخرى واقعية كما أن له كلفتان اثنتان كلفة بشرية وهي تلك المتعلقة بالموارد البشرية والكلفة المالية، فهي تلك التي ترتبط بالموارد المالية والتي أكد بنك المغرب أن الهيئة العليا لإصلاح منظومة العدالة لا تقدر بشكل دقيق تكلفة هذا الإصلاح. وخلص المحاضر إلى ضرورة إشراك كتابة الضبط من خلال النقابة الديموقراطية للعدل في مشروع إصلاح منظومة العدالة واجتناب مبدأ الإقصاء النمطي. وعقلنة الإصلاح حتى لا نسقط في إصلاح الإصلاح. والاقتداء بجملة من التشريعات المقارنة التي تهتم بالكفاءات البشرية بدل من الإقصاء المسبق. واشتراك جميع المتدخلين في العملية القضائية لتحقيق إصلاح حقيقي وجاد.
– ذ . امحمد أبرباش
فيما الأستاذ امحمد أبرباش الكاتب العام للمكتب المركزي للودادية موظفي العدل خلال مداخلته حول “استقلالية الإدارة القضائية كحاجة مجتمعية وقرب من المواطن” ، اكد أن التنظيم القضائي للمملكة والذي عمر أكثر من أربعة عقود من الزمن لم يعد منسجما مع نفسه من جهة أو مع باقي المقتضيات القانونية من جهة أخرى، وهو الأمر الذي دفع بالمشرع المغربي إلى التفكير في إصلاح منظومة العدالة والإسراع بإخراج تنظيم قضائي جديد تفاديا للتناقض وتحقيقا لنوع من التنسيق بين مكوناته، خاصة بعد دستور 2011، وأن مسودة التنظيم القضائي التي كان الهدف منها إزالة التناقض بين مكونات التنظيم القضائي الحالي، جاءت كلها تعارض وعبث، حيث اكد انه إذا كان الدستور المغربي في أول فصوله قد حسم مسألة استقلال السلطة القضائية عن باقي السلط، فإن مشروع التنظيم القضائي قد قضى تماما على هذا المبدأ الدستوري، وذلك من خلال نصه على عمل موظفي كتابة الضبط بأقسام تحت رئاسة قضاة، كما اكد انه بالرجوع إلى مقتضيات المشروع نجد القاضي يضطلع بمهام هي من اختصاص أصيل لكتابة الضبط وهو الأمر الذي ينعكس بالسلب على المواطن ويحول دون تحقيق النجاعة القضائية. واكد هناك قاعدة ذهبية وهي “كل ما هو إجرائي ينعقد الاختصاص فيه لكتابة الضبط، وكل ما له علاقة بفصل المنازعات بين الأفراد فهو من اختصاص القضاء”، وأن تحقيق النجاعة القضائية لن يتحقق في ظل مشروع تنظيم قضائي يفتقد لأبسط خيوط المنطق فيه.
– د . الحسن العباقي
وكان موضوع “وزارة العدل وخيار القطيعة مع النجاعة القضائية” عنوان المداخلة الثالثة التي القاها الدكتور الحسن العباقي مدير مكتب الدراسات للإصلاح وتحديث الإدارة القضائية والتي تطرق فيها بشكل دقيق ومركز لأهم الاختلالات التي لحقت المشروع والإصلاح ذاته، إذ أن المشروع لم يكن منسجما مع نفسه، فإذا كان التنظيم القضائي الحالي أصبح متجاوزا فإن مشروع ولد ميتا، لاعتبارات عديدة منها عدم الانسجام والتناقض في العمق حيث اكد انه إذا كان الهدف من المشروع هو العمل على جمع المقتضيات المتعلقة بالتنظيم القضائية للمملكة في نص واحد بدل من أن تبقى موزعة بين نصوص خاصة، وخلق نوع من الانسجام، فإن هذا الهدف لم تسعف مقتضيات المشروع على تحقيقه، وذلك من خلال ربط عمل الموظف كجهاز مستقل بعمل القاضي كسلطة مستقلة أيضا. وأشار انه من الناحية العملية يصعب الاستمرار في تطبيقه خاصة وأن الموظف الذي ترجع الاجراءات بشكل أصيل إليه، سوف يكون بحاجة إلى القاضي الذي يؤشر على كل حركة من حركاته، فمثلا في التنفيذ لا يقوم الموظف بالتقيد إلا إذا رجع إلى القاضي، وإذا ما صادفته صعوبة فإنه لا بد من الرجوع إلى ثانية وثالثة وهكذا، وهو الأمر الذي سوف يحول دون تحقيق النجاعة القضائية أسمى مطلب لهذا الإصلاح. كما تساءل الدكتور المحاضر حول إمكانية خلق هذا المنصب، وكيفية الإشارة إليه في مشروع الإصلاح، وكأنه سوف يأتي من كوكب غريب يترأس جهاز كتابة الضبط الذي يميز الحيوية والسرعة.
– ذ . محمد رضا السحيري
وفي المداخلة الأخيرة تناول من خلالها الأستاذ محمد رضا السحيري عن مكتب الدراسات للمساعدة الاجتماعية والقضائية موضوع “دور المساعدة الاجتماعية من خلال الإدارة القضائية” حيث تطرق فيه إلى السياق العام لإحداث هذه المهنة بالمرفق القضائي، مذكرا بأهم مجالات التدخل والمهام الموكولة للمساعد الاجتماعي مشيرا في الوقت نفسه إلى الإكراهات والمعيقات التي تحيط بهذه المهمة.