عبد العزيز بنعبو
حديث الخبز حديث دو شجون، لا ينتهي أبدا فهو العاشق والمعشوق ومنتهى الامل. لا شيء يؤكد ذلك أكثر من إحصاء افاد أن المغاربة يستهلكون أكثر من 100 مليون خبزة.
الحقيقة أن مسألة الخبز، قضية أساسية بالنسبة لحياة المغاربة. فالخبز وحليفته “الكاميلة” يستحقان كل التقدير والاحترام. فهما الزوج الوحيد الذي يحظى بشعبية قل نظيرها. رغم أبناء العمومة الذين يفيضون على جنبات “الوصالي” و “المقالي”. مثل “الملاوي” و “المسمن” و “البطبوط” وما جاورهما من “رغايف”. إلا أن الغلبة والمحبة يحصل عليها الزوج السعيد الخبز و”الكاميلة”. اما ما عداهما فمجرد كماليات لا تفي بالغرض، ولا تحقق “الأمن الغذائي” اليومي للمواطن المغربي.
لكن ما لا يعرفه البعض أن المغاربة ليسوا عبيدا للخبز ولا “للكاميلة”، هم صناع اللحظة ومحاربو اليومي. يخرجون من منازلهم صباحا، يرمون في بطونهم ما تيسر من فطور مغربي يتنوع حسب الإمكانيات والرغبات. يغادرون، يلتقون بعضهم، يتصافحون ويتحدثون ويناقشون وعندما يسألون عن الوجهة يقولون “غادي نصور طرف ديال الخبز”. هنا دلالة الإيجاز والاختصار، وتعويض كثرة الكلام والشرح والتفسير بما قل ودل من وصف يلخص مشاريع اليوم بل مشاريع كل العمر.
لكن تلك الخبزة التي لا ينتهي تصويرها، تتحول في كثير من الاحيان إلى منزل أو سيارة أو قفة أو حلوة أو عرس أو غيره من دروب العيش ومن يوميات مغربية تتوزع حسب توزع نوازع الحياة.
دلالة الخبز في العيش وليس في العبودية، فالفقير والغني يتحدان في رغبة تصوير الخبز في وضعيات مختلفة وأشكال مغايرة وطلات متعددة. صحيح أن البسطاء لا يعرفون من الخبز غير ما تفرع عن بحور القمح والشعير وطبعا البحر الوافر بحر “الفورص” الذي تفيض جنباته بما يملأ جنبات البطن. إلا أن الكل يتحد في الرغبة والإحساس بالأمن المعيشي.
أظن الحديث عن الخبز وعن مشتقاته يجد سببه فيما عشناه من كون المغاربة أمنهم الغذائي هو الخبز وغيره من عجائن تبتكر الشكل لتبقي على الرغبة في الهضم. لكن الصراحة أن رغبة الانزياح على أقاليم المحمر والمجمر والمشوي ودخول عوالم الزرود هي رغبة كل مواطن، وطموح أي بطن يريد أن يحقق أمنا غذائيا متوازنا لا عجينة فيه.
لذلك رجاء… الخبز عند المغاربة اختصار حياة وليس حبا بلغ حد الاستلاب..