*التنزيل الفعلي للدستور يفرض على الحكومة والبرلمان إقرار مبدأ المناصفة ضمن شروط التدبير الديمقراطي
*هناك طاقات نسائية مهمة، تملك من الكفاءات ما يمكنها من المساهمة في بناء مغرب قوي بنسائه و رجاله، لكن ما نلمسه اليوم يعكس هذه الصورة لأن النساء تتعرض للتهميش
*الهيئة الوطنية للمناصفة،لا تتماشى مع الفصل 19 من الدستور الذي نص على المساواة في الحقوق والحريات الأساسية، ولا تتلاءم مع عزم المغرب على حماية منظومتي حقوق الإنسان
حاورتها: أمال المنصوري
…………………..
*هل في نظركم الشروط الضرورية متوفرة لتحقيق المناصفة؟
**الشروط موجودة، هناك دستور مغربي يلح في ديباجته و في الفصلين 19 و 164 على السعي نحو المناصفة. غير ان الميكانيزم الذي يحول دون تطبيق النصوص والمبادئ الكبرى التي جاء بها الدستور المغربي الجديد، يكمن في عدم إيجاد الصيغ المناسبة لتطبيق النص التشريعي على أرض الواقع.
كما أن الاعتقاد الذي كان سائدا قبل خروج الدستور إلى الوجود هو أنه جاء ليعمق مكتسبات المرأة لكن رغم الإجراءات والآليات المتقدمة مقارنة مع بعض الدول العربية إلا أن هناك مشكلا على مستوى التطبيق، و المتمثلة في عدم توفر إرادة سياسية حقيقية وفعالة. وتنزيل مبدأ المناصفة، يعد أول امتحان حقيقي للدولة.
*هل تجاوزنا مرحلة الكوطا كبوابة للمساواة لننتقل إلى المناصفة؟
**من البدائل التي قدمنا سابقا من داخل جمعية جسور ملتقى النساء المغربيات، الحفاظ في القانون الانتخابي على اللائحة الوطنية المكونة حصريا من النساء مع نسبة 10 في المائة على الأقل من مجموع مقاعد الغرفة الأولى، وضرورة تقديم الأحزاب نسبة 5 في المائة من النساء على رأس لوائح الترشيح المحلية.
فدسترة مبدأ المناصفة وإلزامية سعي الدولة لتحقيقه، يجعل القانون المتعلق بتنظيم الأحزاب ومدونة الانتخابات والقانون التنظيمي المتعلق بعمل الحكومة، والقانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية والقانونين التنظيميين الخاصين بمجلسي البرلمان، أول امتحان حقيقي للمشرع المغربي، والحكومة الحالية.
النقاش الدائر حول الكوطا، نفهم منه كنساء أننا لا نزال قاصرات، وغير قادرات على ممارسة دورنا التمثيلي في المجالس المنتخبة، وهذا أمر فندته التجارب، وأكدت بالملموس أنه مجانب للصواب.
وأن التنزيل الفعلي للدستور، يفرض على الحكومة والبرلمان إقرار مبدأ المناصفة ضمن شروط التدبير الديمقراطي لشؤون الجماعات الترابية واعتبار ذلك هو المحدد الرئيسي لمدى الاستجابة لمقتضيات الدستور التي تعطي للدولة الأساس الذي كان مفتقدا في الدستور السابق من أجل تحسين تمثيلية النساء في المجالس الجماعية الترابية.
*هل الموارد البشرية النسائية مؤهلة للاستفادة من المناصفة و خصوصا في مراكز اتخاذ القرار؟
**هناك طاقات نسائية مهمة، تملك من الكفاءات ما يمكنها من المساهمة في بناء مغرب قوي بنسائه و رجاله، لكن ما نلمسه اليوم يعكس هذه الصورة لأن النساء تتعرض للتهميش، و الأرقام المسجلة حول النساء في المناصب العليا خير دليل على كوننا ما زلنا نحتاج إلى النضال الطويل.
*ما هي العوائق السوسيو اقتصادية التي يمكن ان تعرقل الحق الدستوري في المناصفة؟
**النساء المغاربيات لازلن يعانين من صعوبات جمة على مستوى المشاركة في تدبير الشأن السياسي. وأبرز أنه لا يمكن تحقيق تنمية سوسيو اقتصادية دون مشاركة كاملة للنساء في المجتمع والسياسة.
ثقافة ذكورية معيقة لمساواة كاملة وفعالة بين الرجل والمرأة، ولمساهمتها بشكل فعال في ممارسة كامل حقوقها، ومشاركتها إلى جانب الرجل في تدبير الشأن المحلي، وهذا يؤسس لتناقض صارخ بين الواقع الاجتماعي والمنحى القانوني.
من جهة أخرى، العقلية الذكورية في المغرب موجودة عند المرأة والرجل معا، لكون المجتمع يقوم بتفضيل الرجل على المرأة.
*أي دور للمجتمع المدني في تنزيل مقتضيات الدستور المتعلقة بالمناصفة ؟
** لا شك ان دور المجتمع المدني في الدستور الجديد تقوى كثيرا خصوصا عندما افرد الدستور لهذا الدور بضعة فصول يمكن ان نقول بشأنها ورغم قلتها باعتبار ان الدستور هو قانون لكل القوانين ومن ثم يكون من المنطقي ان لا ينص الدستور على جميع ادوار المجتمع المدني وإنما نص عليها بصفة عامة تاركا كل ما يتعلق بهذا الدور إلى القانون الخاص بالمجتمع المدني إلى تنظيمه وهي القوانين المتعلقة بالحريات العامة وتتجلى في قانون الجمعيات والمنظمات غير الحكومية، أنه أعطى دفعة قوية للمجتمع المدني بالنص على المقاربة التشاركية.لكن الملموس اليوم غيابها، فالحكومة تنهج القرار الفرادي.
من منا لا يعرف نضال الحركة النسائية لسنوات طوال، حتى تم التوصل إلى مجموعة من المكتسبات من أهمها مدونة الأسرة، قانون الجنسية….إلى حدود دستور 2011.كما شاركنا بمذكرات و اقتراحات أمام اللجن المكلفة من طرف صاحب الجلالة، و إلى رؤساء الفرق الوطنية وإلى رئيس الكومة، شكلنا شبكات وطنية نظمنا مسيرات وطنية و جهوية، شاركنا في مؤتمرات دولية و عربية، للتعريف بمطالب المرأة المغربية .لكن عندما نصل للمناقشة مع الحكومة نجد الباب موصودا في وجوهنا أو نتعامل بطريقة الآذان الصماء.
*هل في نظركم الهيئة الوطنية للمناصفة تمثل جميع الحساسيات النسائية الكفيلة بالسهر على تطبيق مبدأ المناصفة؟.
** أشك في كون الهيئة ستمثل كل الحساسيات النسائية، مادمنا نفتد إلى لغة الحوار البناء، وما دام يوجد داخل الوطن التعامل بالمحاباة و تغييب مصلحة الوطن.
فالهيئة لا تتوفر على أي صلاحيات رقابية وزجرية، مما يجعلها مجرد هيئة لإصدار التوصيات وإبداء الرأي، وتقديم المقترحات، ومركزا لإعداد الدراسات. كما جاءت مخالفا لانتظارات المجتمع، ولا يتماشى مع المذكرة التي أصدرها المجلس الوطني لحقوق الإنسان بهذا الشأن، التي نصت على إنشاء هيئة بصلاحيات شبه قضائية، فالهيئة لا تتماشى مع الفصل 19 من الدستور الذي نص على المساواة في الحقوق والحريات الأساسية، كما أنها لا تتلاءم مع عزم المغرب على حماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما.
……………
( *) رئيسة جمعية جسور ملتقى النساء المغربيات