عبدالنبي مصلوحي
بالنظر إلى التوقيت القاري الذي اختار المغرب العودة فيه إلى الاتحاد الإفريقي، يمكن الوقوف على جملة من الملاحظات، أهمها، الظروف الخانقة التي تمر بها الدول المعروفة بمعاكستها له في موضوع وحدته الترابية، و أهمها الجزائر وجنوب إفريقيا ..وبعض الوجوه السياسية في النظام النيجيري..
بالنسبة للجزائر، بغض النظر عن الأزمة الاقتصادية ومآلاتها، هناك اليوم صراع على أشده في قمة هرم السلطة، الجميع تفاجأ هناك بجدية التحرك القوي للمغرب من اجل العودة إلى الاتحاد الإفريقي، في ما يخص جنوب إفريقيا، فالمغرب أصبحت له صورة جيدة جدا هناك، خصوصا على مستوى الفاعلين الاقتصاديين، أما نيجيريا، فهي تعاني اليوم الأمرين مع بوكوحرام، مع انهيار أسعار البترول، ظروف سوسيواقتصادية وسياسية صعبة، سيقتنع معها محمد بخاري، وربما فهم ذلك بالفعل، أن معاكسته للمغرب لا يمكن أن تفيد بلده في شيء، ثم أن هناك تحركا من لدن ثلة من العلماء في شمال نيجيريا، منهم أعضاء في مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، وكلهم يؤكدون على ضرورة تغير العلاقات المغربية النيجيرية نحو ما يمكن أن يعود على شعبي البلدين بالنفع.
إذن هذا المحور الخطير تراجع كثيرا، و نفس الشيء يمكن قوله حول المحور الانكلوفوني، حيث نلاحظ أن بعض أعضائه اقتربوا كثيرا في الآونة الأخيرة من المغرب، مثل تنزانيا ورواندا..أما في ما يخص الكتلة الفرانكفونية التي هي إفريقيا الغربية، فقد أصبحت اليوم في الواجهة.
هذه كلها مؤشرات تؤشر على خلخلة جديدة في موازين القوى، يمكن للمغرب أن يلعب فيها دورا كبيرا، لا يقل عن دور القيادة في هذه الافريقيا الجديدة المحتاجة إلى جيل جديد من الأفكار والزعامات المؤمنة بالعمل التكاملي، بعيدا عن رواسب ومخلفات الحرب الباردة، وهو قادر على قيادة هذا التحول بعد عودته إلى الاتحاد الإفريقي الذي تغيرت قياداته القديمة التي كانت تخلق بعض المشاكل للمغرب.
تحولات تؤشر فعلا على مكانة جيدة للمغرب داخل الأسرة الإفريقية، قد تستمر لسنين طويلة، يضمنها الجيل الجديد من الأفكار والرؤية المختلفة التي يحملها جلالة الملك محمد السادس للقارة، وهي رؤية تهتم بالإنسان الإفريقي، يهمها كثيرا أن تكون إفريقيا قوية ومنسجمة في مواقفها، رؤية تحمل معها جيلا جديدا من الاستثمارات والأفكار والجوانب الروحية.
و المغرب بهذا البعد الاقتصادي والروحي قادر على منافسة القوى الكبرى المتواجدة هناك، من قبيل الصين والهند، لأن الخلفيات و الأهداف من تواجده تختلف عن تلك التي توجد من أجلها قوى أخرى بهاته القارة الواعدة.