المنعطف – إعداد : ع.ر.ب
نظمت بالرباط أشغال المؤتمر السنوي للنظام الإقليمي للتحليل الاستراتيجي وإدارة المعرفة من 1 إلى 3 أكتوبر 2024، وذلك بشراكة بين “أكاديميا 2063” ومفوضية الاتحاد الإفريقي بالتعاون مع مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد تحت شعار”تعزيز برنامج المناخ والاقتصاد الحيوي في إفريقيا من أجل أنظمة زراعية وغذائية مرنة ومستدامة”، لتحديد التحديات التي تفرضها أزمة المناخ على النظم الزراعية الغذائية والفرص التي يتيحها الانتقال إلى الاقتصاد الحيوي للتخفيف من الآثار السلبية لتغير المناخ والتكيف معها.
كذا دعم تطوير برنامج التنمية الزراعية الشاملة في إفريقيا وتنفيذه لاحقاً من خلال جدول أعمال برنامج التنمية الزراعية الشاملة لإفريقيا بعد مؤتمر مالابو المتجدد. وعرف المؤتمر مشاركة ممثلي عن اكاديميا 2063 ومركز السياسات للجنوب الجديد، مفوضية الاتحاد الأفريقي إضافة الى باحثين خبراء مستقلين.
وشارك وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات محمد صديقي، في المؤتمر الذي يُعد من أبرز الفعاليات الرامية لتعزيز التعاون الإقليمي حول السياسات الزراعية والتنمية المستدامة في إفريقيا.
جاء هذا المؤتمر في توقيت بالغ الحساسية، حيث تتصاعد التحديات البيئية والاقتصادية في إفريقيا، التي تواجه آثارًا متزايدة للتغير المناخي. وأكد الوزير صديقي في مداخلته أن الاقتصاد الحيوي المستدام يشكل رافعة استراتيجية لتحولات جذرية في الأنظمة الاقتصادية والفلاحية والبحرية.
هذه الرؤية تتناغم تماماً مع أجندة 2063 للاتحاد الإفريقي، التي تهدف إلى تحقيق الازدهار المشترك والتنمية المستدامة في القارة.
مثل هذا الحدث فرصة ذهبية لإفريقيا لتعزيز قدرتها على مواجهة التحديات المناخية، من خلال تشجيع التعاون الإقليمي وتبادل الخبرات العلمية بين الدول الأعضاء. وتلعب المملكة المغربية دوراً رائداً في دفع عجلة الابتكار الزراعي، بفضل استراتيجياتها الرائدة، مثل “مخطط المغرب الأخضر” و”الجيل الأخضر”، التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة والزراعة الذكية لتحقيق الأمن الغذائي والاستدامة البيئية.
وقد ساهمت هذه المبادرات في دعم المزارعين الصغار وتعزيز الأبحاث الزراعية، إلى جانب تبني سياسات تمويل مرنة لتحقيق أهداف طموحة على صعيد الزراعة المستدامة.
وتعد الشراكات الاستراتيجية التي تربط المغرب بالدول الإفريقية الشقيقة إحدى الركائز الأساسية لتعزيز التعاون المشترك وتطوير حلول مبتكرة في مجالات الزراعة والأمن الغذائي. وتجسيداً للتوجهات الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، يحتل التعاون الإفريقي مكانة محورية في السياسة الخارجية المغربية. وقد أولى جلالته اهتماماً كبيراً بتعزيز العلاقات التاريخية والاقتصادية مع دول القارة، متبنياً رؤية استراتيجية للتعاون جنوب-جنوب، تركز على تبادل الخبرات والتجارب لبناء نموذج تنموي شامل.
التحويل الناجح لأنظمة الغذاء في سياق تغير المناخ والصدمات العالمية:
مع ظهور أزمة المناخ كأكبر تهديد لتنمية التجارة الزراعية في إفريقيا والقطاع الزراعي ككل، فإن موضوع عام 2024 يعترف بالوضع ذي الأولوية العالية لتغير المناخ على أجندة التنمية في إفريقيا. وعلى خلفية إعلان مالابو واستعدادًا لأجندة ما بعد مالابو الوشيكة، يتعمق هذا الإصدار في التوصيات الصادرة عن المشاورات الحاسمة الأخيرة المتعلقة بالمناخ، مما يؤكد على أهمية مواءمة وتنسيق أجندات الغذاء وتغير المناخ.
وكان المؤتمر فرصة حقيقية للاستفادة من الأدلة وتعزيز الحوار حول المسارات نحو أجندة أكثر شمولاً لما بعد مالابو تدمج الأولويات لتحويل ناجح لأنظمة الغذاء في سياق تغير المناخ والصدمات العالمية نحو تحول اقتصادي واسع النطاق بقيادة الزراعة في جميع أنحاء إفريقيا.
تناول المؤتمر أجندات تغير المناخ والاقتصاد الحيوي في إفريقيا وناقش استراتيجيات التنفيذ التي تنتهجها البلدان في إطار اتفاق باريس، ومؤتمر الأطراف الثامن والعشرين، وأجندات المناخ القارية الأوسع نطاقًا.
وباعتبارها محور المناقشات الموضوعية، وتناولت بعمق مجموعة مختارة من الموضوعات الاستراتيجية الرئيسية التي تتقاطع مع تغير المناخ وأنظمة الغذاء، بما في ذلك الاقتصاد الحيوي، وتمويل المناخ، والطاقة المتجددة، والأجندة الخضراء العالمية. وفحص البحث التدخلات على مستوى الدولة والإقليم والقارة من خلال تحديد العوامل المحركة الرئيسية وعرض الممارسات الجيدة الموثقة والابتكارات السياسية اللازمة لتعزيز الطاقة المتجددة في إفريقيا.
التقارب المطلوب بين أجندات تغير المناخ والاقتصاد الحيوي:
اجتمع مؤتمر عام 2024 بين الجهات الفاعلة من الدول وغير الدول للتداول بشأن النتائج الرئيسية والتوصيات السياسية لتقرير “روساكس 2024 أطور” باعتباره مساهمة كبيرة في الأدلة في تنفيذ العمل المناخي على مستوى القارة، الذي يهدف بشكل عام إلى توضيح التقارب المطلوب بين أجندات تغير المناخ والاقتصاد الحيوي في سياق أجندة ما بعد مالابو، والمتوفر على بيانات وتحليلات مبتكرة لإعلام الأدوات البرمجية للتدخلات المستدامة التي تركز على المناخ نحو التحول المستدام لأنظمة الأغذية الزراعية في إفريقيا.
وبناءً على ذلك، ووفر المؤتمر مناقشة الأدلة البحثية والتوصيات المقدمة في تقرير التكيف والتخفيف لعام 2024 بشأن اتجاهات خيارات التكيف والتخفيف في الزراعة الإفريقية، ودراسة التقدم المحرز في تتبع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، ومناقشة فرص الاقتصاد الحيوي للاقتصادات الإفريقية، بما في ذلك من منظور التعاون والتكامل الإقليمي لتعزيز إمكانات الاقتصاد الحيوي في أفريقيا، وتوثيق وتبادل أفضل الممارسات والدروس المستفادة من مبادرات ومشاريع الاقتصاد الحيوي في إفريقيا وأماكن أخرى لتعزيز النمو الشامل والعادل وخلق فرص العمل والتنمية الريفية في إفريقيا، مراجعة أجندات تمويل المناخ والاقتصاد الحيوي في أفريقيا كوسيلة لإزالة العوائق الرئيسية أمام العديد من البلدان الأفريقية لتسريع التقدم في التكيف مع المناخ وسلامة الغذاء وغيرها من قضايا أنظمة الغذاء الرئيسية، وتتقييم حالة تنفيذ برنامج التنمية الزراعية الشاملة في إفريقيا والتقدم المحرز نحو تحقيق الأهداف والغايات الرئيسية، وأداة دعم القرار للمراجعة الثنائية لبرنامج التنمية الزراعية الشاملة في إفريقيا، وتبادل ونوقش في اليوم الأول، المعلومات والمعرفة حول أجندة ما بعد مالابو لبرنامج التنمية الزراعية الشاملة لأفريقيا، وتمويل الاقتصاد الحيوي الدائري من أجل التكيف مع تغير المناخ، وتحديثات حول شبكات التحليل المحلية وتجديد الأطلس الإلكتروني لكينيا وموزمبيق وملاوي وزيمبابوي والسنغال وبوركينا فاسو وبوروندي.
وكانت الجلسة الرئيسية حول بناء أنظمة غذائية زراعية مرنة ومستدامة في أفريقيا: تسخير وتوسيع نطاق الإجراءات المتعلقة بتغير المناخ والاقتصاد الحيوي، عرض فيها “توسيع نطاق الحلول: تعزيز أجندة المناخ والاقتصاد الحيوي لأنظمة الأغذية الزراعية، ونظرة عامة على تقرير الاتجاهات والتوقعات السنوية لعام 2024 ، أعقبتها جلسة عامة ومناقشة جماعية، وحفل كوكتيل وتوزيع جوائز للفائزين في تحدي البيانات لعام 2024. وكانت جلستي اليوم الثاني للمؤتمر حول تأثيرات تغير المناخ والفرص المتاحة في أنظمة الأغذية الزراعية الأفريقية، والأجندة العمل المناخي في أفريقيا: نقاط الضعف وخيارات التكيف والتمويل،والاقتصاد الحيوي في الاقتصادات الأفريقية: الإمكانات والفرص المتاحة للتعاون والتكامل الإقليمي.
وخصصت جلسات اليوم الثالث لتعزيز النمو الأخضر وتنمية الاقتصاد الحيوي: السياسات والممارسات الجيدة من أفريقيا وخارجها، وتعزيز إنجازات برنامج التنمية الزراعية الشاملة لأفريقيا في ظل مالابو وعقد ما بعد مالابو.
“أكاديميا 2063” منظمة بحثية مستوحاة من طموحات الاتحاد الإفريقي:
تعتبر”أكاديميا 2063″ منظمة بحثية دولية غير ربحية مقرها في كيغالي/رواندا، ولها مكتب إقليمي في داكار/السنغال. مستوحاة من طموحات أجندة الاتحاد الإفريقي 2063، وتستند إلى الاعتراف بالأهمية المركزية للمعرفة القوية والأنظمة القائمة على الأدلة، فإن رؤية “أكاديميا 2063″ هي إفريقيا ذات الخبرة التي نحتاجها لأفريقيا التي نريدها.
يجب أن تكون هذه الخبرة مستجيبة لاحتياجات القارة للبيانات والتحليل لضمان تصميم وتنفيذ السياسات عالية الجودة.
إن صنع السياسات الشاملة والمستندة إلى الأدلة هو المفتاح لتلبية تطلعات التنمية في القارة، وخلق الثروة، وتغيير سبل العيش للأفضل.
تتمثل المهمة الشاملة ل”أكاديمية 2063” في إنشاء قدرات تقنية متطورة في جميع أنحاء إفريقيا، بقيادة مقرها في رواندا، لدعم الجهود التي تبذلها الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي لتحقيق الأهداف الرئيسية لأجندة 2063 لتحويل الاقتصادات الوطنية لتعزيز النمو الاقتصادي والازدهار.
وانطلاقًا من رؤيتها ورسالتها، فإن هدفها الرئيسي هو المساعدة في تلبية احتياجات إفريقيا على المستويات القارية والإقليمية والوطنية من حيث البيانات والتحليلات والتعلم المتبادل من أجل التنفيذ الفعال لأجندة 2063 وتحقيق نتائجها من قبل كتلة حرجة من البلدان.. وتسعى إلى تحقيق أهدافها من خلال البرامج المنظمة في خمسة مجالات استراتيجية – ابتكار السياسات، وأنظمة المعرفة، وخلق القدرات ونشرها، والدعم التشغيلي، وإدارة البيانات، والمنتجات الرقمية، والتكنولوجيا – بالإضافة إلى الشراكات المبتكرة وأنشطة التوعية.
يمثل هذا التعاون إلتزام المغرب ببناء مستقبل مشترك مع إفريقيا، يقوم على الشراكة الفعالة والاحترام المتبادل، بهدف تحسين حياة الشعوب الإفريقية وتطوير القطاعات الحيوية، لاسيما القطاع الزراعي والصيد البحري، الذي يشكل دعامة أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة في القارة. ويؤكد نجاح إفريقيا في تبني برنامج المناخ والاقتصاد الحيوي قدرتها على مواجهة التحديات المناخية، وخلق فرص اقتصادية جديدة تساهم في تحسين حياة الملايين من سكان القارة وضمان استدامة مواردها الطبيعية.
هذا المؤتمر يعكس الإرادة الصادقة للدول الإفريقية في مواجهة التغيرات المناخية برؤية استشرافية تعتمد على المعرفة العلمية والشراكة الدولية الفعالة.