بقلم: عبد الرضي لمقدم.
بعد أن قتل الآلاف، وجرح الآلاف، وشرد مئات الآلاف من الفلسطينيين، ودمرت المنازل وجرفت الحقول والبساتين، ولم تسلم المستشفيات وحتى تلك التابعة للأونوروا من الهجمات المدمرة أرضا وجوا التي شنتها الآلة العسكرية الإسرائيلية، (نجح) مجلس الأمن الدولي في إصدار قرار حضي بتأييد 14 عضوا مقابل امتناع عضو واحد “يطالب بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان” الذي بدأ قبل أسبوعين، على أن “يؤدي الى وقف دائم لإطلاق النار”، و”يطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن”.
وما يدعو إلى الريبة والاستغراب أن الولايات المتحدة لم تستعمل هذه المرة حق النقض ضد القرار وامتنعت عن التصويت، بعدما عطلت محاولات سابقة لإصدار قرار عبر اللجوء الى حق النقض (الفيتو)، ليكون أول قرار لوقف إطلاق النار يعتمده المجلس بعد أربع إخفاقات سابقة، وهو ما يعني أن إسرائييل بدورها ترغب في وقف إطلاق النار بعد أن أصبح مستقبل نتانياهو في كف عفريت.
العملية الإرهابية التي ضربت موسكو وأودت بعشرات القتلى في قاعة للحفلات، هي الأخرى ألقت بضلالها على ما يجري في غزة، بحيث ساد تخوف كبير لدى معظم دول الغرب والولايات المتحدة من عودة قوية لحركة “داعش” لضرب مصالحهم مستغلة حالة اليأس والإحباط التي تسود مختلف دول العالم جراء عجز الدول العظمى عن إرغام إسرائيل عن التوقف عن عمليات الإبادة الممنهجة ضد فلسطينيي غزة، وهو ما يفسر عدم استعمال الفيتو الأمريكي ضد القرار الأممي، بالإضافة إلى تأييده من كافة دول الغرب.
حركة “حماس” رحبت بقرار مجلس الأمن الدولي اليوم الاثنين الذي يدعو لوقف فوري لإطلاق النار في غزة، مؤكدة استعدادها لبدء عملية تبادل تؤدي إلى إطلاق سراح الأسرى لدى الطرفين.
حيث قالت في بيان لها “ترحب حركة المقاومة الإسلامية، بدعوة مجلس الأمن الدولي اليوم لوقف فوري لإطلاق النار، ونؤكد على ضرورة الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار، يؤدي إلى انسحاب كافة القوات الصهيونية من قطاع غزة، وعودة النازحين إلى بيوتهم التي خرجوا منها.
وأضافت “نؤكد استعدادنا للانخراط في عملية تبادل للأسرى فوراً تؤدي إلى إطلاق سراح الأسرى لدى الطرفين.. وفي سياق نص القرار، نؤكّد على أهمية حرية حركة المواطنين الفلسطينيين ودخول كل الاحتياجات الإنسانية لجميع السكان، في جميع مناطق قطاع غزة، بما فيها المعدات الثقيلة لإزالة الركام، كي نتمكن من دفن شهدائنا الذين بقوا تحت الركام منذ شهور.”
وهنا لا بد من التساؤل أيضا حول الجدوى من عملية طوفان الأقصى، إذا كانت مطالب حماس هي العودة إلى ما كانت عليه الحالة قبل السابع من أكتوبر، بعد كل هذه التكاليف الباهضة بشريا، اقتصاديا، واجتماعيا وحتى سياسيا، هل كان لابد من التضحية بكل هذه الأعداد من القتلى والجرحى وكل الدمار الحاصل، للوصول في النهاية إلى انخفاض سقف الأهداف متمثلا في عودة الحالة إلى ما كانت عليه.