تكريم يعاد تسخينه!
يبدو أن بعض مهرجاناتنا السينمائية وجدت وصفة سحرية للنجاح…
كرّر الاسم نفسه، وسمه تكريمًا! فليلى علوي، التي نحترم مسارها بلا شك، أصبحت ضيفة دائمة على المنصات المغربية حتى يخال المشاهد أن القانون المنظم للمهرجانات ينصّ على تكريمها كل عامين على الأقل، وإلا أُلغيت الدورة!
ثماني مرات من التصفيق، وثماني شهادات تقدير، وثماني صور على السجادة الحمراء، فيما رواد السينما المغربية، ممن وضعوا أولى الحروف في شريطنا الطويل، ينسون في صمتٍ لا يقطعه سوى صدى تكبيرات صلاة الجنازة.
الظاهرة لم تعد مجرد صدفة أو حسن نية؛ إنها أسلوب في التسيير الثقافي قائم على المجاملة والاستعراض. فبعض المهرجانات لا تبحث عن الاعتراف بالإبداع بقدر ما تبحث عن صورة تلمع في الصحف العربية، حتى وإن كانت على حساب من صنعوا السينما في هذه الأرض. كأننا بحاجة دائمة إلى “الضوء الخارجي” لنثبت أننا موجودون.
أين أسماءنا التي رحلت دون أن ينكس العلم الثقافي حدادًا عليها؟ أين الذين كتبوا وأخرجوا وصوروا قبل أن تتوفر القاعات والإمكانات؟ أم أن من لم يكرم في الخارج لا يستحق التكريم في الداخل؟
إن ما نراه ليس وفاءً للفن، بل تكرارًا مقرفًا لا يخلو من تواطؤ مصالح قتصل إلى حد “أكرمك اليوم، فتكرمني غدًا”؛ معادلة تسيء للمشهد السينمائي أكثر مما تخدمه، وتحول التكريم إلى عملة منزوعة القيمة.
لقد آن الأوان لأن نفك الارتباط بهذا الكسل الثقافي المتعطر برائحة النفاق الفني، وأن نعيد الاعتبار للمغاربة الذين صوروا وجعهم وفرحهم بعدساتهم، لا بأضواء ضيوف الشرف. فبلدٌ يبني أكبر ملعب ومستشفى في سنة، قادرٌ أيضًا على بناء ذاكرة فنية تكرم أبناءه قبل أن تكرر ضيوفه…
في المرة القادمة، ربما نكرم ليلى علوي على حسن وفائها للمهرجانات المغربية أكثر من وفاء المهرجانات نفسها لمبدعيها، من يدري؟
