تحديات متعددة تواجهها الحكومة تتعلق بملف الطاقة والماء، مما يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة للتغلب عليها، ففي مجال الطاقة، يُعتبر التحول الطاقي أحد أبرز التحديات.
أوصى التقرير يضرورة تقليص الحكومة الاعتماد على الطاقة الأحفورية التي تساهم في عجز الميزانية، حيث تشير التقديرات إلى أن تكاليف الطاقة التقليدية تمثل حوالي 50 في المائة من إجمالي العجز في الميزان التجاري، و لتحقيق أهداف الطاقة المتجددة، يتوجب على الحكومة العمل على هدف بلوغ 52 في المائة من المزيج الطاقي الوطني بحلول عام 2030، وهو ما يستلزم استثمارات ضخمة تُقدر بحوالي 143 مليار درهم. تحقيق هذا الهدف، حسب التقرير يتطلب تحسين البنية التحتية، بما في ذلك تطوير محطات الطاقة الشمسية والريحية وتطوير عرض المغرب (الهيدروجين الأخضر)، إلى جانب توفير التمويلات اللازمة من القطاع الخاص والجهات الدولية، حيث يُعتبر جذب الاستثمارات أحد العناصر الأساسية لنجاح هذا التحول.
تعقيدا بسبب التغيرات المناخية ونقص الموارد المائية:
وفي مجال الماء، فإن الأزمة تزداد تعقيدا بسبب التغيرات المناخية ونقص الموارد المائية. وفقا للتقديرات ، يُتوقع أن يرتفع الطلب على المياه في المغرب بنسبة 30% بحلول عام 2030، مما يفرض ضغطا إضافيا على الموارد المائية المتاحة، ولمواجهة هذه التحديات، تسعى الحكومة إلى إنشاء 36 محطة لتحلية مياه البحر بحلول عام 2030، والتي تتطلب استثمارات ضخمة تقدر بحوالي 10 مليارات درهم، هذا بالإضافة إلى مشاريع الربط المائي بين الأحواض المائية، التي تتطلب استثمارًا إضافيًا قدره 20 مليار درهم، ويُعتبر التنسيق بين القطاعات المختلفة تحديا كبيرا في هذا السياق، إذ أن عدم التنسيق بين الوزارات المعنية يؤثر سلبا على فعالية البرامج والمشاريع المائية والطاقية، مما يستلزم ضرورة تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وفي إطار تعزيز الوعي العام، يُعتبر تحسين ثقافة الحفاظ على الموارد الطبيعية أمرا حيويا، حيث يتطلب الأمر جهودا حثيثة لزيادة الوعي حول أهمية الترشيد في استهلاك الطاقة والماء. تشير الدراسات إلى أن 60 في المائة من المغاربة لا يمتلكون المعرفة الكافية حول كيفية ترشيد استهلاك المياه والطاقة، مما يُظهر الحاجة الماسة لتكثيف الحملات التوعوية، وبالتالي فإن تفعيل هذه الجهود سيساهم في تعزيز الانخراط المجتمعي، ودعم الحكومة في تحقيق أهدافها الطموحة.
وفي المجمل، تواجه الحكومة تحديات مالية، ولوجستية كبيرة تتعلق بتوفير الطاقة والماء، تتطلب استجابة سريعة وفعالة لمواجهة هذه القضايا الحيوية وضمان استدامة الموارد الطبيعية في المستقبل. فالنجاح في التغلب على هذه التحديات سيُعتبر مؤشرًا على فعالية الحكومة في تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة حياة المواطنين.
مستويات مقلقة من نسبة البطالة:
مأبرز نقاط ضعف الحكومة، حسب التقرير، ملف التشغيل، حيث يسجل المغرب مستويات مقلقة من نسبة البطالة، إذ وصلت هذه النسبة إلى 13.7 في المائة كرقم قياسي، مما يثير مخاوف كبيرة بشأن القدرة على توفير فرص الشغل للشباب، بالإضافة إلى ذلك، يواجه المغرب تحديا آخر يتمثل في تزايد أعداد الشباب الذين لا يعملون ولا يتلقون التعليم أو التدريب (NEET) الذين بلغوا ازيد من مليون ونصف، مما يعكس فشل المنظومة في تلبية احتياجات فئة حيوية من المجتمع.
وفي ظل توالي الأزمات الاقتصادية الدولية والجفاف الذي أثر بشكل كبير على الأنشطة الاقتصادية، وخاصة في القطاع الفلاحي ، فقد انخفض عدد مناصب الشغل في المجال القروي بأكثر من 160 ألف منصب، مما يزيد من حدة أزمة البطالة، وبناءً على هذه المعطيات، تبرز ضرورة اشتغال الحكومة على التحول الاقتصادي نحو الاعتماد على الصناعة، مما يتطلب بلورة برامج إرادية جديدة للتشغيل تستجيب فعليا للإشكاليات التي يواجهها سوق الشغل، كما يتعين كذلك على الحكومة تطوير استراتيجيات تتضمن تحفيز الاستثمارات في القطاعات الصناعية والخدمية، وتعزيز التكوين المهني وتوفير الدعم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث أن هذه الخطوات ستكون ضرورية لخلق فرص العمل المستدامة وتحسين الأوضاع الاقتصادية للشباب المغربي، والتغلب على أزمة البطالة يتطلب أيضا تنسيقًا فعالً بين مختلف القطاعات الحكومية والقطاع الخاص، لضمان خلق بيئة مواتية للنمو والتشغيل، وهو ما يُعتبر من أبرز التحديات المطروحة أمام الحكومة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.
في الحاجة إلى بيئة قانونية مستقرة وشفافة لاستقطاب الاستثمارات:
تمثل القوانين الاجتماعية عوامل حاسمة في تعزيز مناخ الأعمال، وتحقيق العدالة الاجتماعية في المغرب، حيث تعتبر قضايا مثل قانون الإضراب، وتعديل مدونة الشغل، وتنظيم عمل النقابات من الملفات الحيوية التي تعكس التزام الحكومة بتحسين ظروف العمل، وتعزيز حقوق العمال، ورغم تضمين هذه القضايا في اتفاق الحوار الاجتماعي، فإن الحكومة لم تُحرز تقدما ملموسا في معالجتها، مما يُثير تساؤلات حول قدرة الحكومة على تنفيذ هذه الالتزامات.
وأشار التقرير إلى أن المغرب يسعى حاليا إلى قلب معادلة الاستثمار بحيث تُصبح الثلثين من الاستثمارات خاصة، بينما يُخصص الثلث فقط للاستثمارات العامة، وهذا التحول يتطلب بيئة قانونية مستقرة وشفافة تشجع على استقطاب الاستثمارات الخاصة وتعزيز الثقة بين المستثمرين والحكومة، وبالتالي، يصبح تطوير القوانين الاجتماعية ضرورة ملحة لضمان حقوق جميع الأطراف المعنية، سواء من العمال، أو أصحاب العمل.
إضافةً إلى ذلك، يبرز ضرورة تطوير برامج تأهيلية وتدريبية تساهم في رفع مستوى كفاءة العمال، حيث يواجه سوق العمل تحديات جديدة مثل التحول الرقمي والتغيرات التكنولوجية السريعة. إن دعم التكوين المهني وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص سيكون له تأثير إيجابي على خلق فرص العمل وتعزيز الاستقرار الاجتماعي.
وفي المجمل، يتضح أن معالجة القضايا الاجتماعية والتقدم في التشريعات ذات الصلة تُعتبر من التحديات الرئيسية التي تواجه حكومة أخنوش، والتي تتطلب استجابة سريعة وفعالة لضمان تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية في البلاد، فالنجاح في تحقيق هذه الأهداف سيكون له أثر إيجابي على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، مما يعزز من قدرة الحكومة على مواجهة التحديات المستقبلية.
احتقان اجتماعي أمام تزايد المطالب الاجتماعية:
حالة احتقان اجتماعي غير مسبوقة تعيشها الحكومة في مختلف القطاعات، حيث تعكس هذه الأوضاع الصعبة تزايد المطالب الاجتماعية من قبل المواطنين نحو زيادة الأجور، وتحسين مستوى الدخل، والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، وهو ما يضع الحكومة حسب التقرير ذاته أمام تحديات كبيرة، إذ تتطلب الاستجابة لها زيادة في الميزانيات المخصصة للبرامج الاجتماعية، مما يرفع من مخاطر الالتزامات المالية للحكومة.
ويُضاف إلى هذه التحديات، بحسب التقرير تأثير ارتفاع الأسعار ومستويات التضخم على القدرة الشرائية للمواطنين.
وشهد المغرب خلال الفترة الأخيرة زيادة ملحوظة في الأسعار، لا سيما في المواد الغذائية والطاقة، مما أثر سلبا على حياة الأسر المغربية. إذ يُعتبر التضخم أحد العوامل الرئيسية التي تُضعف القوة الشرائية، مما يجعل من الصعب على المواطنين تلبية احتياجاتهم الأساسية، وبهذا، يصبح تحقيق الاستقرار الاجتماعي أمرا بالغ الأهمية لضمان تمكين المغاربة من شروط حياة كريمة، كما أبرز التقرير أن ذلك يتطلب تبني سياسات اقتصادية فعالة تتضمن إصلاحات هيكلية تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، كما ينبغي للحكومة أن تعمل على تحسين الظروف المعيشية للفئات الأكثر هشاشة، بما في ذلك الفئات العاملة في القطاعات غير المهيكلة.
بالتالي، يجب على الحكومة أن تُظهر جدية في التعامل مع هذه التحديات، وأن تتبنى مقاربات شاملة تتضمن إشراك جميع الفاعلين الاجتماعيين، بما في ذلك النقابات والهيئات المدنية، من أجل تحقيق التوازن بين مطالب المواطنين وقدرة الدولة على الاستجابة لها، فالنجاح في هذا المجال سيكون له تأثيرات إيجابية على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المغرب، مما يعزز من ثقة المواطنين ويحقق أهداف التنمية المستدامة