عبد العزيز بنعبو
ناد كوميدي في إسبانيا، إتفق مع بعض المسارح على مبادرة غير مسبوقة. تتجلى في الدخول المجاني للجمهور لمشاهدة العروض، على أن يتم الدفع حسب التسعيرة التي تحددها ضحكات الجمهور و إعجابه بالعرض. قد تبدو هذه مجرد نكتة بالنسبة إلينا في المغرب، فجل العروض التي تقدم لا تنتظر سوى الدعم الذي تجود به وزارة الثقافة. و بالتالي فهاجس الشباك و المنافسة ينتفي بالإنتفاء الحاجة إليه. طبعا لنا في بعض العروض المسرحية الإحترافية بعض العزاء بالنسبة لنسبة الضحك و إرتفاع القهقهات. لكن الغالب الأعم لا ينتبه لتفاعل الجمهور مع العرض. ما يهم هو إنجاز المسرحية و إكمال عقد العروض العشرة. و تغطية خارطة الجولات المقترحة لضمان دعم السنة المقبلة أو السنوات المقبلة. لسنا هنا نوجه أصابع الإتهام بالتقصير للفرق المسرحية المغربية وحدها، بل نوجهها لمسار الدعم الذي لم يطور آلياته و بقي مجرد خزينة جامدة تفتح لتفرق ما تيسر من “فقر” كما قالت الفنانة ثريا جبران إبان ولايتها الوزارية على رأس وزارة الثقافة. هذه الخزينة التي كان من المفروض فيها أن تتحول إلى مسار نابض بالأفكار و إلى إستراتيجية مسرحية تقوم بالأساس على فكرة النهوض بالمسرح المغربي قلبا و قالبا. لكن مادام الكل يريد أن يستفيد، و أن يكون المفيد في الوقت نفسه. فلا ضير من ضياع الجمهور في حمى البحث عن الزاد و غياب الإبداع. لكن تصوروا معي لو بادرنا إلى فكرة معاكسة نوعا و غيرنا الضحك بالدموع، و جعلنا تسعيرة الأداء حسب الإمتعاض . أظننا سننجح في أن يكون شباك التذاكر مملوءا عن آخره ، بعد العرض طبعا. لكنني أخشى على الفرق من المتسللين إلى العروض، و من الممثلين اليوميين الذي يعرفون كيف يدارون دموعهم و حتى إمتعاضهم بل حتى ضحكاتهم. فكم من نكتة باهرة أصبحت باهتة لأن المتلقي أراد عنوة أن يجعلها كذلك و أن تمر دون أن تثير أي رد فعل. كما أشرت هناك عروض تستحق أن تغامر بالشباك البعدي إن صح التعبير. لأنها عروض جيدة و تستحق كل دقيقة مشاهدة و كل ضحكة و كل تفاعل. عروض على قلتها إلا انها تبقي على الأمل في مسرح مغربي فاعل و متفاعل، مؤثر فرجة و متعة و فكرة و إبداعا..