ليلى خزيمة
في حفل جمع ما يقارب الآلف شخص من محبي ومبدعي موسيقى الجاز، احتفى عاشقا الفن بكل تجلياته ومؤسسا جمعية أنوزار الثقافية الدكتور حسن بلقاضي والإعلامي ومؤسس المهرجان الدولي لأصيلة نجيب الصنهاجي يوم الجمعة 3 ماي بحديقة الريدز بالدار البيضاء، بأيقونة موسيقى الجاز الراحل روندي ويستون. حفل أحياه كل من عازف السكسفون ومدير الدراسات لفن الجاز بجامعة لونغ أيلاند بالولايات المتحدة طالب كيبوي وعازف البيانو المايستروشارب رادوي والمعلم عبد النبي الكداري أحد أهرام الفن الكناوي بالمغرب ودار كناوة طنجة التي صنفت في خانة التراث التاريخي للمدينة.عروض سافرت بالجمهور الذي حضر حفل التكريم إلى عوالم روحانية وإبداعات فنية رسم خطوطها العريضة الراحل روندي ويستون. فخلفت لتلامذته ومحبيه إرثا موسيقيا جمع بين عالمين تقاسما نفس المعاناة وعبرا عنها بطريقة إبداعية كانت أكثر تأثيرا من وقع الرصاص.
حفل تكريم جاء كاستمرارية لليوم العالمي للجاز الذي احتفت به مدينة طنجة في الثلاثين من أبريل الماضي والذي تم بثه مباشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لملايين المتابعين وجمع فنانين من المغرب والولايات المتحدة وموزامبيق وتشيلي ولبنان وإيطاليا والسويد تحت قيادة عازف البيانو الأمريكي هيربيهانكوك.
يقول هذا الأخير: «عندما يأتي الناس للاستماع إلى الموسيقى، يمكنهم أن يشعروا بالبهجة التي تنبع منا. هذه التجربة التي يتشاركها الموسيقيون، يشعر بها الجمهور أيضا، ولهذا السبب يملؤون الصالات، لأنهم يريدون أن يشعروا بهذه التجربة… والعزف ضمن مجموعة ينطوي على تعبير عن تجارب حياة مجموعة من الأشخاص ويوحدها. وهذه التجربة الجماعية، هذا النوع من الوحدة، جزء لا يتجزأ من هوية موسيقى الجاز». وعن موسيقى كناوة الصوفية قال هانكوك أن مجرد الاستماع إلى عزف الصناجات (القراقب): «يحدث تأثيرا سحريا على كيان المستمع». أما عن المزج ما بين موسيقى الجاز وترنيمات موسيقى كناوة وما أقامه ويستون من بناء جسور بين النمطين فقال: «لقد أحضر ويستون (إلى الولايات المتحدة) ما ساعد في تطويره هنا في طنجة وفي مدن مغربية أخرى». حقيقة يؤكدها صديق الراحل وشريكه في المغامرةمنذ ستينيات القرن الماضي المعلم عبد الله الكورد: «كان راندي رجلا استثنائيا ولطيفا ومحترما، وقد أعطى الكثير للمدينة وموسيقييها».
لتستمر هذه الأنشودة الموسيقية بالاحتفاء بالدورة السادسة والعشرين من مهرجان شالة للجاز ما بين 10 الى 12 ماي الجاري بحفلات موسيقية متنوعة ومحاضرات تكوينية وعرض موسيقي متنقل سيجوب أزقة الرباط من تنشيط الفرقة الموسيقية “سالت” التي ستؤدي معزوفات من موسيقى الجاز تمزج بين السوينغ والسكاوالكاجون وتتميز بطابعها الاحتفالي. مهرجان ستمزج حفلاته ما بين موسيقى الجاز والعديد من الأنماط الموسيقية المغربية العريقة كالعيطة والملحون وفن كناوة.
فبالنسبة لهذه الأخيرة، يعد المغرب بلدا رائدا في المزج بين موسيقى كناوة والجاز. وعازف البيانو راندي وستون أحد أعمدة موسيقى الجاز العريقة، كان سباقا في مجال المزج بين النمطين الموسيقيين، حينما اكتشف موسيقى كناوة بطنجة سنة 1967، رفقة المعلم عبد الله الكورد الذي عبر عن هذا التعاون قائلا: «عزفت موسيقى كناوة طوال حياتي وأجدها تحكي نفس لغة الجاز، بالنسبة لي هما واحد». كما تعاون مع معلمين كناويين آخرين، فأسس راندي وستون نادي الجاز بطنجة أو ما يعرف حاليا بسينما موريتانيا.
كل هذه الحفلات هي برهان آخر يترجم العمق التاريخي للمملكة في مجال التنوع الثقافي والفني. وكما قالت مسؤولة التواصل والثقافة في بعثة الاتحاد الأوروبي صفاء قديوي، سمة موسيقى الجاز والموسيقى المغربية هي الانفتاح والتمازج بين الموسيقى.