19, أكتوبر 2024

a24-حسن عين الحياة

في عز الازمة الخانقة التي يعيشها المسرح المغربي منذ سنوات، بفعل الإكراهات التي خلفتها سياسات ثقافية ارتجالية للحكومات السابقة، بادر محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، يوم الاثنين 13 مارس 2023 بأحد فنادق مدينة سلا، إلى تدشين عهد جديد بين المسرحيين ووزارته، بهدف تقريب رؤى الفنانين والإطارات التمثيلية والجهاز الوصي، حول السبل الممكنة لتطوير المسرح المغربي.

وحضر هذا اللقاء الذي حمل اسم “يوم دراسي” حول الاستثمار المسرحي والمهرجانات المسرحية، نخبة من الفاعلين والمهنيين والباحثين والجمعيات والمؤسسات المعنية بشأن “أبو الفنون”، في خطوة اعتبرها كثيرون مدخلا أساسيا لبناء جسور الثقة بين الفاعليْن “المسرحي والحكومي”، خاصة بعد اتساع الهوة بين قبيلة المسرحيين والمسؤولين عن المسرح في الوزارة خلال السنوات السابقة.

وقال الوزير المهدي بنسعيد في كلمته التي وجهها للحاضرين في هذا اليوم الدراسي الذي نظمته وزارته تحت شعار “آليات تطوير المسرح المغربي بين التجديد والابتكار”، والذي حضرته جريدة “المنعطف”، إن الهدف من هذا الاجتماع هو التفكير الجماعي حول الكيفية التي يمكن من خلالها تطوير المسرح في المغرب، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن وزارته بصدد تفعيل استراتيجية للنهوضبالمجال الثقافي.

واعتبر بنسعيد في تصريح لوسائل الإعلام عقب اللقاء، أن المسرح يحظى بحيز مهم ضمن هذه الاستراتيجية، مضيفاأن هذا اللقاء هو بمثابة وقفة لتنصت وزارته إلى المسرحيين وينصت هؤلاء إلى وزارته، خاصة في ما يتعلق بمفهوم الدعم العمومي الذي تقدمه الوزارة للفرق المسرحية، والاجتهادات التي تقوم بها من أجل تقوية الفعل المسرحي.

وأكد الوزير أن الهدف الأساسي من هذا اليوم الدراسي هو الاستماع إلى أراء الفاعلين والمهنيين في المجال المسرحي، حتى يتم بلورة رؤية إصلاحية، بشكل تشاوري وتشاركي، تهم بالأساس تطوير الفعل المسرحي على مستوى جهات المملكة، وألا يظل مقتصرا على مدينتي الرباط والدارالبيضاء، وتمكين المواطنين من حقهم في فرجات هادفة، بالنظر لما للمسرح من دور مهم في التربية، وأيضا لكونه سوقا يندرج في الصناعة الثقافية.

ويرى عدد من المسرحيين ممن شاركوا في هذا اليوم الدراسي، أن حرص وزير الشباب والثقافة والتواصل على تنظيم هذا اليوم الدراسي الذي ضم أزيد من 120 مشاركا من فنانين ومهنيين ونقابيين وجمعيات نشيطة في المجال المسرحي، يعد تعبيرا صريحا عن نيته في إصلاح المجال الثقافي عامة والمسرحي بشكل خاص، معتبرين أن الوزير قطع من خلال هذا اللقاء، مع عقلية وزراء سابقين، كانوا يلزمون الفاعلين بقرارات الوزارة دون إشراكهم في الأمر.

 

ويضيف هؤلاء، أن من تجليات إشراك وزارة الثقافة للفاعليين الأساسيين والمهنيين في وضع أسس وآلياتكفيلة بتطوير الفعل المسرحي في المغرب، إنصات الوزير بنسعيد في هذا اليوم الدراسي للفنانين والمهنيينحول المشاكل التي يتخبط فيها المسرح المغربي، خاصة مشاكل توزيع الدعم العمومي على الفرق المسرحية، وتنظيم المهرجانات الوطنية والجهوية، والملف الاجتماعي للفنانين وكل ما يتعلق بالمكتب المغربي لحقوق التأليف وغيرها من الملفات التي كانت تجد طريقها إلى رفوف الوزارة وليس إلى أجندة الوزير في الحكومات السابقة.

 

 

عبد الكريم برشيد: المغرب الذي يطمع في تنظيم كأس العالم قادر على تنظيم مهرجان دولي للمسرح

من جهته، قال الكاتب المسرحي الدكتور عبد الكريم برشيد، في تصريح لجريدة “المنعطف”، إن هذا اللقاء تطرق فيه الفاعلون إلى مجموعة من القضايا، معتبرا أن موضوع الدعم “ربما أخد نصيب الأسد، لأن الأمر يتعلق بمشاكل مادية، وبالتالي، طُرح السؤال حول كيفية تقديم هذا الدعم، ولمن يُقدم، وطرق استخلاصه، وكذا بطء الإدارة المغربية.. أضف إلى ذلك التطرق إلى محور المهرجانات، بدءً بالمهرجان الوطني للمسرح والمهرجان الذي ينظمه خالد أمين في طنجة، إلى ربيع المسرح العربي الذي كنت مشرفا عليه في أواخر ثمانينيات وأوائل تسعينيات القرن الماضي”.

وفي سياق الحديث عن المهرجانات المسرحية، تساءل برشيد قائلا “هل المغرب الذي يطمع في تنظيم كأس العالم لكرة القدم، ألا يستطيع تنظيم مهرجان على مستوى مغاربي أو عربي أو إفريقي أو دولي..؟ بالتأكيد قادر على ذلك”، قبل أن يعود صاحب المسرح الاحتفالي، إلى التأكيد على أن هذا اليوم الدراسي مهم جدا، لأن المسرحيين استطاعوا أن يجلسوا ويفكروا بصوت مسموع، وألا يظلوا حبيسي الكلام في المقاهي وخارج الإطار المسؤول.

حسن النفالي: اليوم الدراسي نظم برغبة من الوزير بهدف التشاور مع المسرحيين والتفاعل مع مشاكلهم

من جانبه، أوضح حسن النفالي الذي يعتبر واحدا من مهندسي خارطة المسرح في العالم العربي، أن هذا اليوم الدراسي نظم برغبة من وزارة الشباب والثقافة والتواصل، بهدف التشاور مع المهنيين والتفاعل مع مشاكلهم، سواء التي طُرحت في المهرجان الوطني للمسرح، أو تلك المتعلقة بالدعم العمومي، “وبالتالي تحسين منظومتي الدعم والمهرجانات الوطنية”.

وقال النفالي في حديث مع “المنعطف” على هامش هذا اليوم الدراسي، “نريد من خلال هذا اللقاء أن ننصت إلى نبض المسرحيين، حتى نؤسس من خلاله لتصورات جديدة، سواء في ما يتعلق بالمهرجانات أو الدعم العمومي”، مضيفا أن هذه التصورات تنبني على الجانب التأطيري والقانوني والتدبيري والتقييمي للدعم، وبالتالي، يقول النفالي “من اللازم أن نأخذ بعين الاعتبار اقتراحات المسرحيين لهذه الجوانب، لأنه كان بإمكان الوزارة أن تضع تصورا أحاديا لها، لكن إذا استمعت للمسرحيين ستتضح لها الرؤية أكثر، وهذا ما فعلته في هذا اليوم الدراسي”.

ولفت النفالي إلى أن اللقاء كان فرصة أيضا للحديث عن تجارب الفرق المسرحية والنقابات أيضا، مما سيمكن من رسم خارطة طريق لتوجه جديد يسلكه الجميع، مضيفا أن ما ينطبق على الدعم ينطبق أيضا على المهرجانات، حيث أوضح بهذا الخصوص أن هناك أربع مستويات، الأول يقول النفالي “يتعلق بالمهرجان الوطني الذي نرى فيه وجهنا، أي وجه المسرح المغربي، وبالتالي نتساءل كيف نتصوره ببعد احتفالي وتتويجي وأيضا ببعد اعتباري للفنان… أضف إلي ذلك المهرجانات التي تنظمها عدة جهات في المملكة، والتي ضمنها المهرجانات الحقيقية والناجحة والمستمرة، وبالتالي ينبغي وضع إطار قانوني لها، حتى إذا ما أردت الدولة تمويلها تجد مهرجانات حقيقية وليست على الورق. إذن إذا تم وضع إطار قانوني للمهرجانات سيكون هناك دعم مهم لها”.

أما المستوى الثالث بحسب النفالي، فيتعلق بالمشاركة في المهرجانات الدولية، سواء بالنسبة للفرق المسرحية أو الباحثين وحتى الإعلاميين، “فأنا أتصور مثلا أن فرقة مسرحية ستشارك في مهرجان خارج المغرب، يجب أن يرافقها ثلاث نقاد وإعلاميَّيْن، وأن تغطي لهم الدولة نفقات السفر”.

وعن المستوى الرابع، يرىالنفاليأن الحاجة ماسة الآن إلى مهرجان مسرحي كبير في المغرب، حيث قال إن “تونس تنظم أيام قرطاج المسرحية، والجزائر تنظم مهرجان المسرح الدولي، والعراق لها المهرجان الدولي للمسرح، والشارقة تنظم أيام الشارقة المسرحية، أضف إلى ذلك مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، وكذلك الأردن.. أما المغرب الذي يعتبر الآن الرائد مسرحيا على المستوى العربي فليس له مهرجان كبير، وآن الأوان ليكون لنا مهرجانا مسرحيا ببعد دولي”.وأشار المتحدث إلى أن هذه الأفكار هي التي تم دراستها في اللقاء الذي دعا إليه وزير الشباب والثقافة والتواصل من أجل التوافق مع المسرحيين، حتى تؤسس الوزارة لأفكار جديدة لتطوير منظومة الدعم والمهرجانات.

وبخصوص الدوافع التي أدت إلى انعقاد اليوم الدراسي في هذا الوقت تحديدا، قال حسن النفالي “إن الأمر يتعلق برغبة السيد الوزير، فبحسب ما استقيته من عدة أطراف، إن زيارة الفدرالية المغربية للفرق المسرحية المحترفة للوزير، ولقائه ببعض النقابات، وأيضا ما حدث مؤخرا في المهرجان الوطني للمسرح، والشكايات المرفوعة له حول طريقة توزيع الدعم العمومي… كل هذه الأشياء تراكمت، بالقدر الذي دفع بالوزير إلى تنظيم هذا اليوم الدراسي، للخروج بتصور من شأنه رسم خارطة طريق واضحة تكون مسلكا جديدا لتجاوز هذه المشاكل”.

الزيتوني بوسرحان: بعد مضي 25 سنةعلى إحداث الدعم العمومي للمسرح.. آن الأون أن يخضع للتطوير الضروري

ويرى المخرج المسرحي الزيتوني بوسرحان الذي شارك بمداخلة في هذا اليوم الدراسي، أنه آن الأون أن يخضع المسرح ودعمه للتطوير الضروري، بعد مضي 25 سنة من إحداث هذا الدعم، معتبرا أن المسرح المغربي وصل خلال المرحلة الحالية إلى نضج معرفي، يمكن أن يسمح بإعادة صياغة أسس الدعم، وفق التصورات التي بإمكانها أن تخدمه على المستويين التنظيمي والإبداعي، وأن توصل هذا المنتوج المسرحي إلى الجمهور المغربي، باعتباره المقصود بشكل رئيسي بالفرجة.

وعن انعقاد هذا اليوم الدراسي في هذا الوقت، قال الزيتوني الذي هو في الوقت نفسه قياديا في الفدرالية المغربية للفرق المسرحية المحترفة في تصريح لـ”المنعطف” إن الأشياء مرتبطة بميقاتها، “أحيانا تتوفر بعض الإرادات وتكون حاسمة.. مثلا عند لقائنا بوزير الشباب والثقافة والتواصل في أواخر دجنبر 2022، وكان تعيين الحكومة قد مر عليه بضعة أشهر، قال لنا بشكل مباشر، إنه لم يستوعب بعد أليات صرف الدعم، بحكم وجود فرق مسرحية محترفة وأخرى من الهواة، وأضاف أنه لن يغامر بإيلاء هذا الدعم أهمية الآن، على أساس أن يهتم به أكثر في سنة 2023، وأن يهتم أيضا بـ(المسرح يتحرك) في علاقته بالتلفزة. ومن خلال هذا اليوم الدراسي، يتضح أن هذا الوزير يتوفر على رؤية، وأنه حدد مراحلها.. إذن في بعض الآحيان تتوفر لك مثلك هذه الإرادات.. إذ لا ننسى انه مر قبله وزراء، مثل عبيابة والفردوس، لم يولوا أهمية للمسرح ودعمه”.

وختم بوسرحان بالقول إن هذا اللقاء انمحت فيه التحفظات بين الفاعلين المسرحيين تجاه بعضهم البعض، مشيرا إلى احترامهم لخياراتهم وتوجهاتهم، خاصة النقابية منها، “واعتقد أن هناك شخص ساهم في هذا الأمر، ويتعلق بحسن النفالي، واعتقد أيضا بأن له أثر كبير في اختيار طبيعة الفاعلين المشاركين، بحيث تجد كافة الأطياف ممثلة في هذا اللقاء، من مبدعين ورواد وكتاب وباحثين ونقابيين، وبالتالي هناك إجماع حقيقي تحقق في هذا اليوم الدراسي”، يقول بوسرحان.

عبد الجبار خمران: اللقاء تحقيق لمطلب المسرحيين في إعادة النظر في المنظومة التي تنظم العملية المسرحية

هذا وأكد الفاعل المسرحي عبد الجبار خمران في حديثه لـ”المنعطف”، أن تنظيم هذا اليوم الدراسي جاء بمبادرة من وزارة الشباب والثقافة والتواصل، معتبرا أن انعقاد هذا اللقاء هو بمثابة تحقيق لمطلب المسرحيين، على أساس إعادة النظر، ليس في الدعم المسرحي والمهرجانات فحسب، وإنما في المنظومة التي تنظم العملية المسرحية، من الإنتاج إلى الترويج إلى العلاقة بالجمهور.

وأشار خمران إلى أن أغلبية المتدخلين في هذا اليوم الدراسي هم خبراء وتقنيين من أطر نقابية، إضافة إلى الوزارة كشريك، ووجودهم كان بهدف إعادة بلورة أفكار جديدة، سواء في ما يتعلق بالقرار المشرك، الذي هو أساس الدعم الفني بشكل عام، أو دفتر التحملات الذي ينبغي إعادة النظر فيه.

وقال خمران إن هذا الموعد (اليوم الدراسي) تأخر كثيرا، “لكن انعقاده الآن يعتبر محطة ينبغي استثمارها، حتى لا يتم الإعلان عن الدعم العمومي بالكيفية التي كان عليها منذ سنة 2014 إلى الآن. وبالتالي، وهذا ما نناقشه اليوم، يجب إعادة النظر في دفتر التحملات كل 10 سنوات”. وأضاف خمران بخصوص ظرفية انعقاد هذا اللقاء، أن “الوزير معية طاقمه، له أرادة الإنصات إلى انتظارات المسرحيين، خاصة وأن هناك عدة أشياء تراكمت، وبالتالي كان من اللازم أن تكون هناك وقفة لتلبية أفق انتظارات المسرحيين، وإلا سنصاب بالسكتة القلبية التي هددتنا عام 1998، قبل أن ينقدها الدعم المسرحي مع حكومة التناوب. لذلك، أعتقد أننا مهددون بها الآن، وبالتالي يلزم التحفيز للمضي إلى الأمام، وإلا لن يحقق الدعم أهدافه”.

 

 

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

للإتصال بنا :

مدير النشر : امال المنصوري

amal@24.ma

سكريتير التحرير : احمد العلمي

alami@a24.ma

رئيس التحرير : عبد اللطيف بوجملة

boujemla@a24.ma

Exit mobile version