24, نوفمبر 2025

 

هدم فوق هدم..

ست سنوات من الأشغال، ملايين من الدراهم المرصوفة على الإسمنت والحديد، مئات من اليد العاملة التي اشتغلت تحت الشمس أكثر وأكثر من المطر… ثم في لحظة واحدة، ينهار كل شيء بقرار إداري يهدم بناية مشروع في بوسكورة…

هكذا، وبكل بساطة، نكتشف من جديد أن مساطر التعمير في بلدنا يشوبها ما يشوبها… عتمة في الرؤية، وتراخ في المراقبة، وتواطؤ صامت يتغذى من الفوضى…

السؤال الفاضح الذي يفرض نفسه، هو أين كانت السلطات طيلة ست سنوات؟

ألم تمر الشاحنات أمام أعينها؟ ألم توقع الرخص؟ ألم تفحص الخرائط؟ أم أن “الاختلال” لا يرى إلا حين يصبح الخراب أمراً واقعاً، وحين تصير الجرافات هي الحل الوحيد لتعويض غياب الإدارة؟

لو كان الأمر يتعلق بتجاوز بسيط، لقلنا خطأ يمكن إصلاحه. لكن حين تصل البناية إلى مراحل متقدمة من الأشغال، وحين تكون مفتوحة للعيان، فالمشكل لم يعد عند صاحب المشروع وحده، بل في سلسلة كاملة من المسؤولين الذين سمحوا لهذا الصرح العمراني أن يكبر، حتى صار لا ينفع معه سوى الهدم.

ثم أين هي مساطر التسوية التي يتغنى بها القانون؟ أليست هذه هي الحالة النموذجية التي وضعت لأجلها آليات التصحيح قبل بلوغ نقطة اللارجوع؟ أم أن القانون وضع لتستعرض الإدارة عضلاتها أمام الرأي العام؟

إن هدم بناية بعد ست سنوات ليس تطبيقاً للقانون؛ إنه إعلان رسمي عن فشل في التدبير، وفضيحة مراقبة، وشهادة ضمنية بأن الإدارة نفسها بحاجة إلى إعادة البناء… قبل أن تهدم مزيداً من المشاريع، أو مزيداً من الثقة في المؤسسات.

إن منعطف بوسكورة الضيق هذا، ليس مجرد حادثة عمرانية؛ إنه انعكاس لمعضلة أعمق وأكبر..

الفوضى حين تصبح قاعدة، والمحاسبة حين تأتي متأخرة، تصبح مجرد فرجة.

 

اترك تعليقاً

Exit mobile version