المنعطف-إعداد: عبد الرحيم باريج/منير حموتي
حصلت المملكة المغربية في إنجاز دولي جديد يسلط الضوء على سجلها الحافل بالإنجازات الأمنية في إفريقيا والعالم، (حصلت) على ثقة الدول الأعضاء في المنظمة الدولية للشرطة الجنائية بتنظيم الجمعية العامة 93 ل”الأنتربول” العام القادم بمراكش، وهو الإنجاز الذي يؤكد إلتزام مملكتنا بدعم السلام الإقليمي والعالمي وتعزيز حضورها في المنظمات الدولية الكبرى وخاصة في مجالات الأمن الدولي والتعاون الشرطي، فوز يؤكد ثقة المجتمع الدولي في المغرب وقيادته في إرساء معايير أمنية فعّالة تعالج تحديات اليوم.
ويعكس القرار كذلك إلتزام المغرب الراسخ بتعزيز التعاون الأمني الدولي بين الدول الأعضاء في “الأنتربول”، ودوره المحوري في تعزيز الأمن والإستقرار على المستويين القاري والعالمي، ولثقة المجتمع الدولي في الدور المتميز للمغرب وقدرته على تنظيم الفعاليات الدولية الهامة باحترافية.
وصوت المندوبون أيضًا على عقد دورات الجمعية العامة المستقبلية في هونج كونج بالصين (2026)، والدوحة بقطر (2027)، وسيول بكوريا (2029).
واستلهم الترشيح المغربي لمنصب نائب رئيس الأنتربول عن القارة الإفريقية التوجهات الملكية للملك محمد السادس نصره الله التي جعلت من التعاون جنوب -جنوب خيارا استراتيجيا وأولوية بالنسبة للمملكة وشركائها في إفريقيا، وفق رؤية براغماتية تركز على تطوير العلاقات التي تربط المغرب مع البلدان الإفريقية على جميع المستويات، بما فيها المستوى الأمني.
مكافحة الجريمة في مختلف انحاء العالم
يتعين على مؤسسات مكافحة الجريمة في مختلف أنحاء العالم، أن تستجيب للاتجاهات الجديدة والتطورات في التكنولوجيا والشبكات الإجرامية المتطورة بشكل متزايد.
وإذا أرادت التصدي بفعالية للتهديدات مثل الجريمة المنظمة والاحتيال ومكافحة الإرهاب، فإن التعاون الدولي يشكل مفتاح النجاح.
وشهد اليوم الأول من الجمعية العامة الإعلان عن إنشاء أكاديمية الأنتربول لإنفاذ القانون، وهو مركز تعليمي يستضيف مجموعة من برامج وفعاليات التطوير المهني.
وستقدم الأكاديمية، التي تتخذ من مجمع الأنتربول العالمي للإبتكار في سنغافورة مقراً لها، برنامجاً للقيادة التنفيذية لكبار قادة الشرطة من مختلف أنحاء العالم، وستتم دعوة البلدان الأعضاء في الأنتربول لترشيح المرشحين للمجموعة الأولى من البرنامج.
واختتمت الجمعية العامة 92 للإنتربول أعمالها بموافقة المندوبين على مجموعة من الإجراءات الرامية إلى تعزيز قدرات المنظمة ودعمها العملياتي تحت قيادة الأمين العام الجديد فالديسي أوركيزا البرازيلي الذي تم تعيينه في الوقت الذي تتكيف فيه الأنتربول مع التحديات الأمنية العالمية المتغيرة بسرعة.
وتمت الموافقة على سلسلة من القرارات التي تهدف إلى تعزيز الاستجابة العالمية المنسقة لإنفاذ القانون في مواجهة التهديد المتزايد الذي تشكله الجريمة المنظمة، وأكد المندوبون على الحاجة إلى مزيد من تبادل المعلومات من أجل توفير معلومات أفضل عن صورة التهديد الإرهابي المتطورة والروابط مع الجريمة المنظمة وتعدد الجرائم فيها.
وتناولت سلسلة من الندوات التفاعلية ومتعددة المناطق مجالات رئيسية بما في ذلك التأثير العميق للتقدم التكنولوجي على الشرطة وكيف يمكن لإنفاذ القانون التنقل في مشهد الذكاء الإصطناعي سريع التطور لتعزيز القدرات مع معالجة التحديات التي يفرضها.
وفوائد الشرطة التي تركز على المجتمع في مكافحة الجريمة بنجاح وتسليط الضوء على أنواع الجرائم التي تؤثر سلبًا على النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم، والأهداف الاستراتيجية الوطنية التي تشكل تبادل البيانات البيومترية بين البلدان، فضلاً عن التحديات القانونية والمالية والتشغيلية الرئيسية، وخطر التفتت والحاجة إلى استجابة شاملة ومتعددة الأطراف للتهديدات الحالية والمستقبلية لضمان الأمن الإنساني والتنمية المستدامة.
وأيد المندوبون أيضاً توقيع اتفاقية تعاون مع منظمة الصحة العالمية إدراكاً للأهمية الحاسمة للعمل بين الوكالات على المستويين الوطني والدولي، وستدعم الإتفاقية التعاون الملموس بين أجهزة إنفاذ القانون والصحة العامة في جميع أنحاء العالم، من أجل معالجة التهديدات الصحية للسكان بشكل فعال، بدءا من معالجة المنتجات الطبية المقلدة وغير المشروعة، إلى الوقاية من الحوادث البيولوجية والاستجابة لها.
وانتخب المندوبون أيضًا تسعة أعضاء جدد للجنة التنفيذية، وسيخدم كل منهم لمدة ثلاثة أعوام (2024 – 2027)، وهم : محمد الدخيسي/المغرب نائب الرئيس لشؤون إفريقيا، وماري د. رودريجيز/الولايات المتحدة الأمريكية نائبة الرئيس للأمريكتين، ويام برايس/كندا مندوب عن الأمريكيتين، ولويس أليخاندرو رول/الأرجنتين مندوب عن الأمريكتين، علي محمد العلي/قطر مندوب عن آسيا، يونغ وانغ/الصين مندوب عن آسيا، ثورستن كونست/ ألمانيا مندوب أوروبا، لوكاس فيليب/فرنسا مندوب عن أوروبا، مصطفى سركان صبنجة/تركيا مندوب أوروبا.
وتجتمع الجمعية العامة للتصويت سنويا على الأنشطة والسياسات، وهي الهيئة العليا الحاكمة للأنتربول، وتضم ممثلين عن كل دولة من الدول الأعضاء، وهي ضمان توافق أنشطة الأنتربول مع احتياجات البلدان الأعضاء.
ويحقق ذلك من خلال تحديد المبادئ والتدابير التي يتعين على المنظمة اتباعها لتحقيق أهدافها، ومراجعة وإقرار برنامج الأنشطة والسياسة المالية للسنة المقبلة، وتنتخب الجمعية العامة أعضاء اللجنة التنفيذية وهي الهيئة الحاكمة التي تقدم التوجيه والإرشاد بين دورات الجمعية، ويتضمن جدول الأعمال كل عام أيضا اتجاهات الجريمة الرئيسية والتهديدات الأمنية التي يواجهها العالم.
وتوفر الجمعية العامة أيضًا باعتبارها أكبر تجمع عالمي لكبار مسؤولي إنفاذ القانون، فرصة مهمة للدول للتواصل وتبادل الخبرات وتخذ كافة القرارات الرئيسية التي تؤثر على السياسة العامة والموارد اللازمة للتعاون الدولي وأساليب العمل والمالية وبرامج الأنشطة.
وكانت هناك أربع لوحات تفاعلية رئيسية تناولت جوانب مختلفة لمستقبل الشرطة الدولية في جميع برامج مكافحة الجريمة العالمية التابعة للمنظمة والقدرات البيومترية في الخطوط الأمامية والذكاء الإصطناعي ومستقبل الشرطة ودعم التعددية لبنية أمنية عالمية متكاملة ومستقبل قيادة إنفاذ القانون، وغطت المواضيع الأخرى الشراكات العالمية والحوكمة ومعالجة البيانات بالإضافة إلى قدرات الشرطة العامة.
وصوتت الجمعية أيضًا على الموافقة على برنامج الأنشطة والميزانية لعام 2025، والإتفاق العام بشأن امتيازات وحصانات “الأنتربول”: تقرير التقدم المحرز، وقيادة الاستجابات التحقيقية لمنع تأثير الإرهاب بشكل أفضل، وربط مجتمع عالمي من المحللين لتعزيز تبادل البيانات، وتآكل الوصول القانوني إلى الأدلة الرقمية: التأثير على عمل الشرطة، وقائمة الأنتربول “أسوأ مواقع الويب التي تنشر مواد الاعتداء الجنسي على الأطفال: مسودة اتفاقية تعاون قياسية للأنتربول، ومشروع اتفاقية تعاون بين الأنتربول ومنظمة الصحة، وتعديلات على قواعد الأنتربول بشأن معالجة البيانات، وتسوية النزاعات بموجب المادة 135 من قواعد الأنتربول بشأن معالجة البيانات، وتعديلات على المادة 18 من النظام الداخلي للجمعية العامة، وتعديلات على النظام العام للمنظمة والنظام الداخلي للجمعية العامة فيما يتعلق باللجنة المخصصة، ولجنة الحوكمة، والتقرير المالي السنوي والقوائم المالية لعام 2023، ومكافآت أعضاء لجنة مراقبة ملفات الأنتربول، والأنتربول: نهج استراتيجي مقترح، وتحسين القدرة التنافسية لحزمة التعويضات والمزايا، وتعديلات على لائحة الموظفين، وبرنامج توسيع وتجديد مبنى الإنتربول: ميزانية التجديد وإطار التنفيذ مع فرنسا، وتجديد مدة خدمة المراجعين الخارجيين..
وسيُحتفل بالدور المركزي للمملكة عام 2025 في ما يعتبر أكبر وأهم حدث للشرطة في العالم لمعالجة قضايا الشرطة العالمية الحاسمة، بما في ذلك السياسات وتخصيص الموارد ومبادرات التعاون الدولي. ويلاحظ أن أعضاء الأنتربول يشتركون في هدف مشترك يتمثل في منع الأنشطة الإجرامية والتهديدات في جميع أنحاء العالم.
وستكون الجمعية العامة في المغرب فرصة رئيسية لدفع الابتكار والقيادة في التعاون الدولي لمعالجة اتجاهات الجريمة الرئيسية والتهديدات الأمنية، بما في ذلك الجريمة المنظمة والإرهاب والاحتيال. واستضافة الجمعية العامة للأنتربول في مراكش تؤكد دور المملكة كقائد عالمي عندما يتعلق الأمر بالأمن والشرطة، وتُظهر التزامها الراسخ بمعالجة التهديدات العالمية.
استضافة المملكة للحدث باعتبارها رائدة عالمية
وجاء استضافة المملكة لهذا الحدث باعتبارها بالفعل رائدة عالمية في مجال الأمن والشرطة، مما يمنحها دورا مركزيا في واحدة من أهم فعاليات الشرطة والسلامة العامة في العالم، حيث ستجمع أعضاء الأنتربول البالغ عددهم 195 في هدف مشترك واحد، منع الأنشطة غير المشروعة العالمية ومعالجة التهديدات والمخاطر الإجرامية في جميع أنحاء العالم. وتعتبر فرصة رئيسية لتحفيز الإبتكار والقيادة في التعاون الدولي بين أجهزة الشرطة لمواجهة اتجاهات الجريمة الكبرى والتهديدات الأمنية التي يواجهها العالم، بما في ذلك الجريمة المنظمة ومكافحة الإرهاب والاحتيال.
سيكون الحدث الذي سيقام في المغرب عام 2025 بمثابة حافز لجعل المملكة دولة محورية في التعاون الدولي للشرطة. ولتحقيق هذه الغاية، لن تعمل الشرطة المغربية على تعزيز التعاون بين الدول فحسب، بل ستعزز أيضًا دور المكتب المركزي الوطني للأنتربول في الرباط. كما ستعمل على تعزيز سياسة الأمن العام المتقدمة في البلاد والمعدات المتطورة للشرطة في جميع أنحاء العالم.
ونجح عرض الاستضافة للجمعية العامة للإنتربول لعام 2025 في جذب اهتمام وانتباه هيئات إنفاذ القانون في جميع أنحاء العالم إلى المغرب.
وستعمل المديرية العامة للأمن الوطني بجد على الإستعداد حتى تتمكن الشرطة الوطنية المغربية من لعب دور رائد في وضع معايير التعاون الدولي في مجال الأمن العام. وتحظى جميع المؤسسات الأمنية في المغرب بالثقة الكاملة للمواطنين الذين يشعرون معها بكامل بالثقة في المستقبل، طالما أن تلك المؤسسات تُبقي أعينها الجماعية على الأفق وما بعده، وهو ما تقوم به خدمة للبلاد والعباد ومساهمة منها في الأمن الوطني والعالمي.
وشكر الدخيسي على غرار الأمين العام المنتخب المندوبين على ثقتهم في تعيينه، وتعهد بتعزيز المساواة والتنوع داخل فرع المنظمة في عموم إفريقيا، والتنسيق مع بلدانها لتقديم تحقيقات وعمليات فعالة، وتقديم مبادرات بناء القدرات المصممة خصيصًا لقضايا الشرطة الإقليمية.
وسيلتزم بصياغة منظمة أنتربول لا تكتفي بتلبية متطلبات اليوم، بل تتوقع تحديات الغد وتستعد لها. ويضم الأنتربول القوي الجميع، وعندما تُحترم وجهات النظر المتنوعة وتُعلى من شأنها، يتم الحصول على نهج أكثر وضوحًا وشمولاً للأمن العالمي. وسيعمل الدخيسي رفقة كافة مؤسسات الأمن الإفريقي على “بناء منظمة أنتربول تعمل كمنارة للأمل والأمن، وتقف جنبًا إلى جنب مع كل قوات الشرطة، في كل بلد، من أجل خلق عالم أكثر أمانًا للجميع”.
وسبق للدخيسي أن أبرز الإنجازات الكبرى الملموسة التي تحققت في إطار التجربة الأمنية الرائدة بالمغرب، من خلال عمليات استباقية ساهمت في إحباط مجموعة من العمليات الإرهابية والإجرامية ومحاربة مختلف أشكال الجريمة، جعلت المملكة تحظى باعتراف كبير من قبل المجموعة الدولية.
وأضاف أن ذلك يشهد على الرؤية المتبصرة للمملكة في مجال التعاون الدولي، وعزمها الموصول على دعم جهود المجموعة الدولية في مواجهة مختلف أشكال الجريمة المنظمة، واحترام إلتزاماتها الدولية في إطار شراكة تعود بالنفع على الجميع.