صباح المغرب
خطاب الملك و”دعشنة الإعلام الجزائري”
عبد النبي الشراط
اليوم هو فاتح نوفمبر من سنة 2025، وبعد أيام سنستقبل سادس نوفمبر، والبارحة كان ختام شهر أكتوبر، فما هي العلاقة بين هذه الأرقام؟
البارحة منذ الصباح الباكر والمغاربة ومعهم أحرار العالم والأشقاء العرب وهم ينتظرون الساعة 8 مساء من تاريخ 31 أكتوبر، ليستمعوا لقرار مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، ليقول أعضاءه الكلمة الفصل في قضية الصحراء المغربية، وبما أن الأمر كان محسوما لصالح المغرب، فقد استعد المغاربة باكرا للتحضير للاحتفال بهذه المناسبة، مناسبة اعتراف العالم بمغربية الصحراء.
ولقد تابعنا هذه الاحتفالات والمشاهد الوطنية عبر مختلف التراب الوطني، وكان في مقدمة المحتفلين بالنصر العظيم، إخواننا في الصحراء الذين كانوا ربما أكثر احتفالا، وعلى عادةالمغاربة في مثل هذه الاحتفالات فقد فتحت بعض الفنادق المصنفة أبوابها لعموم الناس لتناول المشروبات والحلويات، (الرباط على سبيل المثال).
الاحتفالات عمت المدن والقرى والمداشر والدواوير، حتى أن بعض “الوقفات الاحتجاجة” التي كانت مقررة، ألغيت تماشيا مع هذه المناسبة، مناسبة اعتراف العالم بمغربية الصحراء.
ووسط هذه الاحتفالات جاء خطاب جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، ليشارك الشعب بالنصر والاحتفال، لكن ماذا حمل خطاب الملك؟ لعل الذين يفكرون من (داخل الصندوق) وهم جيراننا طبعا، كانوا يتوقعون أن يخصص الملك خطابه لإعلان النصر والفتح المبين فقط، لأنهم دائما دائما يفكرون بمنطق خارج المألوف، لكن خطاب الملك كان غير ما توقعوه، لقد قال الملك:
“ورغم التطورات الإيجابية التي تعرفها قضية وحدتنا الترابية، يبقى المغرب حريصا على إيجاد حل لا غالب فيه ولا مغلوب، يحفظ ماء وجه جميع الأطراف، فالمغرب لا يتعبر هذه التحولات انتصارا، ولا يستغلها لتأجيج الصراع والخلافات”.
هذه هي أخلاق الملوك الذين لا يحولون انتصاراتهم إلى الحقد والتشفي، وأكثر من ذلك وجه الملك نداءه لإخواننا في تندوف (الذين حاربونا لمدة خمسة عقود) وكانوا سببا في تعطيل التنمية بالمغرب وإهدار الكثير من الأموال، لكن الملك سماهم “إخواننا” وكان هذا كافيا لاستيعاب الدرس الملكي القوي، الملك المنتصر، لكي يعود هؤلاء القوم إلى رشدهم، بدل أن يستمروا في تسويق الحلم لأنفسهم ولمن غرروا بهم، وقابلوا يد الملك الممدودة لهم بالكثير من بلاغات الأكاذيب والافتراءات والزعم بأن قرار مجلس الأمن يخدم قضيتهم الوهمية، فالبوليساريو أسسها شبان مغاربة، وكلهم كانوا يحملون الجنسية المغربية، ولم توجد في التاريخ على الإطلاق دولة اسمها الصحراء، وكانت ذات سيادة كما يدعون ثم جاء المغرب واحتلها، هذا كان ولا زال حلما وخرافة لا تجدي ولا تنفع، ومع ذلك فهم “إخواننا”.
من الناحية الثانية، وبما أن “الجزائر الشقيقة” كانت قد بذلت جهدا مضنيا لعرقلة قرار مجلس الأمن وتحويل مساره عن الهدف الذي كان يصبو إليه، وفشلت فشلا ذريعا وتم إقرار القرار، بالرغم من كل ذلك فإن الملك خاطب الرئيس الجزائري بهذه العبارة: “ومن جهة أخرى، أدعو أخي فخامة الرئيس عبد المجيد تبون لحوار أخوي صادق…”
والملك حين يقول هذا الكلام، ليس من باب الضعف، بل من موقع قوة، إذ رغم الإساءات المتكررة والمتوالية من طرف حكام جارتنا الشرقية على مدى عقود، كان المغرب دائما يمد يده لهم بصدق، إيمانا من هذا المغرب العظيم بأن الأخوة فوق كل الاناصارات، وأن رابطة الدم والقربى هي الأولى، وأن العداء بين العائلة الواحدة لا يزيدها إلا ضعفا وهلاكا.
وبالرغم من كل ذلك، فإن الإعلام الجزائري ما زال حتى هذه اللحظة يسوق الوهم لمواطنيه، وينشر التضليل وسط أبناء الشعب الجزائري الشقيق، الذي كان المغرب دائما وراء وجوده، منذ ثورة نوفمبر 1954، إلى انتصار المغرب الكبير ليلة نوفمبر 2025.
لقد انتهى الوهم والعالم عاد إلى رشده واعترف للمغرب بحقه السيادي على صحرائه، وأمامنا الآن محطات أخرى وقضايا أخرى ونضالات أخرى، من أجل استرجاع كل المناطق المحتلة الأخرى في مقدمتها سبتة ومليلية والجزر التابعة لها، ومسيرة المغرب مستمرة، والمغاربة قد يختلفون فيما بينهم وبين الحكومة، لكنهم يتحدون أجمعين في القضايا الرئيسية المصيرية وينسون كل خلافاتهم الشخصية والحزبية والحكومية.
في الفاتح من نوفمبر 2025.
		
									 
					