إصلاحات على الورق مع وقف التنفيذ و تعثر في تفعيل مضامين الدستور
بشرى عطوشي
دخلت حكومة بنكيران في العد العكسي لما تبقى من عمرها ، ويبقى السؤال مشروعا، ماذا تحقق في عهد هذه الحكومة وما الذي لم يتحقق؟ أمام حجم الانتظارات التي وضعها المغاربة على كاهل حكومة بنكيران، وفق مقتضيات الدستور الجديد، حكومة يقودها حزب قدم للناخبين وعودا بإنجاز الإصلاحات الكبرى، ومحاربة الفساد واقتصاد الريع، وتنزيل مضامين الدستور الجديد على أرض الواقع.
فبعد مرور ثلاث سنوات، هناك شبه إجماع على أن الحكومة لم تنجح في تحقيق أية خطوة في مسار الإصلاحات الكبرى التي أعلن عنها، وعلى مدى أزيد من ثلاث سنوات على تعيين عبد الإله بنكيران رئيسا لأول حكومة في ظل الدستور الجديد، ورغم الصلاحيات الكبيرة التي منحها الدستور لرئيس الحكومة لم يسبق أن تمتع بها أي وزير أول في تاريخ المغرب، تبدو حصيلته خلال الثلاث سنوات من ولايته هزيلة جدا مقارنة مع حجم الانتظارات التي رافقت تعيين حكومته، بعدما حقق حزب العدالة والتنمية الذي يقودها فوزا كبيرا في الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 25 نونبر من سنة 2011، وطيلة الثلاث سنوات، لم ينجح بنكيران في تحقيق أية خطوة في مسار الإصلاحات الكبرى التي أعلن عنها. فكل الملفات التي حاولت حكومته الاقتراب منها، مازالت على حالها، من قبيل صناديق التقاعد المهددة بالإفلاس، وتشغيل العاطلين الذين أعلن عليهم بنكيران الحرب، وتجميد الحوار الاجتماعي مع النقابات. كما فشل بنكيران في تنزيل الدستور، من خلال إخراج القوانين التنظيمية المكملة له. فبعد مرور ثلاث سنوات من عمر ولاية حكومته التي تعتبر ولاية تأسيسية، مازالت أغلب القوانين المكملة للدستور فوق الرفوف، ومنها القوانين الانتخابية التي سيتم بموجبها تنظيم الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
لقد ظل رئيس الحكومة في جل المناسبات يردد بأن حصيلة الائتلاف الحكومي جيدة ، و هو الخطاب الذي لازمه طيلة ثلاث سنوات من عمر حكومته في نسختيها الأولى و الثانية . وهو الشعار الذي تم توظيفه بذكاء انتخابي للوصول بواسطته إلى أوسع كتلة انتخابية.
و صار مفهوم “عفا الله عما سلف” مفهوما سهلا طبقته حكومة بنكيران عندما قررت العفو عن مهربي الأموال إلى الخارج. وكان وزير الاقتصاد والمالية آنذاك قد أشار إلى أن “هدف هذه المبادرة هو تمكين المغاربة المتورطين في إخراج أموال بطرق غير قانونية من تسوية أوضاعهم تجاه السلطات بشكل يحفظ لهم ماء الوجه وتحفيزهم على إعادة تلك الأموال إلى البلاد لتستفيد منها”.و كان نتيجة هذا الإجراء رقم مالي ضئيل تم استرجاعه .
الأرقام التي تعلنها حكومة بنكيران فيما يتعلق بالبطالة ومحاربة الرشوة والنمو الاقتصادي، غالبا ما تفندها مؤسسات مشهود لها بالكفاءة كالمندوبية السامية للتخطيط. البطالة والرشوة والمحسوبية كان يجب التعامل معها بأسلوب أكثر نجاعة.
ففي ظل حكومة بنكيران تمت الزيادة في أثمان المواد استهلاكية والنفطية، خرجت لأجلها نقابات كبرى تحتج على إرهاق كاهل المواطن سواء في الصحة او السكن او التعليم بعدما تعثر الحوار الاجتماعي. فبعدما أقفلت حكومة بنكيران الثلاث سنوات من عمرها السياسي. يبدو أن المرأة كانت ضحية غياب رؤى قمينة بتعزيز المكاسب و كسب المزيد من الحقوق . وهذا واضح في عدم إخراج المؤسسات والقوانين المتعلقة بالمرأة، كهيئة المناصفة التي أقرها الدستور، وقانون محاربة العنف ضد النساء. فالحكومة لازالت لم تفعل بعد تلك التطلعات.