صادق مجلس النواب، خلال جلسة عمومية ، الأربعاء الفارط ، بالإجماع على مشروع قانون يتعلق بالقضاء العسكري، يهدف، بالأساس، إلى إصلاح شامل وجذري لقانون القضاء العسكري الصادر سنة 1956.
وتتوزع مضامين هذا القانون على أربعة محاور أساسية تتمثل في إعادة النظر في الاختصاص النوعي للمحكمة العسكرية لجعلها محكمة متخصصة وليس استثنائية، وتوضيح الطبيعة القانونية للمحكمة العسكرية، وإعادة تنظيم ودعم مبدأ استقلالية القضاء العسكري، وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة أمام المحكمة العسكرية وتعزيز حقوق المتقاضين.
فبخصوص اختصاص المحكمة العسكرية، نص القانون على تقليصه حيث لم يعد ضمن اختصاصها محاكمة المدنيين إلا في وقت الحرب وكذلك جرائم الحق العام المرتكب من طرف العسكريين وشبه العسكريين وكذلك الجرائم المرتكبة من طرف الأحداث بالإضافة إلى الجرائم التي ترتكب من طرف الشرطة القضائية العسكرية أثناء ممارستها لمهامها.
ولتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة أمام المحكمة العسكرية نص القانون على تقليص الحالات المعاقب عليها بعقوبة الإعدام من 16 حالة إلى 5 حالات، حيث تم حصر هذه الحالات بدقة وحرص شديد نظرا لحساسية المسألة وباستحضار للمصلحة العليا للوطن وخصوصية المجال العسكري، كما تم التنصيص على التقيد بقانون المسطرة الجنائية في هذا الباب.
وأبرز السيد عبد اللطيف الوديي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، في
وشدد على أن القانون يهدف إلى إصلاح شامل وجذري لقانون القضاء العسكري الصادر سنة 1956 من أجل ملاءمة مقتضياته مع مضامين الدستور الجديد وتعزيز مقوماته كقضاء مستقل ومتخصص يقرن احترام الحقوق والحريات بالحزم والانضباط، وذلك تماشيا مع المنظومة القانونية الوطنية المتطورة والتنظيم الحالي لقوات المسلحة الملكية، مشيرا إلى أن إعداد نص مشروع القانون تبنى مقاربة شمولية أخذت بعين الاعتبار الدينامية الإصلاحية وتوصيات تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان المقدم إلى جلالة الملك في مارس 2013، كما راعت المرجعيات الحقوقية وتراكمات العمل القضائي والاجتهادات القضائية والثوابت الوطنية وعموم التطورات التي عرفها المغرب على جميع الأصعدة.
من جانبهم، أبرز ممثلو عدد من الفرق البرلمانية خلال مداخلات قبل التصويت على مشروع القانون، أن هذا الأخير يأتي في سياق متميز يتمثل في كون المملكة بصدد تفعيل مضامين دستور 2011، لاسيما فيما يتعلق بالقضاء الخاص والاستثنائي، وسيساهم في تعزيز البعد الحقوق للأحكام التي تنطق بها هذه المحكمة.
واعتبروا أن هذا القانون يمثل مكسبا وطنيا وثورة حقوقية نموذجية في العالم العربي وإفريقيا وكذا لحظة تشريعية هامة في المسار الحقوقي للمملكة، وقانونا مفصليا ينضاف إلى القوانين التي تطمح إلى بناء دولة المؤسسات والمحاكمات العادلة.
وشدد المتدخلون على أن النقاش الذي ساد خلال إعداد مشروع هذا القانون كان حول جودة الأخير، بعيدا عن أي سجال سياسي، وذلك بغية تقديم نص المشروع في حلة تتناسب مع الدينامية التي يشهدها المغرب، لاسيما على المستوى الحقوقي، مبرزين، في هذا الصدد، أن القانون يقدم جوابا واضحا وصريحا لأولئك الذين يحاولون توظيف ورقة حقوق الإنسان ضد المملكة