حسن عين الجياة
في هذه الفسحة الرمضانية، نقربكم أكثر من الجوانب الخفية في المُنجزات الفنية، ونضعكم أمام مواقف غاية في الطرافة والغرابة والخطورة، حدثت مع ممثلين مغاربة فوق خشبة المسرح وداخل استوديوهات التصوير.. أحدهم هو: الفنان بنعيسى الجيراري.
من المواقف التي لن ينساها الفنان بنعيسى الجيراري، تلك التي وجد نفسه فيها محاصرا داخل مستشفى للأمراض العقلية عام 2005. في البدء كان بنعيسى بصدد تشخيص دور رجل معتوه في فيلم “طريق لعيالات” للكاتب يوسف فاضل والمخرجة فريدة بورقية، ولكي يتقمص الدور جيدا، جالت بخاطره فكرة أن يراقب عن قربأسلوب رجل أحمق وكيف يتعامل مع الأشياء، حتى يكون للدور مصداقية عند المتلقي. لذلك توجه فورا إلى مستشفى الرازي بسلا المتخصص في معالجة الأمراض النفسية والعقلية والاضطرابات. لكنه في الطريق زار شقيقه في الرباط، وترك عنده سترته دون أن يدري أن في أحد جيوبها محفظته التي تضم الأوراق التي تثبت هويته.
دخل الجيراري المستشفى من الباب دون أن ينتبه إليه أحد، اللهم ممرضتان تعرفتا عليه.. وأثناء تجواله، صادف طابورا وتوقف عنده، قبل أن يتقدم نحوه شرطي، مستفسرا إياه عن سبب وجوده في المستشفى، أو في الجناح الخاص بالمساجين المصابين بأمراض عقلية.. وحين تكتم الجيراري عن سبب مجيئه للمستشفى، تم ضبطه ونقله إلى الإدارة. هناك، اعتقد الموظفون أنه أحد المرضى، خاصة وأن الحارس العام للمستشفى فال له “وجهك ماغريبش عليا.. واش فايت ناعس عندنا هنا؟”، فيما ظن آخرون أنه تسلل من أجل تنفيذ مهمة لفائدة سجين ما.. وأمام تطويقه بالأسئلة، خشي الجيراري أنه إذا ما كشف عن هويته، سيطالبه الموظفون والحارس العام ببطاقة التعريف التي نسيها في سترته أثناء زيارته لشقيقه في الرباط، ومن ثمة سيقتقدون أنه مجنون فعلا، وبالتالي، إخضاعه لعلاج ما.. آنذاك أخبرهم أنه باحث جامعي جاء من أجل بحث حول المستشفيات.. وهنا (كبرات القضية) وتحلق حوله الناس. وفي اللحظة التي تقرر إدخاله إلى إحدى الغرف، شقت الممرضتان اللتان تعرفتا عليه عند الباب، وفي طنهما أن الناس يتحلقون حول الجيراري لالتقاط صور معه، فانضمتا إليهم وهما تخاطبانه “الفنان ديالنا”.. ساعتها ضرب الحارس العام جبهته وقال له: “أو لا لا.. كنقول فين شفتك.. وغير قول ليا ممثل ومن وصلوش لهاذ الشي.. راه غير لبارح وأنا كنتفرج فيك في مسلسل سرب لحمام..”. تنفس الجيراري الصعداء، وغادر فورا المستشفى، رغم أن الحارس العام، اقترح أن يرافقه حتى يقوم بجولة والوقوف عند حالات بعينها.