اعتبر الباحث في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الوافي نوحي، أن إصدار مؤلف “الدليل الجدادي للمخطوطات والوثائق الأمازيغية” من طرف المعهد، هو دعوة إلى الاهتمام بهذا التراث، بحثا وتحقيقا، للكشف عما يختزنه من ذاكرة حضارية وتاريخية تهم جميع المغاربة.
وأضاف الباحث، على هامش لقاء نظم برواق المعهد بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء لتقديم إصداراته الجديدة، أن هذا الدليل الجدادي، الذي يضم مخطوطات أمازيغية كتبت بالحرف العربي بمنطقة سوس على الخصوص، توخى حصر تراث المخطوط وحفظه من الضياع، بوضع خريطة مواقعية للمخطوطات، أي تحديد أماكن ومواقع وجود المخطوطات، إضافة إلى مساعدة عموم الطلبة والباحثين للولوج المباشر إلى تلك المخطوطات.
كما سعى إلى تمكين المعهد من حصر مجموعة مهمة من المخطوطات الأمازيغية، وهو ما سيخول له بلوغ تراكم على المستوى “الاسمي”، تمهيدا لتحقيق تراكم على المستوى “الفعلي” أيضا، بفضل ما سنه المعهد منذ سنوات من مبادرات لتشجيع البحث في هذا المجال، ومنها إحداثه لجائزة خاصة بالمخطوط الأمازيغي.
وقال الوافي نوحي إن عملا من هذا الحجم يكتسي أهمية أكاديمية بالغة، إذ سيتيح لكل الباحثين المشتغلين بالتراث مادة علمية بوسعهم الاستعانة بها في أبحاثهم المختلفة، خاصة وأن هذا الإصدار يغطي تخصصات علمية متنوعة.
والكتاب، الذي أعده الباحث عمر آفا بإشراف من مركز الدراسات التاريخية والبيئية التابع للمعهد، يقع في 688 صفحة من الحجم الكبير، ويضم ما مجموعه 166 مخطوطا ووثيقة، تتوزع على حوالي 22 فرعا من العلوم الشرعية والعلوم الحقة.
ويشتمل على جرد لما تم التوصل إليه من التراث الأمازيغي المخطوط في منطقة سوس والأطلس الصغير والصحراء، على أن تتوسع مجالات البحث والاستقصاء من طرف المعهد لتغطي مستقبلا خريطة جغرافية واسعة، تمتد نحو باقي بلدان المغرب العربي وحتى واحة سيوة بمصر.
وبالنسبة إلى مؤلف هذا الدليل، فإن هذا المجهود العلمي والأكاديمي، الذي هم مختلف العلوم التي برع فيها العلماء الأمازيغ من شريعة وفقه وتصوف وفلك وطب وكيمياء، وغيرها من المعارف المرتبطة باللغة العربية، من حيث التأليف والترجمة والتفسير، يفتح آفاقا هامة أمام كل الراغبين في العمل على جمع هذا التراث وفهرسته ودراسته وتحليله، مما من شأنه أن يخول للأجيال الصاعدة أن تتعرف على ما تختزنه الذاكرة الهوياتية للمملكة من كنوز معرفية لها دورها في بناء مغرب المستقبل.
وشدد، في تقديمه للكتاب، على أن “الحاجة ماسة إلى هذا الرصيد، لتفعيله في تجديد الكتابة التاريخية، استعادة للذاكرة، وترسيخا للهوية، وتعزيزا لروح المواطنة”.