المنعطف 24- عبد اللطيف بوجملة
تعيش كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان العمومية على إيقاع أزمة غير مسبوقة بسبب الإضرابات المتواصلة للطلبة منذ ستة أشهر، نظموا خلالها وقفات احتجاجية و مسيرة وطنية بالرغم من ان لجنتهم الوطنية عبرت عن انفتاحها على الحوار و على أي مبادرة للحكومة لطي الملف. و حسب اللجنة نفسها فان الوزارة استجابت ل 45 مطلبا من أصل 50 مطلبا تقدم بها الطلبة، فيما يعتبر الطلبة ذلك غير كاف، و يتهمون الوزارة بإهمال الأساسي و المحوري في هذه المطالب، نظير تقليص سنوات التكوين و معضلة توسيع أراضي التدريب الاستشفائي، و دون الزيادة في التعويضات و فتح كليات الطب بالشكل الذي هو غير معهود، ونظير المشاكل التي يعاني منها الطلبة في السلك الثالث لكليات الطب.
و لإلقاء الضوء على هذه الوضعية غير المسبوقة اتصلنا بالبروفيسور رؤوف العبدلاوي معن النائب البرلماني باسم حزب جبهة القوى الديمقراطية، و كان لنا معه حديث صحافي أكد فيه أن طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان العمومية يخوضون إضرابا مفتوحا منذ ستة أشهر، حيث تمت مقاطعة التداريب الاستشفائية والدروس النظرية و التطبيقية. و في رايه، و بما ان الإضراب حق مشروع يضمنه الدستور المغربي، فإن الحكومة انفتحت على الحوار مع الطلبة و عقدت عدة اجتماعات لإيجاد حلول عملية وآنية ومستقبلية لمطالب الطلبة واستجابت لتسعين في المائة منها، مؤكدا انه تم الاتفاق، في الاجتماع الأخير، على وقف الإضراب و استئناف الدراسة مع تأجيل الامتحانات إلى سبتمبر 2024 لتفادي سنة بيضاء.
وبخصوص دور البرلمان المغربي في هذا الملف الشائك، أكد البروفيسور رؤوف العبدلاوي معن أن البرلمان قد ناقش مع وزير التعليم العالي و البحث العلمي و الابتكار، مطالب الطلبة الرافضة لتخفيض سنوات التكوين من سبع سنوات إلى ست سنوات، و تبين أن اللجان البيداغوجية التابعة لكليات الطب العمومية سهرت بعد جهد كبير و باحترافية و مسؤولية على وضع برنامج دراسي متكامل يمكن بعد ست سنوات من الدراسة من تخرج أطباء أكفاء.
وقدم المتحدث مجموعة من الأرقام الصادمة نظير حجم حاجة المغرب من الأطباء و التي تبلغ 30 ألف طبيب لإصلاح المنظومة الصحية، غير انه لا يتخرج إلا 3000طبيب سنويا بالإضافة إلى قرابة 600 طبيب يهاجرون سنويا، و هو بون شاسع بين القائم و الحاجة تزيد استفحاله هجرة الأطباء، و قد النائب البرلماني مثالا على ذلك، إذ لوحدها تشغل فرنسا 7000 طبيب مغربي، يزاولون المهنة و تخرجوا من كليات الطب العمومية.
و ارجع المتحدث سبب ذلك إلى جودة التكوين الطبي بالمغرب المشهود لها وطنيا و دوليا، بحيث لا يجد الطبيب المغربي أية صعوبة للاشتغال بالخارج، لأن الطب نتعلمه و نزاوله قرب سرير المريض أو عندما نقوم بدراسة تخصص ما، يقول البروفيسور رؤوف العبدلاوي، كما طالب بمزيد من الحس الوطني و الانخراط الجماعي لإنجاح المشروع الملكي للحماية الاجتماعية الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس لإصلاح المنظومة الصحية، حيث تم تعميم التأمين الإجباري على المرض ليشمل كل المغاربة، كما تم أحداث الهيئة العليا للصحة، و بموجبه ستلغي الوكالة الوطنية للتأمين الصحي(لَنَامْ)، و هي الهيئة التي ستضطلع بدور أساسي لضمان حق المغاربة من الولوج إلى العلاج و الإعفاء من مصاريف التطبيب، و ذلك بالحفاظ على التوازنات المالية لصناديق التأمين.
من جانب أخر ابرز النائب البرلماني أن البرلمان المغربي كان قد قام بالتصويت بالإجماع على القوانين التي جاء بها وزير الصحة و الحماية الاجتماعية البروفيسور خالد ايت الطالب، وهي الترسانة التي ستمكن، في رأيه، من إحداث عدالة مجالية في القطاع الصحي، كما ستصون كرامة الطبيب والممرض و كافة العاملين بالقطاع مستدلا بمقتضيات القانون 09.22 في هذا الشأن.