a24- عبد الحكيم قرمان
يعكس ثراء وتنوع التراث الثقافي في المغرب، بشكل واضح، مدى عراقة التاريخ المغربي وعمق ثقافية. لذلك سينصب هذا القسم على التذكر بالمكونات الأساسية للتراث الثقافي الوطني يتعلق الأمر بالتراث الثقافي المادي والتراث الثقافي غير المادي، ويتسم التراث الثقافي المادي الوطني بمميزات خاصة سواء من حيث تجدره التاريخي أو تنوعه أو غناه، مما يوفر العديد الفرص، ويتوزع التراث الوطني ما بين الموقع الأثرية البرية والمغمورة بالمياه ومواقع الفن الصخري، والمدن العتيقة والمراكز التاريخية، القصور والقصبات، المواقع والمباني التاريخية، التراث المعماريالتراث الثقافي والمنقول، التراث الثقافي غير المادي، مهارات الصناعات التقليدية، مهارات الصناعات التقليدية، فنون الطبخ واللباس ومعارف الطب والصيدلة، ولفنون الشعبية الشفهية وغيرها كثيرة.
التراث الثقافي غير المادي
يتألف التراث الثقافي غير المادي من مجموع المعارف والمهارات المتوارثة بين الأجيال والمتمثلة في العادات والتعابير الشفهية والممارسات الاجتماعية والمهارات والحرف المتوارثة وفنون الغناء والتظاهرات الاحتفالية وفنون الرقص والموسيقى وفن الطبخ والألعاب التقليدية والطقوس والتقاليد بالإضافة إلى الآلات والأدوات والأواني والفضاءات الثقافية المرتبطة بها على شاكلة ساحة جامع الفنا التي تحتضن العديد من أنماط الفنون الفرجوية.
الأدب الشفاهي
يظل النثر والشعر الصورتين الرئيسيتين للأدب الشفاهي المغربي المنطوق باللأمازيغية والعربية بما في ذلك تعبيره الحساني. وتندرج هذه الصور ضمن أجناس التراث الشفاهي غر المادي المهدد بالزوال ويشمل النثر فنون الحكي والأمثال والأحاجي والأساطير. وتتنوع أجناس الشعر حسب الجهات من قبيل قصيدة الملحون الطلعة الحسانية وتامذيازت وتاماوايت وأمارك للروايس وأوازيك والغنوج اوإزلان والتهويدات.
مهارات الصناعات التقليدية
يمتلك الحرفيون التقليديون المغاربة مهارات عريقة أغناها تلاقح ثقافات متنوعة امازيغية وموريسكية وعربية إسلامية ويهودية وإفريقية. وتختص كل جهة من جهات المملكة بمميزاتها المتفردة، وذلك بارتباط مع المواد الأولية المتواجدة فيها بوفرة. وتوفر الصناعة التقليدية ذات الحمولة الثقافية القوية نسبة معتبرة (ما يفوق 16 في المأئة) من فرص الشغل بهذا القطاع الحيوي، يتمركز ثلثاها بالوسط الحضري. وتشكل العديد من الحرف والمهارات التقليدية جزءا لا يتجزأ من التراث الثقافي غير المادي الوطني والطرز والفخار والدرازة والحرارين والصناعات القصبية والأسلحة التقليدية وصباغة الحلي وصناعة الطوب والخرازة وصناعة البلغة والصفارين والحدادة والمصنوعات الرخامية والنجارة ونجارة الترصيع وفنون الطبخ والنقش على الجبص والنقش على الحجارة وصناعة الأفرشة والتسفير والسراجة والدباغة والزرابي والزليج والهندسة المعمارية وغيرها.
فنون الطبخ
يتميز فن الطبخ المغربي بالتنوع والذوق الرفيع. ففضلا عن الأطباق “الوطنية” لأكثر تمثيلية كالطاجين والكسكس، اغتنى فن الطبخ المغربي عبر التاريخ بالعديد من الروافد كفن الطبخ المتوسطي وفن الطبخ الأندلسي والمرريسكي وفن الطبخ العربي (ترجع بعض الوصفات إلى العصر العباسي)، بالإضاىفة إلى فن الطبخ الإفريقي واليهودي والآسيوي، مع العلم أن عمر بعض هذه الوصفات يفوق 2000 سنة. وإذ لاتزال بعض الأطباق تقدم في مختلف المناسبات المجتمعية، فإن بعض الوصفات المحلية والجهوية الأخرى مهددة بالانقراض. واليوم، أضحى العمل على جرد وحماية والمحافظة على الموروث الثقافي ضرورة ملحة.
التقنيات التقليدية لاستغلال المنتوجات المحلية
ساهم تنوع وثراء المنتوجات المحلية بالمغرب في تنمية تقنيات الاستغلال المرتبطة بها، والتي يتناقلها المغاربة من جيل لآخر منذ قرون، بل لآلاف السنين. فوسائل الإنتاج والتخزين والتصبير والتوزيع والاستهلاك، أفضت مجتمعة إلى ابتكار وتطوير تقنيات ومهارات استغلال المنتوجات المحلية. ظهرت إلى الوجود، في السنوات الأخيرة، مجموعة من التخصصات المحلية من قبيل إنتاج ومعالجة زيت الأركان بمنطقة سوس وزراعة وجني الزعفران بتاليوين وإعداد الحناء بزاكوراة على سبيل المثال لا الحصر.
الطب التقليدي
يشمل مفهوم الطب التقليدي مجموع المعارف والممارسات والتقنيات المرتبطة بالصحة وعمليات الاستشفاء والتطبيب وإشفاء الأمراض. ولأغراض طبية، اعتمد الطب التقليدي على استخدام الأعشاب والمعادن والتقنيات اليدوية لتشخيص الأمراض وعلاجها والوقاية منها استعادة لسلامة الصحة وحفاظا على عاقبتها. وترتكز هذه المهارات الأصيلة على المخزون المغربي من النباتات العطرية والطبية.
فنون الغناء والرقص
يعنى بفنون الغناء والرقص؛ الأناشيد والرقصات المصحوبة بمعزوفات موسيقية والمبتكرة من طرف المجموعات الإنسانية الحضرية والقروية. وهي أعمال فنية جماعية نجهل في الغالب مبدعها الأصلي. وتصنف هذه الفنون إلى ثلاثة فئات : القروية والحضرية والروحية.
- المعزوفات الموسيقية والرقص كأحيدوس وأحواش والكدرة والطالع والتبراع والطقطوقة وأقلال والعيطة والحوزي والهيت وعبيدات الرما وأكلاكال وأعود مسكينة وتسكيوين والبردية والحوبي والحمادة والحصادة وميزان هوارة وسيدي حماد أوموسى والركبة وإيزلان والغياطة وجهجوكة……..
- الموسيقى والرقص الحضري؛ وهي من إبداعات المجموعات البشرية المستقرة بالمدن التاريخية كتطوان والرباط وسلا وفاس ومكناس ومراكش، ويتعلق المر بموسيقى الآلة والملحون والغرناطي والدقة واللعابات والهوريات…
- إنشاد الصوفي الذي ابتكره أتباع الزوايا المنتسبين لإحدى الطرق الصوفية، إذ يزاوج هذا اللون الموسيقى التراثي بين الديني والفني في مزيج بين الموسيقى والرقص و”الجذبة” وتتمظهر هذه الموسيقى في ثلاثة ألوان هي كناوة وعيساوة وإحمادشة.
ترتبط هذه الأجناس الموسيقية في الأصل ارتباطا وثيقا بالحياة المجتمعية سواء في المدينة او في القرية. وعلى مدى عقود تم العمل على تسجيل بعض الأنواع من هذه الأغاني والرقصات في الوسائط الإعلامية (الإذاعة والتلفزيون) كما تشارك مجموعات فنون الغناء والرقص من هذا القبيل في المهرجانات الحديثة.
تبنى المغرب، منذ قرون خلت، رواية ورش لقراءة القرآن. وبالرغم من حضور القراءات المشرقية، إلا أن القراءة المغربية تبقى حية في الأوساط الدينية التقليدية.
الأناشيد الدينية هي التي تمجد الله وروسوله سيدنا محمد (ص) وتؤدى في الأعياد الدينية (عيد المولد النبوي، عيد الأضحى، عيد الفطر، الأمسيات الرمضانية…) أو المجتمعية (حفل العقيقة، حفل الختان، حفل الزواج، مجالس العزاء والتأبين….)
الألعاب التقليدية
اضطلعت الألعاب التقليدية بدور رئيسي في الاندماج الاجتماعي للأطفال والشباب وتنمية ذكائهم وقدراتهم البدنية علاوة على وظيفتها الترفيهي، وتتمثل مظاهرها في الأعاب المعتمدة على الدقة في التصويب كالرماية والمباريات الرياضية مالعدو والقفز العلوي والمصارعة والألعاب الذهنية.
الفروسية التقليدية للخيول (“التبوريدة” بالدارجة و”تفراوت” بالأمازيغية) والإبل (“لزالإبل” بالحسانية). فن التبوريدة تقليد راسخ في منظومة التقاليد المغربية ويشكل مكونا أساسيا ورمزا من رموز الهوية الوطنية وهو عبارة عن عروض لركوب الخيل لازالت بالمغرب على نطاق واسع وإلى وقتنا الحاضر بمناسبة الاحتفاء بالأعياد والمواسم الوطنية والجهوية. يتزين الفرسان بالجلابيب معتمرين عمامات بيضاء ومتسلحين بالبنادق التقليدية.
مواكب الزويا والاستعراضات
وتضم العديد من الأنواع نذكر منها ما يلي:
- موكب ” الدور ” لقبائل ركراكة بمنطقة الشياظمة بالصويرة : دأبت قبيلة ركراكة على إحياء موسم ” الدورة” وهو موكب يتميز بالتفرد.
- موكب الشموع بسلا أو موسم الشموع، وينظمه الشرفاء الحسونيون بمدينة سلا منذ أربعة قرون بمناسبة الاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف،
- مهرجان بوجلود (بالعربية الدارجة) بيلماون (بالأمازيغية): يحرص شبان بعض القرى والمدن الواقعة بغرب جبال الأطلس الكبير وجهة سوس، في الأيام الموالية بعيد الأضحى.
- مهرجان أوداين – ن – تعشورت بكلميمة : ينظم المهرجان بجماعة كلميمة ونواحها بإقليم الرشيدية بمناسبة الاحتفال بذكرى عاشوراء، ومن المعتقد أنه من أصناف التعابير الثقافية المتوازية من الطائفة اليهودية للجهة، يحرص شبان المنطقة على ارتداء الملابس البالية والأقنعة (أمغارقشبو) ويجوبون أطراف القرية مرددين أهازيج أمازيغية باللكنة الخاصة باليهود المحليين ويجمعون الهبات من السكان (سكر، قديد، سميد، نقود…..).