عبدالنبي مصلوحي
آخر الإحصاءات الخاصة بمعدلات القراءة في الوطن العربي، ومنها طبعا بلادنا المغرب، تعطي حين مقارنتها بمعدل القراءة في الدول الغربية مؤشرا خطيرا على مدى تدهور الواقع الثقافي الذي تواجهه البلاد العربية.
متوسط القراءة في العالم العربي، تقول هذه الإحصاءات المختلفة التي صدر بعضها عن لجنة متابعة شؤون النشر التابعة للمجلس الأعلى للثقافة في مصر، لا يتعدى ربع صفحة للفرد سنويا، في 2003 حسب تقرير آخر صادر عن اليونسكو، كل ثمانين عربيا كانوا يقرؤون مجتمعين كتابا واحدا، فيما على الجانب الآخر، يعني جهة الغرب، وأوروبا تحديدا، كل فرد يقرأ في السنة 35 كتابا، و رغم الفارق الكبير في نصيب القراءة وقتها مقارنة مع القارئ الأوروبي، إلا أنه كان أفضل من الوقت الحالي، الذي شهد تراجعا خطيرا وصل إلى ربع صفحة فقط، وهو معدل كارثي، سيؤكده تقرير آخر حول للتنمية البشرية صادر عن “مؤسسة الفكر العربي”، يورد أن معدل القراءة لدي الإنسان العربي لا يتجاوز 6 دقائق سنويا، في وقت يقرأ فيه الأوروبي 200 ساعة في السنة، واقع يوضح مدى الكارثة الثقافية و العلمية التي تعيشها البلاد العربية مقارنة مع الغرب، مثلما يختزل العديد من الأجوبة حول التأخر والتخلف الذي تشهده خريطة العرب.
في ما يخص إنتاج الكتب، فإنه حسب تقرير التنمية الثقافية الذي تصدره اليونسكو، فإن عدد كتب الثقافة العامة التي تنشر سنويا في العالم العربي لا يتجاوز 5000 عنوان، فيما أمريكا على سبيل المثال، فيصدر فيها سنويا نحو 300 ألف كتاب، واتساع الهوة بين الكتاب العربي والكتاب الغربي، لا يتوقف عند عدد المطبوعات فقط، و إنما يطال حتى مستوى النسخ التي تطبع، حيث كل كتاب عربي لا يطبع منه أكثر من الفين، وفي حالات نادرة يتجاوز هذا الرقم، قد يصل إلى 5000 مثلا، وفي الغرب تتجاوز النسخ المطبوعة لكل كتاب 50 ألف نسخة.
إن القراءة هي مفتاح العلم، و شعب لا يقرأ شعب جاهل لحاضره ما مستقبله، قال الجاحظ: ” الكتاب وعاء مليء علما وليس هناك قرين أحسن من الكتاب، ولا شجرة أطول عمرا ولا أطيب ثمرة ولا أقرب مجتنى من كتاب مفيد، والكتاب هوالجليس الذي لا يمدحك والصديق الذي لا يذمك والرفيق الذي لا يخدعك، إذا نظرت فيه امتعك وشحذ ذهنك وبسط لسانك وجود بيانك وغذى روحك ونمى معلوماتك، وهو المعلم الذي إن افتقرت إليه لم يحقرك وإن قطعت عنه المادة لم يقطع عنك الفائدة”، هذه كلها فوائد الكتاب، فلماذا امة اقرأ لا تقرأ؟
ربما من لم يقرأ صغيرا لا يقرأ وهو كبير، ولا يدرك أهمية القراءة من حرم منها في الصغر، وهنا يمكن الحديث عن دور الآباء في تحبيب القراءة والمطالعة لأطفالهم..وهذا موضوع آخر.