عبد الرحيم بنشريف.
في الوقت الذي، تتعالى أصوات الحركة النسائية والقوى الحية في المجتمع المغربي، من أجل قانون إطار شامل للقضاء على عنف النوع بأبعاده الوقائية والزجرية، وجبر الضرر والتعويض، يتفاجأ الجميع، بإصرار الحكومة المنتهية ولايتها، على إصدار صيغة جديدة في 4مارس الماضي لمشروع قانون 13-103، يكرس تراجعا حتى في بعض النقط التي كانت تبدو وقتئذ إيجابية.
جاء ذلك في أشغال الندوة التحسيسية لجمعية الكرامة لمحاربة العنف ضد النساء، التي انعقدت السبت الماضي 18مارس الجاري بالجماعة الحضرية للبير الجديد، أشرفت على تأطيرها الأخت أمينة سبيل عضو الأمانة العامة، والقطاع النسائي لجبهة القوى الديمقراطية، تندرج في إطار الاحتفاء بالعيد الأممي للمرأة.
خلال هذه الندوة التحسيسية، والمنظمة تحت شعار “أية حماية قانونية للنساء في ظل قانون13-103؟” وقفت الأستاذة سبيل، على حجم التراجعات، في المشروع الحالي، والذي لا يعدو أن يكون مجرد استنساخ ضعيف لمقتضيات قانونية تتصل بالقانون الجنائي، صدر في شكل مشروع قانون للنساء المعنفات، ولم يرق إلى مستوى قانون مستقل وشامل.
وارتباطا بذلك عددت المحاضرة جملة من مظاهر الأوضاع المزرية التي لازالت تعانها المرأة سياسيا اقتصاديا واجتماعيا، بالرغم مما أتاحته مضامين الدستور الجديد من حقوق وضمانات، مجددة الدعوة، إلى ما تكتسيه المسألة النسائية من دور محوري وحيوي في المشروع الديمقراطي للمجتمع، مؤكدة على ضرورة استحضار المقاربة الحقوقية، كأساس لأية مقاربة سوسيواقتصادية تروم معالجة ملف المرأة وقضاياها الملحة.
وعرجت الأخت أمينة سبيل في مداخلتها، على واقع المشاكل الاجتماعية التي تخص النساء بالدرجة الأولى، كمظاهر الفقر والهشاشة، وانتشار الأمية في أوساطهن، فضلا عن معضلة الشغل، التي تؤكد الدراسات أن ثلث النساء فقط يشتغلن، مع تسجيل اشتغالهن في مناصب متدنية في الوظيفة العمومية، وليس الحال أحسن بالنسبة للعاملات في القطاع الصناعي، حيث الظروف تفتقر لأبسط الشروط الصحية وانعدام الحماية القانونية والاجتماعية، وتكريس الدونية واستمرار ثقافة العقلية الذكورية.
وخلصت إلى ضرورة اعتماد مبدا المساواة والمناصفة، كآلية لتصحيح أوضاع الميز، الذي تعانيه النساء لأسباب اقتصادية واجتماعية وثقافية، خاصة المرأة بالعالم القروي.
وتضمنت توصيات هذا اللقاء، الدعوة إلى ضرورة ملاءمة مدونة الأسرة مع الدستور بالنسبة لمشروع 13-103، وعرض التعديلات على غرفة المستشارين، من أجل إعطاء تعريف للعنف بصفة عامة والاعتداء الجنسي خاصة الاغتصاب، الذي يستوجب تعريفا موسعا، لا يقتصر على الإيلاج فقط، وتدارك الفراغ في الوضعية القانونية للأطفال الناتجين عن الاغتصاب، وكذا عدم تطرق المشروع لحالات الاغتصاب الزوجي.
كما أشارت التوصيات إلى تراجع مشروع 2013فيما يرتبط بالتبليغ، حيث تم حذف السرقة بين الأزواج، مقتصرا على تبديد الممتلكات، بالا يقتصر على الإحالات على بعض فصول القانون الجنائي، إذ يجب قلب الإثبات على المغتصب لا على الضحية، وكذا الحد من سلطة الملاءمة والسلطة التقديرية للقضاة، مع تحميل الدولة مسؤولياتها فيما يتعلق بمراكز الإيواء.
وقد عرفت الندوة مشاركة فاعلة إلى جانب رئيسة جمعية الكرامة لمحاربة العنف ضد النساء الجهة المنظمة، إسهام كا من الأستاذة المحامية الشعيبية عبو تناولت الشق القانون، والسيدة خديجة برحال رئيسة المنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان، والأستاذة امينة لشهب رئيسة اتحاد نساء التعليم بالمغرب، الكاتبة الإقليمية للجامعة الوطنية للتعليم.
وسجلت الندوة حضورا مميزا ومتنوعا لكل الفئات العمرية، ودعما لكل الفاعلين مديري وتلاميذ المؤسسات التعليمية الفتح والسنابل، وجمعيات المجتمع المدني بالبير الجديد ونواحيه ومدينة الجديدة ومنخرطات ومنخرطي الجمعية، والمكتب المحلي للجامعة الوطنية للتعليم بالبير الجديد.