المنعطف-الرباط
أحال جلالة الملك محمد السادس،بصفته أميرا للمؤمنين، ورئيسا للمجلس العلمي الأعلى، على المجلس، مقترحات الهيئة المكلفة مراجعة مدونة الأسرة، قصد دراستها استنادا إلى مبادىء، وأحكام الدين الإسلامي الحديث، ومقاصده السمحة،ورفع فتوى بشأنها اليه .
وقال بيان للديوان الملكي، إن هذه الإحالة، تأتي بعد انتهاء الهيئة المكلفة مراجعة المدونة من مهامها داخل الأجل المحدد لها، ورفع مقترحاتها إلى نظر الملك محمد السادس ، الذي اقتضى، بالنظر لتعلق بعض المقترحات بنصوص دينية، إحالة الأمر إلى المجلس العلمي الأعلى، الذي جعل منه الفصل 41 من الدستور، الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى التي تُعتمد رسميا.
وذكر البيان ذاته أن جلالة الملك محمد السادس دعا المجلس العلمي الأعلى، وهو يُفتي في ما هو معروض عليه من مقترحات،إلى استحضار مضامين الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس الحكومة، الداعية إلى اعتماد فضائل الاعتدال والاجتهاد المنفتح البناء، في ظل الضابط الذي طالما عبر عنه، من عدم السماح بتحليل حرام ولا بتحريم حلال .
وكان بيان سابق للديوان الملكي، صدر في 26 شتنبر 2023، كشف أن جلالة الملك محمد السادس، وجه رسالة إلى رئيس الحكومة، تتعلق بإعادة النظر في مدونة الأسرة.
وتأتي هذه الرسالة الملكية تفعيلا للقرار السامي الذي أعلن عنه جلالته في خطاب العرش لسنة 2022، وتجسيدا للعناية الكريمة التي ما فتئ يوليها ، أعزه الله ، للنهوض بقضايا المرأة وللأسرة بشكل عام.
وبالموازاة مع تكليف جلالة الملك، حفظه الله، للسيد رئيس الحكومة، من خلال هذه الرسالة، فقد أسند جلالته الإشراف العملي على إعداد هذا الإصلاح الهام، بشكل جماعي ومشترك، لكل من وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، وذلك بالنظر لمركزية الأبعاد القانونية والقضائية لهذا الموضوع.
كما دعا جلالة الملك محمد السادس المؤسسات المذكورة إلى أن تشرك بشكل وثيق في هذا الإصلاح الهيئات الأخرى المعنية بهذا الموضوع بصفة مباشرة، وفي مقدمتها المجلس العلمي الأعلى، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والسلطة الحكومية المكلفة بالتضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، مع الانفتاح أيضا على هيئات وفعاليات المجتمع المدني والباحثين والمختصين.
وتقضي التعليمات الملكية السامية، برفع مقترحات التعديلات التي ستنبثق عن هذه المشاورات التشاركية الواسعة، إلى النظر السامي لجلالة الملك، أمير المؤمنين، والضامن لحقوق وحريات المواطنين، في أجل أقصاه ستة أشهر، وذلك قبل إعداد الحكومة لمشروع قانون في هذا الشأن، وعرضه على مصادقة البرلمان”.
** ائتلاف ينوه بالمبادرات الملكية الرامية إلى تعديل مدونة الأسرة:
تلقى الائتلاف النسائي من أجل مدونة أسرة قائمة على المساواة و الكرامة باستحسان الإحالة الملكية لبعض مقترحات الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة على المجلس العلمي الأعلى، وأكد الائتلاف في بلاغ توصلت جريدة “المنعطف” بنسخة منه، على ضرورة القراءة المستنيرة، والمتنورة اعتمادا، وإعمالا لفضائل الاعتدال، والاجتهاد المنفتح البناء.
وأشاد الائتلاف بالحرص الكبير لملك البلاد على إخراج هذا النص القانوني للوجود في المستقبل القريب، منوها بمُجمل مسار المبادرة الملكية الرامية إلى تعديل مدونة الأسرة، و بالمنهجية التشاركية التي اتسم بها عمل الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة،
حيث ساهم الائتلاف إلى جانب مختلف الحساسيات المجتمعية الوطنية، في تقديم رأيه وموقفه من الإشكالات والثغرات القانونية الموضوعية والإجرائية الى جانب البياضات الكامنة بنص المدونة المعمول بها، وكذا إلى عدم اقتناع عدد من الفاعلين المعنيين بجدوى عدد من مقتضياتها، من خلال المذكرة المطلبية التي قدمها أمام أنظار الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة.
وأكد على أهمية الحسم مع معاناة مشهودة تعيشها المرأة المغربية، جراء تطبيق عدد من مقتضيات مدونة الأسرة، التي عفى عنها الزمن، وتشكل اليوم مظهرا جليا للامساواة المخالفة مُخالفة صريحة لنص دستور2011، الى جانب عدد من المطالب الملحة و المشروعة و التي تراعي و تعبر عن حاجيات كل مكونات الأسرة المغربية، في ضوء اعمال مختلف الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب على هذا المستوى، و لاسيما المصلحة الفضلى للطفل.
واعتبارا لذلك، أكد على الضرورة القصوى لتجاوب المجلس العلمي الأعلى، كما هو مشهود له، بالاعتدال والاجتهاد المتنور والمنفتح والبناء، في ضوء المتغيرات الناشئة عن تطور المجتمع المغربي، وقدرة الأحكام الشرعية على التكيف مع واقع المجتمع وحاجياته.
وأكد الائتلاف النسائي من أجل مدونة أسرة قائمة على المساواة والكرامة على حرص بلادنا على التكريس الواضح لدولة القانون والمؤسسات وذلك بتكليف “المجلس العلمي الأعلى” وهو الجهة المختصة والمؤهلة لإصدار الفتوى من أجل إغلاق الباب على كل المزايدات السياسوية التي يتم تغليفها بالدين وخاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا النساء.
** الإحالة الملكية على المجلس العلمي الأعلى تؤكد حرص جلالة الملك على إشراك كل المؤسسات :
قالت الناشطة الحقوقية، نزهة الصقلي، إن قرار صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بإحالة بعض المقترحات المرتبطة بنصوص دينية، التي رفعتها الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة إلى جلالته، على المجلس العلمي الأعلى، تؤكد حرصه على مراجعة المدونة في ظل احترام الدستور وإشراك كل المؤسسات.
وأوضحت الصقلي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المجلس العلمي الأعلى كان شريكا في المسار التشاوري للهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، وبالتالي اطلع على آراء مختلف الهيئات السياسية والنقابية، والجمعوية التي جرى الاستماع لها.
من جهة أخرى، أبرزت رئيسة مركز التفكير (أوال)، أن الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى رئيس الحكومة، وضعت المرتكزات والأسس التي يجب أن تستند عليها مراجعة مدونة الأسرة، وفق مقاصد الشريعة الإسلامية السمحة، والاعتدال والاجتهاد، وكذا مراعاة التحولات الاجتماعية ومتطلبات العصر.
وأضافت الصقلي أن مراجعة مدونة الأسرة تأتي لتحقيق الغاية الأسمى وهي ضمان كرامة كل أفراد المجتمع، نساء ورجالا وأطفالا، مسجلة أن تحقيق الاندماج الكامل للنساء في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، يعد، أيضا، من بين الأهداف المنشودة.
من جانبها، أكدت رئيسة جمعية “أيادي حرة”، ليلى أميلي، أن الإحالة الملكية لبعض المسائل الواردة في مقترحات اللجنة المكلفة بالنظر في مدونة الأسرة، على المجلس العلمي الأعلى، “تضع حدا للتأويلات الدينية الفردية التي لا تراعي الواقع وتطورات المجتمع”. وأوضحت السيدة أميلي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن “ضوابط هذه الإحالة” تتجلى في دعوة صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى اعتماد فضائل الاعتدال والاجتهاد المنفتح البناء استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة، مشيرة إلى أن مضامين الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى رئيس الحكومة حددت المبادئ الأساسية والتوجهات الرئيسية التي يجب الاستناد عليها. وذكرت الفاعلة الجمعوية بأن جلالة الملك، أمير المؤمنين، ورئيس المجلس العلمي الأعلى، “أحال دراسة هذه المسائل على المؤسسة التي خصها الدستور حصريا بصلاحية إصدار الفتاوى”، وذلك في أعقاب الاستشارات الواسعة التي أطلقتها الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة مع مختلف الفاعلين السياسيين والنقابيين والجمعويين، والمؤسساتيين.