الوضع بالمخيمات ينبئ بالأسوأ في المقبل من الأيام
في بلاغ مؤرخ في بداية فبراير 2015، وموقع من جمعية نساء وحقوق بروما،وجهته إلى رئيسات ورؤساء الجمعيات والاتحادات والفيدراليات المغربية والصديقة، دعت الجميع إلى المشاركة في مبادرة “رسالة اليمامة البيضاء” التي تنظمها سنويا بمعية منظمة اليمامة البيضاء الفرنسية، والحركة الدولية لاستكمال الوحدة الترابية للمملكة المغربية، ورابطة الصحراويين المغاربة بأوروبا، والتي أقامتها هذه السنة بإيطاليا، ووصلت إلى البرلمان الإيطالي والفاتيكان بروما، بمناسبة اليوم العالمي للطفل الجندي، أو الطفل المسخر في النزاعات المسلحة.
وبهذه المناسبة ـ أضاف البلاغ ـ وتحت شعار” صرخة أطفال العالم إدانة وتنديد ضد الجرائم في حق أطفال مخيمات تندوف”، نظمت بشراكة جمعية الشروق للهجرة والتنمية بابريشيا ونواحيها،تظاهرة تتماشى مع خطابات جلالة الملك محمد السادس حفظه الله فيما يخص ضرورة دعم الديبلوماسية الموازية لفعاليات المجتمع المدني في قضية وحدتنا الترابية على مستوى المحافل الدولية !!
وقفة احتجاجية سلمية وديمقراطية ، الأولى من نوعها بالديار الإيطالية وأمام البرلمان الإيطالي تحسيسا بالوضعية اللاإنسانية التي يعيشها الأطفال المجندون في تندوف، وتنديدا واستنكارا بما يعانيه الأطفال الجنود في العالم عموما، وما ارتكبته ـ ومازالت ترتكبه ـ ميلشيات مرتزقة (البوليساريو ) من مجازر وجرائم في حق أطفال مخيمات تندوف الذين يختطفون من حضن أمهاتهم وعمرهم لا يتعدى ثمان سنوات، وهي في واقعها جرائم ضد الإنسانية، وبالمناسبة سلّمت رسائل استنكارية لمجلسي النواب والشيوخ الإيطاليين.
فقد نظمت الوقفة الاحتجاجية بساحة البرلمان الإيطالي، وأثث المشهد الاحتجاجي امرأتان تحملان صورة” توماس لوبانغا ديلو”، التي تتوسط صورتي” محمد عبد العزيز، وإبراهيم غالي”، الأول تم الحكم عليه بالمحكمة الجنائية الدولية ب 14 سنة سجنا لاستخدامه أطفالا جنودا بالكونغو، والثانيين على ما اقترفاه من جرائم حرب ضد الإنسانية، وفي حق أطفال أبرياء، ماتوا جراء صنعهم قنابل يدوية في تدريبات عسكرية، ولا تزال رفاتهم بالجزيرة الكوبية، يشهد عليها ضباط كوبيون، وآخرين دربهم القذافي صغارا في ليبيا، واستعان بهم كبارا مرتزقة ضد الشعب الليبي، دون إغفال من تدربوا بالجزائر، وأمريكا اللاتينية، ودول الاتحاد السوفياتي سابقا ولهذه الغاية، في هذه المحطة التي تعتبرها تاريخية وإنسانية، ببعد الدفاع عن حقوق الأطفال والإنسان بصفة عامة ،تم عرض فيلم وثائقي يشرح عملية التهجير القسري لأطفال مخيمات تندوف، مع شهادات حية لضحايا التهجير، ولضباط كوبيين أشرفوا على التكوين العسكري لهؤلاء الأطفال.
ونجحت التظاهرة وكانت نجمتها بامتياز خديجة قنصالة رئيسة جمعية نساء وحقوق بروما .والأطفال والنساء المغربيات والايطاليات اللواتي شاركن في التظاهرة
وفي نفس السياق،لا زالت الاحتجاجات هي العنوان السائد داخل مخيمات تندوف، إذ لا يلبث أن يهدأ أو يستقر الوضع بمنطقة حتى يتأجج ويثور بمنطقة أخرى، حتى أصبحت المخيمات فضاء احتجاجيا بامتياز يعكس مدى السخط الجماهيري لساكنة الصحراويين، وتنامي وعيهم حول ضرورة السعي لتغيير الوضع الذي فرضته قيادة مرتزقة (البوليساريو ) بالقوة والعنف.
الاحتجاجات والمظاهرات والاعتصامات صارت السمة السائدة بالمخيمات، وأصبحت تهدد مختلف مناحي الحياة بمخيمات هي بحد ذاتها تشكل تهديدا حقيقيا على ساكنتها نتيجة الظروف المأساوية والمزرية التي تطبعها، والتي ساهمت إلى حد كبير في خلق نوع من التمرد على الواقع لدى غالبية سكانها، زاد من حدته اكتشافهم شيئا فشيئا لحجم المؤامرة التي تستهدفهم من قبل قيادة مرتزقة (البوليساريو) التي لا تولي جهدا في سبيل إطالة معاناتهم داخل المخيمات، فضلا عن سعيها للاتجار بإنسانيتهم وبالمساعدات والمعونات الموجهة إليهم.
فبعد احتجاجات قبيلة لبيهات وأولاد دليم ولعورسيين، وبعد احتجاج السجناء والمعطوبين خلال قمع انتفاضة قبيلة لبيهات الأخيرة “مجموعة محمد عوبة” وتفاعل ساكنة المخيمات معها، لا زالت الاحتجاجات تنتقل كالنار في الهشيم، و آخر الاحتجاجات التي عرفتها المخيمات كانت على مستوى مستشفى مخيم أوسرد، الذي يشهد موجة من الغليان دشنها العاملون به تنديدا بالوضع الكارثي الذين يشتغلون فيه، وانعدام ابسط شروط السلامة وظروف الاشتغال الطبيعي، ورفعوا شعارات تطالب بكشف التلاعبات التي تمارس داخل المستشفى، منددين بالمحسوبية والزبونية التي تساهم في خلق أفضلية بين نزلائه، ومطالبين في الوقت ذاته بتحسين ظروف الإيواء للأطر الطبية.
كل المؤشرات تدل على أن الوضع بالمخيمات ينبئ بالأسوأ في القابل من الأيام، خاصة مع وصول الاحتجاجات للقطاع الصحي الذي يعتبر من القطاعات الحيوية بالمخيمات نتيجة ارتباطه المباشر واليومي بساكنة المخيمات وبالبعثات الطبية الأجنبية التي تتقاطر على المخيمات على طول السنة لاعتبارات إنسانية تستغلها جبهة الوهم الجزائري (البوليساريو) لحث الصحراويين على البقاء بالمخيمات من أجل الاستفادة من التطبيب المجاني. وقد ظل القطاع الصحي بالمخيمات بعيدا كل البعد عن العلاقة بالاحتجاجات التي شهدتها المخيمات منذ نشأتها، بل على العكس كان في مراحل عديدة صمام الأمان ومعينا لقيادة مرتزقة (البوليساريو) للخروج من الأوضاع المتأزمة حين كان يساهم في تطبيب المصابين والمعطوبين من ضحايا الانتفاضات أو التعذيب أو مساعدته في التغطية على التدخل السيء لميليشيات المرتزقة (البوليساريو ) في حق المواطنين من خلال التكفل بالعمليات الجراحية الخطيرة في إطار صفقات النظام لإسكات المصابين بغية امتصاص غضبهم خوفا من المحاسبة أو الانفضاح أمام الرأي العام الدولي.
اليوم ومع وصول الاحتجاجات إلى القطاع الصحي، لم تعد قيادة مرتزقة (البوليساريو) تتوفر على صمام أمان يعينها على تجاوز أزماتها الداخلية، ولن تجد من ملجأ أمام توالي الأزمات سوى الاستعانة كما تعودت على ميليشياتها المسلحة التي لا تزيد بتدخلاتها الطين إلا بلة، ولن تسهم إلا في خلق مزيد من الإصرار والرغبة لدى الصحراويين لمواجهة قمع وجبروت قيادة متسلطة آن أوان زوالها.
عبد الرحيم باريج