عبد العزيز بنعبو
الحقيقة اننا شعب إستثنائي جدا في كل شيء، فليس لدى عباد الله ما لدينا، خاصة عندما ينبت أشخاص من أرض البؤس يفقهون في كل شيء. في الثقافة و الفن و ربما حتى في الرياضة و السياسة و الإجتماع. ينهالون عليك بالنظريات الخبزية التي تتحول مع مرور الوقت إلى حلوى بهية تشبه “الطورطة”. لكن لا أحد يأخد قطعة بل كل القطع لهذا “الفاهم” جدا. المقربون يكتفون بالفتات، و المبعدون لهم الله في سعيهم لتامين يومياتهم خاصة إذا كانوا فنانين. يغنون أو يمثلون أو يخرجون و في الحقيقة فإنهم يخرجون على “راسهم” إذا عارضوه و مصيرهم الإقصاء و التهميش. لكن الذي لا أفهمه هو لماذا يحقد هذا “الفاهم بزاف” على الصحافي، لمجرد قيامه بعمله . لا أفهم ذلك الكم الهائل من الحقد والغضب الذي يحاول أن يدفنه في صدره و ينفس عليه بممارسة الإقصاء و التهميش و قول من قبيل “واش حتى هاذي جريدة” بينما هي في الأمس مدت له يدها و يسعى بإستمرار لأن يظهر فيها بأي شكل حتى و لو بكذبة.
هذا الفاهم ، ينسى أننا معشر الصحافيين نقوم بعملنا و لا شيء شخصي، فقط نحاول أن نكون صوت من لا صوت له و أن نكون ملاحظين، حيث ننقل هواجس و هموم و آلام و انتقادات الذين لا يستطيعون إسماعها لأحد، و الأهم من ذلك أننا نكن لكل فاعل في الميدان مبدعا او مسؤولا أو “فاهما” كل الإحترام و التقدير، بل لنا صداقات مع الفاعلين في مجال اهتمامنا.
لكن أن يستمر الوضع بهذا الشكل بصراحة… آسف، لا يمكننا ان نستمر بهذه العقلية التي جعلت من مشهدنا الفني عبارة عن عبث و عن مصالح متبادلة بين الناس ذوي القربى أو ذوي الصداقة أو غيرها من الإعتبارات الأخرى.
حان الوقت لنكون في مستوى المغاربة، و أن نحترم مواطنينا و لا نستخف بهم. فالذي يقول أن المغاربة لا يقرؤون و لا يشاهدون المسرح و لا يرتادون المعارض التشكيلية لأنهم يفتقدون إلى الثقافة و الوعي اللازم لذلك، أقول له أن المغاربة لا يقرؤون لأنهم لا يجدون ما يثيرهم و يستفز حاسة القراءة لديهم، المغاربة لا يسعون إلى المسارح لأنهم لا يجدون شيئا خارج العلاقات و ارتياد آفاق لا يفهمها إلا أصحابها. المغاربة لا يشاهدون المعارض التشكيلية لأنهم لا يجدون لوحة تعبر عنهم . و قبل هذا و ذاك نفتقد لمسارات تعليمية تؤصل فينا ما نفتقده اليوم و يستغله البعض ليعطونا ما يريدون مع كامل الأسف..
ملاحظة بسيطة: الاستثناء طبعا موجود لأننا أغنياء بإبداعنا و لسنا فقراء بأنانيتنا..