– المجتمع المدني له دور رقابي وهو أيضا قوة مُؤثرة تضغط من أجل التسريع بتفعيل المقتضيات الدستورية بشكل يضمن احترام التزامات المغرب وتعهداته الدولية
– حاورتها: أمال المنصوري
*هل في نظركم الشروط الضرورية متوفرة لتحقيق المناصفة؟هل الموارد البشرية النسائية مؤهلة للاستفادة من المناصفة و خصوصا في مراكز اتخاذ القرار؟
**في اعتقادنا في الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، ربط مسألة المناصفة بتوفر الشروط ومحاولة إرجاء تفعيل حق من الحقوق الدستورية، والذي يُعد وسيلة لتحقيق المساواة هو في حد ذاته مغالطة. ففقط ضمان تفعيل الحقوق والتمتع بها وليس إقرارها فحسب هو السبيل الوحيد لتغيير الأوضاع وضمان الحق.
الآن مع دستور 2011 القاضي بالمساواة بين الجنسين وحظر التمييز وضمان المناصفة، بل والتنصيص على إحداث هيئة خصصت لهذا الغرض وهي هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، لم يعد هنالك بد لإرجاء قضية المناصفة بإعطاء تأويلات وحصرها في مسألة السعي إلى المناصفة أحيانا، أو بالتخفي وراء ذرائع أحايين أخرى وربط المناصفة بتوفير الشروط والتشكيك في كفاءة النساء مما يعني غياب الإرادة السياسية والتهرب من مسؤولية الدولة في تفعيل المناصفة. إن دولة الحق والقانون تقتضي أن تكون هنالك معالجة لواقع التمييز، سواء المباشر منه أو غير المباشر، والذي يطال نصف المجتمع عبر وضع آليات وتدابير فعلية تُمكن من تخطي هذا الواقع وتضمن مواطنة النساء كما الرجال.
*هل تجاوزنا مرحلة الكوطا كبوابة للمساواة لننتقل إلى المناصفة؟
**نحن في الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب لا نعتبر أن آلية الكوطا والتي هي من بين التدابير الإيجابية المرحلية قد تم تجاوزها. إننا نعتبر أنه لم يتم بعد العمل بهذا التدبير الإيجابي في المغرب بشكل يُمكن فعلا من أدائه للغرض المتوخى منه، والذي هو تجاوز الهوة بين الجنسين وتدارك النقص في استفادة النساء من حقوق معينة والحد من التمييز الذي يعانين منه. إن تدبير اللائحة الإضافية الذي يتم العمل به حاليا في المغرب، هو الذي يمكن أن يكون متجاوزا حيث أنه فضلا عن كونه أثبت قصوره فهو لا يستجيب للمبادئ والشروط المعتمدة كونيا.
فالمعايير الدولية في المجال، وفقا للعديد من الدراسات قد أكدت أنه ينبغي على الأقل وضع سقف الثلث كحد أدنى للجنس الذي يعاني من التمييز، سواء كانوا رجالا أو نساء، للتمكن من تكوين كتلة حرجة ومؤثرة تعمل على كسر حاجز الزجاج وتضمن ولوج الجنس الذي لحقه حيف وتأثيره على المسار. وبالتالي ينبغي اتخاذ تدابير تف بالغرض منها وتضمن تصحيح الاختلالات لضمان ليس فقط المواطنة الكاملة للجنسين بل حتى استفادة البلد من طاقاته ومواطنيه نساء ورجالا وما يعني ذلك من تعزيز لمسار التنمية والديمقراطية في بلدنا
*أي دور للمجتمع المدني في تنزيل مقتضيات الدستور المتعلقة بالمناصفة ؟
**إن الدور المنوط بالمجتمع المدني يرتكز أساسا على الجانب الترافعي، فبالإضافة إلى كونه قوة اقتراحية نشيطة وفعالة، تدلي بمقترحاتها المبنية وفقا لمنهجية علمية من خلال دراسات وتحليلات عميقة، فهو أيضا قوة يقظة تتفاعل مع السياسات العمومية المتبعة ومع مشاريع ومقترحات القوانين من خلال قراءتها وتحليلها ونقدها نقدا بناء هدفه التطوير والاغناء. من هذا المنطلق فالمجتمع المدني له دور رقابي وهو أيضا قوة مُؤثرة تضغط من أجل التسريع بتفعيل المقتضيات الدستورية بشكل يضمن احترام التزامات المغرب وتعهداته الدولية. إن هذا العمل لا يمكن أن يتم إلا بالتتبع الدائم للسياسات العمومية للدولة والوقوف على مدى احترامها للحقوق الإنسانية للنساء ورفع التمييز المبني على الجنس وتكريس المساواة بين المواطنات والمواطنين.
وبالطبع هنا ينبغى التذكير والإشادة أيضا بالدور المحوري للصحافيات والصحافيين في الضغط من أجل التأثير وتحقيق التغيير المنشود أو في التحسيس والتوعية والتثقيف والتعبئة وذلك من خلال المواكبة المستمرة لعمل المجتمع المدني.
*هل في نظركم الهيئة الوطنية للمناصفة تمثل جميع الحساسيات النسائية الكفيلة بالسهر على تطبيق مبدأ المناصفة؟.
**نعتبر في الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب أن نجاح هيئة المناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز في اضطلاعها بمهامها مرتبط بتعيين فريق عمل دائم ومحدود مختص في قضايا المساواة والمناصفة، تتوفر فيه معايير الخبرة والكفاءة والنجاعة والاستقلالية التامة ويتمتع بصلاحيات تقريرية واسعة وليس اعتماد معيار التمثيلية وتمثيلية جميع الحساسيات الذي من شأنه أن يعطل عمل الهيئة ويمس باستقلاليتها وحيادها، ويحكم عليها بالفشل. إن الاحتكام في عمل الفريق ينبغي أن يكون فقط للمقتضيات الدستورية ولالتزامات المغرب أمام المنتظم الدولي ويضمن أنها تقوم بالأدوار المنوطة بها في مجال حماية الحقوق الإنسانية للنساء والنهوض بهاـ، دون أية اعتبارات إيديولويجية أو سياسوية.
( * ) رئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب