24, نوفمبر 2025

حين تضيق المساحات داخل بيت الصحافة…

تمر الصحافة المغربية اليوم بمرحلة دقيقة، تنكشف فيها هشاشة البنية التنظيمية للنقابة الوطنية للصحافة، بعد انسحاب المسؤول الأول في المجلس الوطني، الذي ظل لسنوات واجهة لها وصوتاً باسمها. هذا الانسحاب، وإن تمت تغطيته بذرائع تنظيمية، لا يمكن فصله عن الصراعات السياسية التي تسللت إلى الجسم النقابي، فأضعفت استقلاليته وأربكت توازنه الداخلي. والأدهى أن المجلس ذاته لم يجدد هياكله في الوقت المحدد، مما يجعل الشرعية التمثيلية موضع تساؤل مشروع.

ولعل ما يجري اليوم يعيد إلى الأذهان فصولاً مؤلمة من تاريخ قريب حين استخدمت النقابة سيفاً لا درعاً، لتصفية حسابات مع مؤسسات إعلامية فقط لأنها رفضت الاصطفاف خلف “اللائحة الفريدة”، فاستعملت حينها أموال الدعم الاجتماعي المخصص للصحافيين ل”معاقبة” المؤسسات الصحفية “المارقة” ومنتسبيها، كما استعملت اللجان الثنائية كأداة للإجهاز على جرائد حرة وجادة، بحرمانها من الدعم العمومي في محاولات يائسة لإجهاض مسارها المهني.

إن ما يجري ليس مجرد أزمة داخلية في نقابة، بل منعطف ضيق تمر منه الصحافة المغربية بأكملها، يمتحن فيه ضميرها واستقلالها وحقها في التنظيم الحر، بعيداً عن الوصاية السياسية والمصالح الضيقة التي تخنق الكلمة الحرة وتزرع الشك في صدقية المهنة.

إن السلوكات والأخبار التي ترشح هذه الأيام من داخل النقابة، في خضم حرب هوجاء تشن على المسؤولين الحاليين، لا تسيء إليهم بقدر ما تكشف حقيقة من يخوضونها، وتضعهم في حجمهم الطبيعي. فبدل أن تكون النقابة بيتا جامعا للصحافيين، تحولت عند بعضهم إلى ساحة لتصفية الحسابات الشخصية والسياسية، في مشهد يسائل ضمائر من اختزلوا العمل النقابي في لعبة مواقع ومنافع، ناسين أن الصحافة لا تُبنى على التناحر، بل على المصداقية والكرامة المهنية.

اترك تعليقاً

Exit mobile version